أزيد من خمس سنوات تمر على المجزرة التي راحت ضحيتها عائلة بأكملها بولاية الجلفة، دون أن تتضح الأسباب الحقيقة التي جعلت الجناة يبيدون طفلتين ووالديهما فيما نجا رضيع يبلغ من العمر ستة أشهر في مجزرة على شاكلة ما اقترفه الإرهاب الهمجي خلال العشرية السوداء، غير أن سكان حي بوتريفيس لم يصدقوا إلى يومنا أن الجريمة كانت بسبب مبلغ 200 مليون سنتيم. يوم كسائر الأيام، عامل متجر يقع وسط مدينة الجلفة ينتظرون رب عملهم إلا أنه تأخر عن الالتحاق بالمتجر على غير عادته، انتظروا لساعات ولكن دون جدوى، عندها قرّر عمال التوجّه لمنزل مالك المتجر ليستفسروا عن الأمر. وصل العمال إلى المنزل وطرقوا الباب مطولا لكن دون جدوى، فانتابتهم شكوك فإتّصلوا بأحد أفراد العائلة، الذين كسروا الباب وفوجئوا بجثة الضحية "ك.ح" 37 سنة في مدخل البيت العائلي غارقا في دمائه بعد أن تلقى ضربات قاتلة على مستوى الرأس، وسمعوا بكاء الرضيع فهرولوا إلى الطابق العلوي، أين عثروا على جثتي البنتين رشا صاحبة الأربع سنوات وأماني ست سنوات مطعونتين على مستوى البطن بآلة حادة، أما الأم 30 سنة فوجدت مذبوحة. ليتم إخطار مصالح الأمن التي تنقلت على الفور إلى مسرح الجريمة مرفوقة بمصالح الحماية المدنية. في حدود الساعة التاسعة صباحا تم تطويق المنزل الذي عرف توافد عدد كبير من أقارب العائلة الجيران وكل من يعرفهم وكان أمام الطبيب الشرعي وعناصر فرقة تحقيق الشخصية عمل كبير في مسرح الجريمة، قبل أن يتم إخراج جثث الضحايا من المنزل وتحويلهم إلى مستشفى الجلفة. الجريمة تهز الرأي العام الجريمة كان لها وقع كبير على سكان الحي بل وكل الولاية وكان على المحققين الإسراع بتحديد هوية الجناة وتوقيفهم. فتحت مصالح الشرطة القضائية بأمن ولاية الجلفة تحقيقا معمقا أشرف عليه وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بالجلفة، وتبيّن من التحريات الأولية أن الوالد تلقى ضربة مطرقة وعدة طعنات خنجر، قبل أن يقوم الجناة بذبح زوجته وقتل البنتان بعد تعرضت إحداهما لحروق خطيرة، ليقوموا بسرقة مبلغ مقدر ب120 مليون سنتيم، ومجوهرات بقيمة 100 مليون سنتيم، ولوحظ في المنزل كتابة على الحائط لتضليل مصالح الأمن بأن العملية إرهابية. كتابة في الحائط .. رأس الخيط حامت شكوك المحققين حول أشخاص من أقارب الضحية فالجناة، وحسب التحقيق يعرفون المنزل وما يحتويه كما أنهم يكنون حقدا دفينا للعائلة. شكّلت الكتابة الحائطية رأس الخيط لفك لغز الجريمة الشنعاء، وطلب المحققون من كل المقرّبين من العائلة كتابتهم بأيديهم وتطابقت الكتابة مع خط ابن أخت الضحية وهو ما جعل الشرطة توقفه على الفور ليتم استجوابه حتى اعترف بالجريمة ودل على شريكيه، منهم صديق حميم لرب العائلة الضحية وتربطهما علاقة نسب ،الأخير اعترف للضبطية القضائية أنه زار الضحية في بيته قبل الوقائع لتناول كأس من الشاي معه وقام بدّس كمية من الكيف في السجائر ليفقده قوته ويسهل الاعتداء عليه، مؤكدا تورط ابن أخ الضحية وابن أخته اللذان طرقا الباب وبعد أن قام الضحية بفتحه فاجأه ابن أخته بضربه بمطرقة كبيرة على رأسه وأضافا له ضربات بطعنات في الكلية والرقبة. وهنا فاجأتهم الزوجة بنزولها من السلم ليتم ذبحها وصعد الجميع للبحث عن كل ما هو ثمين، أمّا عن البنتين فبرر الجاني قلتهما لأنها تعرفان أفراد العصابة. أدوات الجريمة مخبّأة في محل للحلويات دل الجاني مصالح الأمن على مكان إخفاء أداوت الجريمة والمسروقات داخل محل لصناعة الحلويات، وهناك وجد المحققون المطرقة والخنجر إلى جانب المسروقات. أغلق المحققون ملف القضية بإحالة أربعة متهمين على محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجلفة.
وخلال جلسة المحاكمة التي جرت أطورها في محكمة الجنايات بتاريخ 21 مارس من سنة 2013، اعترف الجاني وبكل برودة أعصاب بالجرم فيما أنكر باقي المتهمين تورطهم في الجريمة ولانعدام الأدلة الكافية برأ أقارب الضحية فيما أدين المتهم الرئيسي بعقوبة الإعدام، وأكدت مصادر أن القضية رفعت إلى المحكمة العليا بعد تسجيل طعون في الأحكام.