بدأت بوادر حرب المواقع بين الإسلاميين والجناح المعتدل والليبرالي في ليبيا تهدد البلاد لا سيما وأن المد الإسلامي بزعامة عبد الحكيم بلحاج أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المقاتلة قبل عشرين سنة أصبح اليوم الحاكم العسكري للعاصمة طرابلس بصفته “الفاتح” لها. ويجد بلحاج معارضة شديدة داخل طرابلس من طرف الذين لا يرونه كفءا لتولي منصب الحاكم العام لطرابلس لكن رئيس المجلس الانتقالي أعطاه كامل الصلاحيات لذلك، إلى درجة أن هدد محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي في مؤتمر صحافي أنه لن يشارك في الحكومة الليبية المقبلة. ويواجه جبريل الذي كان بمثابة رئيس الوزراء ويعتبر من التيار الليبرالي، معارضة من التيار الاسلامي في المجلس الانتقالي. وتحمل هذه الخطوة في طياتها مخاوف من صراع على السلطة بين تيارات مختلفة أبرزها الاسلامي والليبرالي. وبعد أسابيع من حملة المعارضة التي يقودها التيار الإسلامي ضد رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي، أعلن جبريل في مؤتمر صحافي سبقته إشاعات حول نيته تقديم استقالته، أنه لن يكون جزءا من الحكومة الليبية المقبلة. وقد أجهز “علي الصلابي” القيادي الاسلامي السابق من قطر أن محمود جبريل يتحرك بأجندة غربية ويوالي باريس إلى حد المبايعة للرئيس ساركوزي. يحدث هذا في حين يواجه الثوار صعوبات ميدانية جمة ويبقى الموالون للقذافي يسيطرون على مواقع كثيرة ويبقى القذافي يصول ويجول في ليبيا ولا أحد يعرف كيف، فميدانيا تراجع مقاتلو المجلس الانتقالي في سرت بضعة كيلومترات بعد معارك ضارية وفي بني وليد يواجه مقاتلو المجلس الانتقالي مقاومة شرسة ولم يتقدموا منذ أيام في انتظار تلقي الأمر بشن الهجوم، ويرى السياسي وحيد برشان وهو رئيس المجلس المحلي لمنطقة غريان ومقرب من الاسلاميين أن التيار الاسلامي استطاع بالفعل أن يبعد جبريل، وعلى المجلس الانتقالي أن يقود المرحلة المقبلة ويعيد تشكيل نفسه ليمثل ليبيا بالكامل. ولطالما كرر رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل أن الليبيين لن يقبلوا بالحركات المتطرفة، لا من اليمين ولا من اليسار، معلنا أن الاسلام سيشكل المصدر الرئيسي للتشريع في الدولة الجديدة. وينظر بعض الاسلاميين إلى جبريل على أنه شخصية إقصائية ويشككون في قدرته على قيادة المرحلة الحالية، متهمين إياه أيضا بالفساد وبتمكين أقربائه وأصدقائه من مفاصل الحكم. ويرى آخرون أن جبريل ساهم في خلق تجاذبات جهوية في الساحة السياسية انعكس سلبا على القاعدة الشعبية والثوار. وسبق أن تأجل الاعلان عن تشكيل حكومة انتقالية جديدة في البلاد بسبب خلافات في وجهات النظر