تفتقر بلدية الرويبة إحدى أغنى بلديات شرق العاصمة بدرجة ملفتة للانتباه لفضاءات الراحة من مساحات خضراء وحدائق عمومية, الأمر الذي بات يشكل في الآونة الأخيرة مصدر انزعاج واستياء كبيرين لأبناء المنطقة الذين رأوا في هذا النقص المسجل واقعا مريرا ينم على التجاهل واللامبالاة اللذان يطبعان موقف واهتمامات المسؤولين المحليين في الأمور المتعلقة بسياسة التهيئة العمرانية, مناشدين في ذات السياق السلطات المحلية الأخذ بمحمل الجد مطالبهم العديدة والمستمرة فيما يتعلق بالاهتمام بتوفير فضاءات الراحة, فضلا عن وضع حد للإهمال غير المبرر الذي يطال إحدى أهم الحدائق العمومية على مستوى العاصمة والتي تتخذ من قلب مدينة الرويبة موقعا لها, مشددين على السلطات المعنية الإسراع باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية الثروة الايكولوجية التي تتمتع بها الحديقة من الاندثار, ناهيك عن مطالبهم الملحة بشأن إيقاف زحف الأسمنت على مزيد من الفضاءات الخضراء. حديقة البلدية تحفتة طبيعية.. رهينة مشاريع مؤجلة تتوفر بلدية الرويبة على إحدى أعرق الحدائق العمومية بالعاصمة, والتي يعود تاريخ تشييدها إلى العهد الاستعماري, حيث تتخذ هذه الحديقة من وسط المدينة موقعا استراتيجيا لها, كما تتربع على مساحة لا تقل عن خمسة هكتارات, مصنفة بذلك كثاني أكبر حديقة عمومية فوق تراب العاصمة بعد حديقة التجارب التي تتخذ من الحامة محمية لها, هذا فضلا على مناطحتها للأخيرة من حيث الأهمية الايكولوجية التي تتمتع بها, إذ كانت تشكل حديقة الرويبة رئة المدينة بالنظر إلى ما تزخر به من أنواع نباتية نادرة وفصيلة أشجار متنوعة, فضلا عن طابعها الجمالي الذي أعطى صورة جذابة للمدينة في وقت مضى, زيادة إلى أنها كانت تمثل متنفسا حقيقيا لشباب المنطقة بتوفرها على ميدانين للتنس, لكن وفي مقابل ما سبق ذكره من مزايا وأهمية تتمتع بهما حديقة وسط بلدية الرويبة فإن المتجول بين أرجاء المدينة لا يكاد يسمع عن تواجدها نتيجة المصير الذي آلت إليه بسبب الإهمال لسنوات ونتيجة أعمال التخريب التي لحقت بها من جراء ذلك في ظل غياب تام لأعين المراقبة والصيانة من جانب السلطات المحلية. حيث تشهد حديقة الرويبة التي يزيد عمرها عن نصف القرن منذ زمن بعيد تدهورا متزايد للمرافق المتواجدة بها, والذي يرافقه اندثار مستمر ومحتمل لأنواع نباتية كانت تصنف بأنها نادرة نتيجة ما لحق بها من أعمال التخريب والعبث بمكوناتها, حيث تحول هذا الفضاء الأخضر مع مرور الزمن إلى وكر للمنحرفين والمدمنين على المشروبات الكحولية والحبوب المهلوسة, حيث أصبح أمر ممارسة كل أشكال الرذيلة والأفعال اللاأخلاقية مقرونا بموقع الحديقة. ومن جانب آخر, يرجع سكان المنطقة ممن تحدثوا إلى جريدة «السلام اليوم» السبب في الوضعية المزرية التي آلت إليها الحديقة بعدما كانت تمثل بالنسبة لهم في وقت مضى مصدر فخر واعتزاز إلى الإهمال الكبير من جانب السلطات المحلية التي أهملت الحديقة وتركتها عرضة لأعمال التخريب دون أن تتخذ الإجراءات الكفيلة بحمايتها على الأقل بعد ما تم غلقها في وجه أبناء المدينة, حيث لم يجد مسنوها غير جدران المساجد مكانا لالتقائهم وراحتهم في منظر أساء كثيرا لمكانة هذه الفئة الحساسة داخل المجتمع قبل أن يعطي مؤشرا قويا على فشل السياسات التنموية التي يرفعها المنتخبون المحليون في كل مرة –على حد قول محدثينا-, مضيفين بأن السلطات المحلية من خلال عجزها في إعادة الاعتبار لهذا الفضاء الأخضر الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ تكون قد فشلت في الاستجابة لمطلب ملح لسكان المنطقة, محملين في ذات السياق المسؤولين المحليين مسؤولية الفشل في إيجاد الصيغة المناسبة من أجل إطلاق المشروع المناسب لإعادة تهيئة الحديقة. من جانبها جريدة «السلام» حاولت استيضاح الأمور من طرف السلطات المعنية, حيث أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي المحلي « رزاق لاكروز» بأن مصالحه تفكر جديا لإعادة الاعتبار للحديقة وبالتالي تحقيق آمال سكان المنطقة في استغلالها, كاشفا بأن الملف الخاص بإعادة تهيئة الحديقة فوق طاولة المسؤول الأول على المقاطعة الإدارية للرويبة, وفي انتظار الرد الإيجابي من طرف مصالحه بخصوص المصادقة على الدراسة التي تم إعدادها من أجل ذلك, كما لم يخف محدثنا رأيه حول إمكانية عدم تحقيق المشروع على الواقع بسبب الرفض المستمر من طرف الوالي المنتدب لبعض بنود وتفاصيل الدراسة التي أعدتها البلدية بالتعاون مع مكتب دراسات خاص, حيث اعتبر ذات المسؤول الذي يحمل المنتخبين السابقين الذين تعاقبوا على الحكم بالبلدية مسؤولية تعثر وفشل مشاريع عديدة خاصة بتهيئة الحديقة أن موقف الوالي المنتدب الرافض غير موضوعي بسبب اعتراضه على تفاصيل هي من الواجب التركيز على تحقيقها لما للحديقة من أهمية وعراقة, من قبيل اقتراحه الاكتفاء بالتهيئة دون إضافة نباتات معينة أو إقامة ممرات بمداخل ومحيط الحديقة أو إقامة نافورة, وهي التفاصيل التي عرقلت مشروع تهيئة الحديقة الذي خصص له غلاف مالي قدر بحوالي خمسة عشر مليار سنتيم, كما تم دفع مبلغ مالي معتبر لمكتب الدراسات الذي أعد الدراسة السالفة الذكر والتي ذهبت أدراج الرياح كما يضيف محدثنا, حيث تجدر الإشارة إلى أن عمليات تهيئة مماثلة كانت قد انطلقت على مستوى الحديقة في فترات سابقة, لكنها لم تستمر لأسباب مختلفة, الأمر الذي أثار حفيظة العديد من مواطني البلدية الذين رأوا في إطلاق الأشغال وتوقفها لتعود إلى نقطة الصفر مدعاة لطرح تساؤلات حول تبذير المال العام وتحول الحديقة إلى حقل تجارب مشاريع المنتخبين الذين يتعاقبون على البلدية, وهو ما لمسناه خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى عين المكان, حيث عبر محدثونا عن تساؤلاتهم عن سبب توقف الأشغال لإنجاز حوض مائي بالحديقة بعد ما تم تهيئة المكان وانطلقت أعمال الحفر ليعود القائمون على الأشغال بتهديم كل ما قاموا به, هذا فضلا عن أمور أخرى كما يضيف محدثونا الذين يطالبون بتدخل الجهات الوصية في أقرب الآجال لوضع حد للتسيب الذي يطال الحديقة وثرواتها الطبيعية. زحف الإسمنت والمشاريع الهامشية تأكل المساحات الخضراء كما يشتكي سكان بلدية الرويبة من افتقادهم للعدد الكافي من المساحات الخضراء والحدائق العمومية التي تمكنهم من حقهم في الراحة من ضوضاء المدينة, حيث تعرف بعض الفضاءات المتبقية تقلصا مخيفا بسبب غزو الإسمنت لكثير منها. حيث عبر محدثونا عن انزعاجهم من تغييب بعض المساحات الخضراء عن طريق استغلالها في أمور أخرى, كما حدث مع المساحة الخضراء المجاورة لحديقة البلدية السالفة الذكر, أين تم استغلالها من قبل السلطات المحلية كموقف للسيارات وتم حرمان المواطنين من الولوج إليها, الأمر الذي أثار حفيظتهم. وفي السياق ذاته, عرفت الحديقة التي كانت تسمى «حديقة كاستور» الواقعة بحي «المتيجة» المصير ذاته بسبب إقدام المسؤولين المحليين على منح الترخيص بالبناء لفائدة أحد الخواص بغية استغلالها في تشييد عمارة بعدة طوابق, واضعين بذلك حدا للمساحة الخضراء المتاحة أمام سكان هذا الحي, حيث اعتبر محدثونا بأن الأمر بات مؤسفا جدا نتيجة إعطاء الأولوية لتشييد البنايات على حساب إزالة الفضاءات الخضراء. وفي هذا الشأن, أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي المحلي في إجابته عن تساؤل الجريدة عن سبب عدم اهتمام مصالحه بإقامة المساحات الخضراء والحدائق العمومية بأن بلدية الرويبة تعاني من نقص في الوعاء العقاري, الأمر الذي حرم ليس فقط من إنجاز مساحات خضراء فقط, بل عرقل حسبه مشاريع تنموية هامة ذات أولوية أكثر من مجرد إقامة حدائق ومساحات خضراء.