كشفت جلسة محاكمة تسعة مضيفين سابقين بالخطوط الجوية الجزائرية أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر أن المؤسسة المذكورة كانت تشتبه في نشاط مضيفين ضمن شبكة إجرامية منظمة تعمل على استيراد المخدرات من دول افريقية خلال الفترة بين 2008 و2011، وذلك قبل انطلاق التحريات الأمنية، ما جعلها تتحاشى إدراج أسماء بعضهم في رحلات لتلك الدول . وتبين من ذات الجلسة التي تستمر لأكثر من يوم أن مضيفين كانوا يزاولون مهامهم داخل الطائرة تحت تأثير الكوكايين. باشرت أمس محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة إجراءات محاكمة 20 متهما 13 منهم موجودون رهن الحبس المؤقت على رأسهم تسعة مضيفي طيران بالخطوط الجوية الجزائرية وسبعة متهمين غير موقوفين وعاد الملف القضائي الذي هزّ الخطوط الجوية الجزائرية إلى محكمة الجنايات بتشكيلة قضائية جديدة بعد قبول المحكمة العليا الطعون المقدمة في الملف الذي سبق الفصل فيه في ديسمبر من سنة 2013. واستجوب قاضي الجلسة المتهمين بخصوص تهم المتاجرة بالمخدرات في إطار جماعة إجرامية منظمة. ابن إطار بالجوية الجزائرية يكشف المستور وقدّم المتهم "ح.يوسف" مضيف طيران بالخطوط الجوية الجزائرية منذ سنة 2008 وابن رئيس بمصلحة الملاحة بذات المؤسسة اعترافات متسلسلة بخصوص تورّطه في شبكة إجرامية منظمة لإستيراد المخدرات من نوع كوكايين من مدينة باماكو المالية إلى الجزائر عبر مختلف الرحلات، مؤكدا أنه وخلال سنة 2010 قصده المدعو "ف .عبد النور" مضيف طيران، وطلب منه نقل مبلغ 275 أورو إلى مالي لفائدة المدعو "ابراهيم"، وفي رحلة العودة جلب معه كيسا به أربعة كبسولات كوكايين، وتلقى مقابلها مبلغ 42 ألف دينار، وهو ما جعل المدعو "ف .عبد النور" يعرض عليه مساعدته بغرض تحويل مختلف رحلاته إلى باماكو كونه على علاقة وطيدة بمسؤولين بالخطوط الجوية. وفي عملية ثانية تم تحويل المتهم "ح.يوسف" من رحلة ميامي إلى مالي، وليلة مغاردته أرض الوطن تسلّم مبلغ 6400 اورو، لجلب كمية من المخدرات مقابل عمولة بقيمة 100 ألف دينار. مضيف طيران يتعرّض للتهديد داخل المؤسسة العقابية وفي سياق اعترفاته أمام قاضي محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة اعترف "ح .يوسف " بتورّط مضيفي طيران في جلب المخدرات من مدينة باماكو ويتعلق الأمر بكل من" ل.ح .منير" قريب المخرج لخضر حمينا، "س .شكيب" و"ج .عبد الله" المعروف في الوسط الفني ب "رضا سيكا". وأكّد المتهم الأول خلال سماعه تعرّضه لتهديدات داخل المؤسسة العقابية من قبل المدعو "س .شكيب"،"ف.الطيب" و"ف . عبد النور" للتراجع عن اعترافاته. وكشفت جلسة المحاكمة نشاط عدد من المضيفين في نقل المخدرات في علب الهدايا التي تحوي العسل والأدوية مقابل 1000 أورو عن كل عملية نقل، حيث تضاربت التصريحات، والاتهامات. من جهته، أوضح "ح.منير" أن "ف.عبد النور" اتصل به وطلب رقم المضيف "ح.يوسف" لأسباب يجهلها، كما اعترف بتعاطي مخدّر الكوكايين رفقة المدعو "س.شكيب" حيث اقتنوا ثلاثة غرامات من المدعو "ابراهيم باماكو" مقابل 100 أورو في فندق بمالي، مضيفا أنه تسلم من"ف.عبد النور" مبلغ 700 أورو لجلب 20 غراما من المخدرات مقابل عمولة 20 ألف دينار، مشيرا أنه يتعاطى المخدرات رفقة "ح.ل.منير"، "ح.يوسف" و"س.محمد شكيب" . وبخصوص المموّل الرئيسي بمالي المدعو ابراهيم قال أنه ينشط في تجارة الفواكه والصناعات التقليدية. للإشارة فإن التحقيق أكد أن المكنى "ابراهيم باماكو" قدم إلى الجزائر، أين تم استقباله من قبل بعض المتهمين. وعن نفس الوقائع، فنّد "س.محمد شكيب" مضيف طيران معرفته ب"ح.منير" مؤكدا أن معرفته ب"ف .عبد النور" سطحية، منكرا جلب 30 غراما من الكوكايين لفائدة الأخير. مضيفون يصرّون على العمل في رحلات نحو دول إفريقية وبرّر ذات المتهم اعتراضه على عدم برمجته من قبل مسؤولي الجوية الجزائرية في رحلات لدول إفريقية برغبته في الراحة من سفريات متعبة، وسبق لنفس المتهم أن اعترف أمام قاضي التحقيق أن إدارة المؤسسة استبعدته بعد شكوك في نشاط شبكة لإستيراد المخدرات. وكذّب "س . محمد شكيب" ما جاء على لسان "ل .ح. منير" في كونه يجلب المخدرات لصالح "ف. عبد النور" أو حيازته على ميزان في منزله لوزن الكوكايين، كما أنكر معرفته برضا سيكا بعدما سبق أن ذكر اسمه في قائمة المتهمين. السهرات الليلية تفضح صفقات الكوكايين وتبيّن من أسئلة القاضية أن المتهم "س.محمد شكيب" و"ل.ح.منير" كانا يتحدثان عن مختلف عمليات استيراد المخدرات من مالي خلال سهراتهما في الملاهي الليلية ما جعل "ف.عبد النور " يفقد الثقة فيهما. كما استمعت هيئة المحكمة ل"ل.ح.منير" المكّنى ماحي هو مضيف سابق بخطوط الخليفة للطيران قبل أن يتم تحويله إلى الخطوط الجوية الجزائرية سنة 2006، الأخير تراجع عن تصريحاته السابقة والتي جاء فيها أنه وفي سنة 2009 وخلال تواجده في مطار هواري بومدين قصده "ف.عبد النور" وطلب منه جلب المخدرات،واعترف أن كل من رضا سيكا،"طاهر.ا.و"، و"ب .محمد" يعملون على جلب المخدرات من نفس البلد. بدوره أنكر "ب.محمد" رئيس طاقم علاقته بالقضية واعترف أن"ف.منير" طلب منه جلب مادة ممنوعة ولكنه رفض الأمر. الممول الرئيسي للشبكة يدخل الجزائر واستمعت القاضية خلال الجلسة المسائية ل"ج.محمد رضا" مغني الفلامينكو المعروف برضا سيكا، مضيف طائرة منذ 1999 اعترف بالإستهلاك، منكرا علاقته بالمتاجرة أو النقل مقابل عمولة، كما كذّب تصريحات باقي المتهمين التي تفيد أنه يجلب حقائب بها مخدرات أو استهلاك الكوكايين قبل الصعود إلى الطائرة، وعن المكّنى "ابراهيم باماكو"، أكد انه يعرفه معرفة سطحية وإلتقاه في مأدبة غذاء في القصبة، مشيرا أن ما جاء في تصريحاته الأولى كان" تحت الضغط".
للتذكير فإن الإطاحة بالشبكة التي تنشط بالجزائر،فرنسا وإسبانيا، جاء بعد ورود معلومات مؤكدة إلى مصالح الأمن والإستعلامات سنة 2010، تم على إثرها توقيف مضيف طيران وبحوزته 200 غرام من الكوكايين بصدد تهريبها من مالي إلى الجزائر، وفي إطار اجراءات التحقيق أوقف 20 متهما أغلبهم من مضيفي طيران وموظفا شرطة، فيما لا يزال اثنان في حالة فرار.