الوقفة الحازمة من قبل السلطات الكندية أجبرت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية على التراجع عن خبرها أن منفذ الهجوم الذي استهدف أحد المساجد في مقاطعة "كيبيك" الكندية مغربي، رغم أن السلطات في كندا قالت إنه كندي من أصول فرنسية وهو مسيحي لديه أفكار يمينية متطرفة، الأخبار كانت مضللة ولعبت على سياسات الهوية، وإطالتها أمد الخوف والانقسام بين المجتمع الكندي كما ذكرت المتحدثة الرسمية وأشارت إلى أن وصم المسلمين بالإرهاب، بينما هم الضحايا الأبرز للاعتداءات الإرهابيّة حول العالم، لا ينمّ فقط عن جهل، إنّما عن عدم مسؤولية، الحادث البشع في كيبيك جاء بعد الموقف المتميز من قبل رئيس الوزراء الكندى، جاستين ترودو، التي أكدت فيه أن الكنديين يرحبون بكل الفارين من الاضطهاد والإرهاب والحرب بغض النظر عن عقيدتهم رداً على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق دخول مواطني ست دول عربية إلى جانب إيران. عولمة التطرف والإرهاب أصبحت سرطانا بات من الصعب محاصرته والقضاء عليه، فالهجوم على مسجد كيبيك قابله في نفس التوقيت الهجوم من قبل شاب عربي ومسلم في باريس على متحف اللوفر باستخدام سكين طويل، وجرائم الكراهية قائمتها طويلة وهي تدل على ارتفاع وتيرة هذه الممارسات والسلوكيات التي لها حظورة وتسيطر على عدد ليس صغيرا من الوعي لأفراد وجماعات وأحزاب، ولها هيمنة وانتشار في وسائل الإعلام ومناهج التعليم ومؤسسات الدولة، وتنعكس في المجال العام وفي الخطاب السياسي في الحملات الانتخابية للوصول إلى الرئاسة، كما حصل سابقا مع ترامب، وكما هو الحال مع اليمين المتطرف في أوروبا في ألمانيا وهولندا والنمسا وبولندا والتشيك، وتصريحات المرشحة للانتخابات الفرنسية القادمة مارين لوبان وموقفها من العرب والمسلمين كلامها عن بناء المساجد في أوروبا بأموال السعودية وقطر، وتهديد ذلك للأمن القومي، وسبق أن شبهت صلاة المسلمين في شوارع فرنسا ب"الاحتلال النازي". والخطابات التي تقف ضد التعددية وضد احترام الآخر وضد الديمقراطية. المواجهة صعبة بالتأكيد فهي تقابل منظومة معقدة ومتراكمة ومتشابكة من الإشكاليات السياسية والدينية والمذهبية والثقافية والمعرفية والاضطراب الاجتماعي والركود الاقتصادي داخليا وخارجيا محليا وإقليميا ودوليا، إن العزاء يكمن في التعلم من الكوارث والمصائب وما تسببه من صدمة وحزن ومآس كفيلة بأن تستفز الضمائر الإنسانية والعقول النيرة وتشجع على المراجعة والنقد والوقفة الصارمة في وجه الظلم والعدوان والتطرف والكراهية.