كثيرا ما تتداخل أعراض بعض الأمراض التي تخص الجهاز الهضمي مما يضع بعض الأطباء في حيرة بشأن تحديد الحالة ومن ثم تحديد العلاج، ومن هذه الأمراض «البواسير» التي يجد الكثيرون حرجا في زيارة الطبيب بسببها والاعتماد على الوصفات التقليدية التي لا تجدي نفعا في الكثير من الأحيان، لأن التشخيص الفردي قد يكون خاطئا، خاصة وأنها تتداخل في أعراضها مع «الشرخ الشرجي» و»الناصور الشرجي». وبغرض معرفة أعراض كل مرض وطريقة علاجه، اتجهنا إلى عيادة الدكتور «مراد ميزاقار» أخصائي في أمراض الجهاز الهضمي بجسر قسنطينة والذي حاول توضيح بعض النقاط التي قد لا يعلمها القارئ . ما هي البواسير وما أعراضها؟ البواسير هي عبارة عن صعوبة في الإخراج، وسببها هو احتقان في الأوردة التي تتمددا حيث يعتبر هذا الاحتقان السبب الأساسي للمرض ويكون على مراحل قبل أن تتأزم الحالة إلى نزيف دموي حاد، وعادة البواسير لا تصيب الشباب والأطفال بكثرة وإنما تصيب الأشخاص في النصف الثاني من الثلاثينات والأربعينات، لأن الأوردة عادة ما تستغرق مدة في التمدد إلى أن تصبح خارج القناة الشرجية. ما هي أهم الطرق المتبعة في العلاج؟ يتدرج العلاج من الحقن إلى الاستئصال، حيث يتم العلاج عن طريق الحقن الذي يتم بنفس المواد التي تحقن بها الدوالي إلا أن البواسير تعاود الظهور من جديد للعديد من المرضى. أما أولى عمليات استئصال البواسير تسمى ب»هيلنغن مورغن» نسبة إلى أول طبيبين قاما بها، فهذه العملية تعتمد على استئصال الأوردة الممددة ورفعها عن القناة الشرجية، ثم وضع القطن أو قطعة من الشاش في القناة الشرجية مما يسبب آلاما حادة للمريض، لكون الغشاء المخاطي غير مغطى بالجلد، هذا ما يجعل الناس تخاف وترفض إجراء هذه العملية، إلا إذا وصلت إلى مرحلة متقدمة. كما يوجد علاج آخر للبواسير بأشعة الليزر، وهو عبارة عن شعاع يستخدم من أجل تبخير وكي البواسير والوريد الخارج عن القناة الشرجية ويستخدم في المرحلة الأولى والثانية من المرض لكون الوريد إذا ما تمدد إلى طول معين وفي مرحلة معينة لا يمكن استخدام الليزر للعلاج، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة التبخير ليشرع في الكي الذي يتم عن طريق أجهزة متطورة ويساعد على استئصال البواسير. كما أن الأشعة تحت الحمراء ظهرت كطريقة في علاج البواسير منذ الثمانينات وكانت تعتمد على تبريدها في درجات حرارة تحت الصفر أو تبخيرها بالأشعة تحت الحمراء . هل هذه الطرق فعالة مائة بالمائة؟ كل هذه الطرق قد لا تقضي على البواسير بشكل كلي فتعود للظهور بنسبة كبيرة ومع آلام حادة. كيف تتعاملون مع الحالات المرضية المتقدمة؟ في حال تكون البواسير ضخمة وتسبب نزيفا دمويا حادا من القناة الشرجية، هنا يحتاج المريض إلى تدبيس القناة الشرجية وذلك عن طريق آلة تستخدم في استئصال البواسير، حيث تعمل هذه الآلة على غلق الغشاء المخاطي دفعة واحدة. ما مدى فعاليتها؟ نتائج هذه العملية تكون فعالة مقارنة مع طرق أخرى في العلاج من حيث التقليل في عودة ظهور البواسير مع ألم قليل جدا خلال فترة النقاهة وهي لا تتطلب وضع قطن أو قطعة من الشاش في القناة هل هناك أمراض تتداخل أعراضها مع البواسير؟ هناك أعراض لحالات أخرى تتداخل مع البواسير وهي الشرخ الشرجي وأيضا الناصور الشرجي، فبخصوص الشرخ الشرجي فهو يختلف تماما عن البواسير وإن تداخل معه في الأعراض وهو عبارة عن شرخ أي شق موجود في الغشاء المخاطي للقناة الشرجية أو قطع في جدار القناة، ويسبب ألما في الشرج عندما يلامسه البراز وهذا الشرخ يؤدي إلى عدم القدرة على الإخراج ويسبب آلاما حادة نتيجة التهاب العضلة الموجودة تحت الشرج. قلت أن أعراض البواسير تتداخل مع الشرخ الشرجي، فكيف يتم علاج هذا الأخير؟ يتدرج العلاج بدءا من الكريمات والمراهم المعروفة بالكريمات الباسطة للعضلات لما تكون الحالة في بدايتها أيضا بعد أن تتطور، وبسط العضلات يساعد على إزالة الألم من جهة والالتهاب من جهة ثانية، كما يمكن أخذ مضادات الالتهاب أو المضادات الحيوية وأحيانا تكون طريقة العلاج هذه شافية لبعض الحالات بنسبة 80 بالمئة، أما 20 بالمئة من الحالات الباقية، فيمكن أن لا يجدي فيها العلاج بالمراهم نفعا لكون الشرخ كبير في منطقة العضلات، والمريض يعاني من حالة انقباض مزمن أو لكونه يعاني حالة إمساك حاد، هنا نلجأ لعملية جراحية للشرخ الشرجي ويكون هدفها إزالة هذا الشرخ عن طريق غلقه، وإذا زاد ارتخاء العضلة تكون العملية الجراحية هي الحل الوحيد بغرض إزالة بعض الألياف منها. كما تتداخل أعراض البواسير والشرخ الشرجي التي تظهر غالبا أعراضها على شكل ونزيف دموي أو آلام حادة مع ما يسمى «بالناصور الشرجي» والذي تكون أعراضه الأساسية في الغالب حدوث «سلس البراز»، أي عدم القدرة على التحكم في الإخراج ويحتاج أيضا إلى عملية. هذا و يؤكد الدكتور ميزاغار أن الطبيب هو الوحيد الذي بإمكانه تحديد الحالة انطلاقا من الأعراض ومن ثم تحديد الطريقة المثلى للعلاج الجيد.