أوضح براهيمي الهاشمي النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر أن التعديل الأخير الذي طرأ على قانون الإجراءات الجزائية يهدف إلى تخفيف الإجراءات القضائية والتقليل من المنازعات والحماية وطالب النائب العام بالعاصمة من قضاة التحقيق والحكم ووكلاء الجمهورية " تغيير الذهنيات" من أجل التجاوب مع الإجراءات الجديدة التي سنها المشرّع الجزائري. جاء ذلك خلال ترأسّه أمس دورة تكوينية لفائدة القضاة ووكلاء الجمهورية والنواب العامين بحضور مراد سيد أحمد نائب مدير القضاء الجزائي المتخصص بوزارة العدل ، جون فليبيري النائب العام بمحكمة ليون وستانمايك قاضي محكمة النقض الفرنسية وشرح النائب العام بمحكمة ليون خلال تدخّله مهام النواب العامين الفرنسيين من خلال التنسيق مع مصالح الأمن والمعالجة الأنية لمختلف القضايا وإعطاء أوامر الإيداع رهن الحبس أو إحالة الملفات على قاضي التحقيق . كما أكد فليبيري أن القاضي يجب أن يكون مؤهل للتعاطي مع الملف القضائي من جهة واحترام حرية المتهم من جهة أخرى مع الأخذ بعين الإعتبار خطورة الجريمة ،إجراءات التلبّس و التحقيق الشخصي عن المتهم . وقدم المتدخلان شروحات وافية حول اجراءات المثول الفوري للمتهم أمام قاضي الحكم بموجب إجراءات التلبّس كإجراء ضروري لتبسيط إجراءات المحاكمة في قضايا الجنح المتلبس بها والتي لا تقتضي إجراء تحقيق قضائي، حيث وبعد توقيف المتهم في حالة تلبس بإرتكاب جريمة يتم تقديمه أمام وكيل الجمهورية ليحال فورا أمام قاضي الحكم ،ويكون للأخير صلاحية وضع المتهم رهن الحبس المؤقت أو تحت الرقابة القضائية أو حتى إطلاق سراحه يأتي ذلك في وقت عرفت فيه محاكم ابتدائية في جزائر حالة من الفوضى منذ انطلاق تطبيق الإجراء الجديد الشهر الفارط ما خلق ضغطا كبيرا على القضاة بظهور ملفات جديدة في الجلسة غير مبرمجة وفي السياق يضيف النائب العام لدى محكمة ليون " القاضي يكون مطّلع على الملف في القضايا المبرمجة، أما في اجراءات المثول الفوري فمهمته لن تكون سهلة لأنه غير مطّلع على الملف حيث يمكن لمصالح الأمن أن تقدم متهم موقوف في أي وقت،لذا يجب أن تكون الملفات المبرمجة في حدود المعقول ". وأعطى النائب العام المجال لتدخل النواب العامين ورؤساء المجالس بكل من قالمة ،معسكر ،وهران وتنمراست لطرح إستفساراتهم بخصوص تطبيق إجراءات المثول الفوري عن طريق تقنية الإتصال عن بعد. ويعطي قانون الإجراءات الجزائية صلاحيات لقضاة الحكم من خلال تفعيل ما يعرف بالمثول الفوري كبديل عن أمر الإيداع المخول للنيابة العامة ، وهو الإجراء الذي دخل حيّز التنفيذ الشهر الفارط بعدما صادق أعضاء المجلس الشعبي الوطني بالأغلبية على مشروع القانون المتضمن الأحكام الجديدة المقترحة ضمن مشروع الأمر المعدل و المتمم للأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية قدّم شروحات للتعاطي مع الصحافة المتخصّصة في المحاكم النائب العام بمحكمة ليون يدعو للتفعيل التكوين الإتصالي قدّم جون فليبيري نائب العام لدى محكمة ليون بفرنسا مداخلة تتعلق بالجانب الإتصالي للوكلاء الجمهورية والنواب العامين خصوصا ما تعلق بالقضايا التي تثير الرأي العام وذلك من أجل توضيح الأمور ، تدارك الأخطاء وتفادي تشويه الحقائق عبر وسائل الإعلام،داعيا إلى احترام سرية التحقيق من جهة وإعطاء المواطن حقه في المعلومة الصحيحة من جهة أخرى . يضيف المتحدث " هناك قضاة لهم علاقة بالصحافة ويمكن أن يسرّبوا لهم معلومات ،كما يمكن أن يتحّصلوا عليها من مصادر أخرى على غرار الشرطة ،الدرك ،الضحايا والشهود ما قد يؤثر على سيرورة التحقيق "، مبرزا علاقة القضاء بالصحافة في فرنسا وعملهم على تزويد الإعلام بالمعلومات في الوقت المناسب، من خلال الندوات الصحفية التي تعقد بعد توجيه الدعاوى لوسائل الإعلام ،إجراء مقابلات في الصحافة المكتوبة التلفزيونية والمسموعة ، أو من خلال البيانات الصحفية مع ممارسة حق الرّد يضيف النائب العام لدى محكمة ليون "علاقة النائب العام بالصحافة تنطلق يوم تعيينه، كما عليه أن يعرف الصحفيين ويأخذ أرقام هواتفهم وعناوين البريد الإلكتروني ،كما يجب أن يزور أستدويهات التلفزيون، مع تسجيل حضور الصحافة المتخصصة في المحاكم بالجلسات، وتحديد قائمة محدّدة للقضاة يمكن استعمالها من قبل الصحفيين فضلا على نشر الأحكام النهائية من خلال توزيع قرارا الحكم على الصحفيين " من جهة أخرى دعا المتحدث إلى ضرورة إلتزام بالتحفّظ في بعض القضايا ولكن ذلك لا يمنع حسبه التعامل مع الإعلام مشيرا إلى ضرورة تكوين النواب العاميين في المجال الإتصالي. الإجراء دخل حيز التنفيذ 30 دقيقة أمام المحامي لزيارة موكله في مركز الشرطة ينّص القانون على ضرورة تبليغ النيابة العامة بكل مراكز الحجز ووضعها تحت مراقبة وكلاء الجمهورية الذين يمكنهم زيارتها للإطلاع على ظروف توقيف المتهم ،مع توسيع اختصاص المحاكم الجزائرية للنظر في بعض الجرائم المرتكبة خارج الإقليم الوطني من خلال منح صلاحيات للقضاء الجزائري في تمديد اختصاص التحقيق إلى دول أخرى في حالة كان المتهم أجنبيا وأضّر بأشخاص أو مصالح الدولة الجزائرية. وتضمّت الأحكام الجديدة تكريس الطابع الإستثنائي للحبس المؤقت، خاصة أن مسألة اللجوء إلى الحبس المؤقت أثارت لسنوات انتقادات لاذعة من قبل حقوقيين خصاة في أشهر قضايا الفساد التي قبع فيها المتهمون في السجن لمدة تزيد عن ستة سنوات من دون محاكمة. من منطلق قرينة البراءة التي تعّد مبدأ أساسيا في التقاضي، تم تقليص مدّة و حالات اللجوء للحبس المؤقت مع حصره في الجرائم المعاقب عنها بالحبس أكثر من ثلاث سنوات ، وهو ما يسمح بتقليص عدد أوامر الإيداع رهن الحبس المؤقت الصادرة عن النيابة العامة بخصوص الجنح البسيطة التي تعّج بها المحاكم يوميا على غرار استهلاك المخدرات وحمل سلاح أبيض،و-حسب التعديل الجديد - يبقى لقاضي التحقيق الحق في تمديد مدّة وضع المتهم في الحبس المؤقت وفقا لدرجة تقديره للوقائع وفي انتظار صدور نتائج التحقيق الذي طلبه قاضي التحقيق وفقا للتعديلات الأخيرة. تعزيز لنظام الرقابة القضائية تقليص الحبس المؤقت يعزّز بالمقابل تفعيل العمل بنظام الرقابة القضائية وهو الإجراء الذي يمنع المتهم في قضية ما من الخروج خارج الوطن إلى غاية استكمال التحقيق ،حيث يمضي مرة في الأسبوع على السجّل المخصّص لذلك أمام محكمة الإختصاص "تفعيل دور النيابة العامة و استحداث آليات لتسيير الدعوى العمومية بطريقة أكثر نجاعة" واحدة من أهم المحاور التي ركّزت عليها التعديلات الأخيرة من أجل إعطاء مساحة أكبر للنيابة العامة بصفته الطرف المحرّك للدعوى العمومية ، على إعتبار أن الأخيرة تتحدث باسم المجتمع ومن واجبها أن تأتي بالأدلة الكافية لإثبات صحّة تورّط متهم في قضية محددة . ونصت التعديلات بخصوص مباشرة الدعوى القضائية في المادة 163 بأن" لا يتابع المتهم بجناية أو جنحة أو مخالفة إذا لم توجد الدلائل الكافية ضده"، كما يكون من صلاحيات النيابة العامة مراقبة ظروف توقيف المتهمين في مراكز الشرطة . من جهة أخرى ،أثار الشق الخاص ب "تعزيز حقوق الشخص المشتبه فيه أثناء التوقيف للنظر" موجة من التعليقات ، بعدما فُهم على أن القانون يضمن حق المحامي في الحضور إلى جانب المتهم عقب توقيفه بمركز الشرطة ما أثار ارتياح الكثيرين ،ولكن وفي المقابل حضور المحامي منذ الوهلة الأولى يشكل حجر عثرة أمام سيرورة التحقيقات في مراكز الشرطة وفقا لما يقتضيه القانون . إعتنت التعديلات الأخيرة بمسألة بحماية الشهود والضحايا وحتى الخبراء فالمركز القانوني للشاهد و تقدّمه لتقديم شهادته أمام العدالة يتطلب توفر الحماية القانونية خاصة أن كثير من الجرائم كان عليها شهود، إلا أنهم يرفضون تقديم إفادتتهم خوفا من تعقّد إجراءات المتابعة واستدعاءهم عديد المرات أمام العدالة من جهة ،والإنتقام من جهة ثانية. ونفس الضغط يتعرّض له الخبراء الذين يقدّمون تقارير في جرائم اقتصادية مالية وحتى خبرات عقلية ،أما الضحية فبات يغيب في يومنا خلال جلسة المحاكمة خوفا من غريمه أو إنتقام ذويه في حالة صدور حكم ضد المتهم ما يؤدي إلى تأجيل جلسات المحاكمة. ولتفادي ذلك أقرّت المادة 65 مكرر 20 باتخاذ تدابير غير إجرائية لحماية الشاهد والخبير من خلال "إخفاء المعلومات الخاصة بهويته، مع وضع رقم هاتفي خاص تحت تصرّفه وتمكينه من نقطة اتصال لدى مصالح الأمن وضمان حماية جسدية له ويمكن توسعيها على عائلته إضافة إلى وضع أجهزة تقنية وقائية بمسكنه في حالة استدعى الأمر ذلك" ، مع "إمكانية الاستعانة بوسائل الإعلام لتوجيه نداء للشهود". كما راعت التعديلات تبسيط إجراءات الطعن بالنقض ما من شأنه التقليل من المدة التي تقضيها الملفات القضائية على مستوى المحكمة العليا قبل أن تعاد برمجتها للفصل فيها.