ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    العدوان الصهيوني على غزة : استمرار الإبادة الوحشية خصوصا في الشمال "إهانة للإنسانية وللقوانين الدولية"    مجلس الأمة: رئيس لجنة الشؤون الخارجية يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يسدي أوامر وتوجيهات لأعضاء الحكومة الجديدة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    "رواد الأعمال الشباب، رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    الخبير محمد الشريف ضروي : لقاء الجزائر بداية عهد جديد ضمن مسار وحراك سكان الريف    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    صهاينة باريس يتكالبون على الجزائر    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    عرقاب يستقبل وفدا عن الشبكة البرلمانية للشباب    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    ينظم يومي 10 و11 ديسمبر.. ملتقى المدونات اللغوية الحاسوبية ورقمنة الموروث الثقافي للحفاظ على الهوية الوطنية    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية        الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    إنقاذ امرأة سقطت في البحر    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    مباراة التأكيد للبجاويين    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    دعوى قضائية ضد كمال داود    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2011..سنة التحولات
من انتفاضة الزيت والسكر إلى موجة الإصلاحات السياسية
نشر في السلام اليوم يوم 30 - 12 - 2011

تميز العام 2011 بهزات سياسية ضربت استقرار معظم الأقطار العربية مخلفة حصيلة ثقيلة تكبدتها الأنظمة الحاكمة التي استفاقت في ظرف زمني وجيز على رؤساء خلف القضبان وآخرون لاجئون هنا وهناك، وشعوب تحتل ميادين وساحات عمومية مطالبة بالديمقراطية، سنة 2011 كانت وبالا على الرئيس المصري حسني مبارك الذي يحاكمه شعبه وهو طريح الفراش، ولم تكن سنة سعيدة على الرئيس زين العابدين بن علي الذي فر بجلده إلى السعودية بعد أن فهم شعبه، وحتى الرئيس اليمني الذي عمر طويلا في كرسيه تخلى عن السلطة لنائبه بعد ضغط من الجماهير، أما الزعيم الليبي معمر القذافي فلقي مصرعه على أيدي معارضيه في مشهد درامي، كل هذا نجم عن ما عرف بانتفاضات الربيع العربي، وبرز كتحصيل حاصل، صعود التيار الإسلامي إلى
الحكم في كل من مصر والمغرب وتونس هذا الوضع لم تكن الجزائر بمنأى عنه حيث استقبلت العام المنقضي باحتجاجات أعادت رسم مشهد أكتوبر 1988، وجعلت السلطة تهرول بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية لتجنب تكرار ما حدث في باقي البلدان العربية، فكان ما كان من تعديلات وزيادات وتدشين عهد جديد للنقل عبر الميترو بعد 30 سنة من الانتظار، وكان العام 2011 عاما للنكسات الرياضية في الجزائر، فالمنتخب الأول لكرة القدم خرج من تصفيات أمم إفريقيا 2012 خالية الوفاض، وتبعه المنتخب الأولمبي الذي لم يقتطع تأشيرة الألعاب الأولمبية في انجلترا وضيع الفرصة في آخر لحظة، وكان للثقافة في البلاد نصيبها، من خلال تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية، وعرف عودة المياه إلى مجاريها بين مثقفي مصر والجزائر من خلال مهرجان الفيلم العربي في وهران، تلكم هي أهم ما ميز سنة 2011، فماذا تخبئ سنة 2012 المقبلة في ظل عدم استقرار المنطقة، وبقاء التهديد الأمني بالساحل وليبيا قائما.
الوضع الأمني في الجزائر طبعته تفجيرات شرشال والقضاء على نجل بلحاج
انهيار القذافي يؤجج الإرهاب في الساحل وسط محاولات للتدخل الأجنبي
شهد الوضع الأمني في الجزائر خلال عام 2011 انحصارا محسوسا لنشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي تلقى عدة ضربات من أجهزة الأمن بالقضاء على عناصر مهمة، فيما اعتبر التفجير الإنتحاري الذي استهدف أكاديمية شرشال أهم عملية للتنظيم الإرهابي من حيث الصدى، في الوقت الذي توجهت الجهود نحو احتواء تنامي نفوذ القاعدة في منطقة الساحل على خلفية انهيار نظام القذافي وانتشار السلاح.
وكان أهم حدث أمني خلال السنة المنقضية في الجزائر من حيث صداه الإعلامي تبني تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف شهر أوت الماضي الأكاديمية العسكرية في شرشال، والذي أوقع 18 قتيلا على الأقل بينهم ضباط وعسكريون أجانب هي أول عملية تستهدف الأكاديمية.
بالموازاة مع ذلك تلقى التنظيم الإرهابي عدة ضربات من قوات الأمن المشتركة عبر عدة ولايات كان أبرزها القضاء على نجل الرجل الثاني في الفيس المحل عبد القهار بلحاج الصائفة الماضية بأحد مداخل العاصمة، حيث كشفت مصادر أمنية أن العملية جاءت في إطار التحريات حول سلسلة عمليات انتحارية كان التنظيم ينوي تنفيذها في العاصمة.
وفسر هذا التراجع في نشاط التنظيم على المستوى الداخلي بتضييق الخناق عليه فضلا عن تركيز فرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لنشاط في منطقة الساحل على خلفية انهيار نظام القدافي، والذي تسبب في انتشار غير مسبوق للسلاح في المنطقة من كل الأصناف وذكر خبراء أمنيون أن ألف صاروخ منها مضادة للطائرات اختفت بليبيا عقب سقوط النظام.
وتزامن هذا الوضع مع رجوع آلاف المقاتلين الطوارق الذين كانوا إلى جانب كتائب القذافي إلى شمال مالي مدججين بالسلاح مما عقد الوضع أكثر، في الوقت الذي تزايد مسلسل خطف السياح الأجانب بشكل زاد من الضغط الدولي على دول المنطقة لضبط الأمن في هذه المنطقة.
وتقود الجزائر تحالفا لدول الساحل يرفض لحد الآن التدخل الدولي في شؤون المنطقة عسكريا، حيث تطالب هذه الدول التي شكلت تكتلا في إطار مركز عمليات بتمنراست بدعم دولي لوجيستيكي وتجريم دفع الفدية للإرهابيين فقط، فيما تتولى جيوشها التنسيق الميداني لمواجهة القاعدة.
مراد.ب
امبراطوريات حاكمة تهاوت ومعارضة راديكالية تولت زمام السلطة
2011 مشهد “دراماتيكي” في العالم العربي
استهلت الجزائر سنة 2011 المنقضية بشتاء ساخن ألهبته احتجاجات الخامس جانفي، التي تباينت قراءتها بين من اعتبرها هبات رياح الثورات التي شهدتها عديد الأقطار العربية وبين من اعتبرها “نزلة” انسداد أصابت الجبهة الاجتماعية، لكنها قيمت -بإجماع المتتبعين للشأن الجزائري- الأحداث التي رسمت صورة المشهد السياسي الجزائري المتسم بمسارعة السلطات لإطلاق حزمة إصلاحات سياسية واقتصادية بشكل لم يكن متوقعا.
الأحداث المتسارعة في جزائر سنة 2011، كشفت عن صدمة كبيرة في دواليب السلطة التي لم تكن تتوقع انفجار موجة المطالبة بالتغيير، سيما وأن البلد لازال غارقا في إجراءات تجاوز الأزمة الأمنية الدامية، الأمر الذي دفع بأجهزة السلطة المختلفة بما فيها الجهاز التشريعي إلى اعتماد مبدأ التدرج في إصلاح الأوضاع السياسية للبلاد بنظام الجرعات، مخافة فلتان الوضع سيما في ظل ما شهدته باقي الأقطار العربية التي تهاوت فيها امبراطوريات حاكمة في مشهد دراماتيكي، تميز بوضع رؤساء خلف القضبان وتولي رموز المعارضة الراديكالية زمام السلطة في انتخابات لم يرق لها التشكيك والطعن في مصداقيتها.
الوضع “الهيستيري” الذي سكن السلطات سنة 2011 كان في نظر الكثيرين مرحلة تحول هامة في الممارسة السياسية للدولة التي اتجهت نحو مزيد من الانفتاح على بعض الفعاليات السياسية والاجتماعية، وإعطاء أدوار للهيئات الرقابية على رأسها البرلمان الذي سكن قبتيه (الغرفة الأولى والثانية) “حديث” مراقبة الحكومة ومطالبتها بتقديم حصيلة عملها، الإجراء الدستوري الذي ظل مسكوتا عنه لنحو عشريتين من الزمن.
كما كان لهذا الوضع تأثيرا في أدبيات ممارسة السلطة، بإرغام الأخيرة على تبني إصلاحات سياسية، مهما شابها من شكوك في جديتها كانت بمثابة تحول ديمقراطي أعاد الأمل للقطاع العريض من الفئات الشعبية والنخب المهمشة، التي بات لها نصيب في الساحة السياسية وهوامش الإعلام والحركة الجمعوية.
رياض.ب
بدأت باحتجاجات أعادت مشهد أكتوبر 88
سنة 2011 ...وصفة سياسية لتهدئة الجبهة الاجتماعية
أبرز ما يميز المشهد الجزائري العام 2011، الوضع المتفجر يوم 5 جانفي الذي شهدت فيه الجزائر احتجاجات أعادت إلى الأذهان أحداث الخامس أكتوبر 1988، وأجبرت السلطات على السعي لوضع تصور جديد للوضع السياسي لمرحلة ما بعد الأزمة الأمنية. وعجلت أحداث الخامس جانفي التي استغرقت 5 أيام دون انقطاع عبر جل ولايات القطر بقرارات الإصلاحات السياسية التي بدأت بها السلطات بإصدار مجلس الوزراء قرارا يقضي بفتح فضاء الإعلام الثقيل وعلى رأسها التلفزيون أمام الفعاليات الاجتماعية والسياسية، حيث بدأ المواطن يتابع في النشرات الرئيسية وبعض الحصص الإذاعية والتلفزية طرحا مغايرا لما تتحدث عنه السلطات، سيما في مجال الاهتمام بانشغالات المواطن الرئيسية وتشجيع التنمية المحلية.
الإفراج عن مزيد من الحريات الإعلامية، لم يفلح في إخماد نار الاحتجاجات التي ما فتئت تتوسع لتشمل المزيد من القطاعات، الوضع الذي أجبر السلطة على تطعيم الساحة بجرعات إصلاحات أفصح عنها رئيس الجمهورية في خطابه للأمة يوم 15 أفريل 2011 على وقع المسيرات التي دعت إليها ما عرفت بالتنسيقية الوطنية من أجل التغيير التي لعب فيها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية “الأرسيدي” لزعيمه سعيد سعدي دور المحرك والموجه، ما جعل فكرة التغيير من الشارع تضمحل بسبب نفور شرائح واسعة عن هذا المسعى. وجاءت لجنة المشاورات السياسية التي كلف بإدارتها الثلاثي محمد تواتي وبوغازي وبن صالح، فاستمعت إلى عدد كبير من رؤساء الأحزاب وممثلي جل الفعاليات الجمعوية والسياسية، إلا أن ذلك لم يرق لكسب رضا الطبقة السياسية التي أجمعت على أن هذه اللجنة هيئة استماع أكثر منها لجنة تشاور واتخاذ القرار، وهو ما اعترف به رئيس اللجنة ذاته، وأعطى الانطباع بأن مفاتيح الإصلاح السياسي الحقيقي بيد رئيس الجمهورية، الذي أثنى على ما توصل إليه المجلس الشعبي الوطني من قوانين تمت المصادقة عليها من طرف نواب أحزاب الأغلبية البرلمانية، دون أن يمنع ذلك الرئيس بوتفليقة للإشارة إلى حاجة الجزائر إلى المزيد من الحريات الديمقراطية لافتا إلى حاجة الجزائر لمؤسسات نيابية تحظى بالثقة الشعبية، وهو ما وجد فيه المحللون تأكيدا من رئيس الدولة على فقدان البرلمان الحالي للشرعية الشعبية المطلوبة.
رياض.ب
من احتجاجات الزيت والسكر إلى مطالب أخرى
الجزائريون انتفضوا اجتماعيا وأجبروا الحكومة على تقديم تنازلات
شهدت الجبهة الاجتماعية منذ بداية 2011، اندلاع موجة من الغضب الشعبي ذكته الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية عقب المصادقة على قانون المالية التكميلي، وكانت البداية باحتجاجات الزيت والسكر، ثم امتدت لفئات أخرى، وتعالت المطالب الاجتماعية والمهنية للنقابات العمالية، لم تخمد نارها إلا بعد خطاب الرئيس، وقرارات الثلاثية بإقرار زيادات في الأجور.
لم تمر سنة 2011 على الجزائر كباقي السنوات الفارطة، حيث شهدت البلاد منذ جانفي الماضي، حراكا شعبيا شكل ضغطا حقيقيا على الحكومة، وجاء ذلك في وقت عرف فيه العالم العربي اندلاع ما عرف بانتفاضات الربيع العربي بكل من تونس ومصر ثم ليبيا، لكن في الجزائر، كانت الانتفاضة اجتماعية بحتة وكانت شرارتها الأولى عقب مصادقة البرلمان على مشروع قانون المالية التكميلي الذي أقر زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية كالزيت والسكر، حيث اندلعت في الخامس من جانفي 2011، احتجاجات عنيفة في حي باب الوادي الشعبي بالعاصمة لتمتد إلى باقي ولايات الوطن، وكانت مطالب المحتجين اجتماعية بالدرجة الأولى، حيث طالب الشباب بتحسين ظروف المعيشة والشغل، وتخفيض أسعار المواد الأساسية، وسجلت صدامات بين قوات مكافحة الشغب والشباب الغاضب على قرارات الحكومة، هذه الأخيرة، سارعت إلى التراجع عن الزيادات في الأسعار وأكدت دعمها للمواد الاستهلاكية، كما سارعت مصالح أحمد أويحيى إلى اتخاذ خطوات وصفت بالارتجالية أحيانا، لصالح الشباب البطال، حيث أقرت تسهيلات للمستثمرين الشباب وصلت إلى حد تخفيض نسبة فوائد القروض إلى واحد في المائة، وقد فتحت احتجاجات الزيت والسكر، شهية فئات عمالية أخرى للمطالبة بتحسين وضعيتها، حيث شن عمال المنطقة الصناعية بالرويبة اعتصامات متوالية أجبرت الحكومة على تسجيل مطالبها وتدخل وزير القطاع، وشهد عام 2011 احتجاج أعوان الحرس البلدي لأول مرة بقلب العاصمة، وفتح ذلك شهية نقابات عمال التربية الذين دخلوا في حركات احتجاجية مراطونية جعلت الوزارة الأولى تلغي التسيير الأحادي لأموال الخدمات الاجتماعية، وتنظم انتخابات هي الأولى من نوعها في قطاع التربية، كما ساهمت نقابات القطاع من خلال مفاوضاتها المستمرة مع الوزارة الوصية، في تحقيق مكاسب كبيرة لعمال التربية لا سيما الزيادات في الرواتب، والتعديلات في المنح والعلاوات، وبروز حراك وسط أسلاك التربية الأخرى التي تشكلت ضمن نقابات للمطالبة بحقوقها.
الثلاثية تستجيب للضغط وتقر زيادات محتشمة
وسط مطالب اجتماعية كثيرة وحركات احتجاجية لم تكد تتوقف، كان لانعقاد لقاء الثلاثية الذي جمع المركزية النقابية بالحكومة وأرباب العمل، كبير الأثر في عودة الضغط الشعبي إلى الواجهة بعد توقف نسبي عقب خطاب رئيس الجمهورية غداة 15 أفريل، حيث تم رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون إلى 18 ألف دينار بعدما كان 15 ألف فقط، وفتحت هذه الزيادات الباب للمتقاعدين للمطالبة بالزيادة في المعاشات، وقد استجابت الحكومة لذلك بنسب متفاوتة خلقت تذمرا وسط الفئات الصغرى، حيث لم يحظ هؤلاء إلا بزيادات بين 3000 و5000 دج، بينما تراوحت نسب الزيادة للإطارات السامية بين 40 إلى 50 ألف دج.
احتجاجات في معظم الولايات نتيجة انقطاع التيار الكهربائي
لم تشهد السنوات القليلة الماضية احتجاجات على انقطاع التيار الكهربائي كما شهدته سنة 2011، ففي هذه السنة عرفت ولايات الشرق الجزائري والجنوب، موجة من الغضب الشعبي على مصالح سونلغاز بسبب الانقطاع المتكرر لكهرباء في عز حرارة الصيف، وعرفت معظم الولايات سقوط جرحى بسبب الصدام مع قوات مكافحة الشغب، وتسجيل ضحايا بسبب تعرض بعض المواد الاستهلاكية للتلف جراء انعدام الكهرباء.
الجزائريون يركبون الميترو والترامواي بعد 30 سنة من الانتظار
أهم ما ميز المشهد الجزائري سنة 2011، هو تدشين رئيس الجمهورية لميترو الجزائر بعد 30 سنة من الانتظار، ليعلن بذلك تغير خارطة وسائل النقل للجزائريين وخلصتهم من زحمة المرور، ولم يصدق معظم الجزائريين حقيقة خروج الميترو من النفق بعد طول انتظار، وما زاد من فك الخناق على العاصمة، دخول الترامواي الخدمة في شطره الأول الرابط بين برج الكيفان وباب الزوار بالعاصمة، في انتظار استكمال شطره الثاني المؤدي من شرق العاصمة إلى محطة الرويسو بشارع المعدومين بواد كنيس، هذه المشاريع يضاف إليها فتح الطريق السريع شرق غرب في شقه الرابط بين الأخضرية بالبويرة والأربعطاش ببومرداس، وهو ما فك الخناق بعض الشيء عن مستعملي الطريق الوطني رقم 5 الذي لا يزال يشهد زحمة مرورية بشكل يومي.
مصطفى.ح
سنة 2011 شهدت إعادة النظر في أهم قوانين الأزمة الأمنية
الرئيس بوتفليقة يدشن برنامج الإصلاحات برفع حالة الطوارئ بعد 19 سنة من سريانها
شهدت الجزائر خلال العام 2011 قرارا رئاسيا ظل لعدة سنوات مطلبا للطبقتين السياسية والحقوقية، حيث قرر الرئيس بوتفليقة مطلع شهر فيفري رفع حالة الطوارئ بعد 19 سنة من تطبيقها عقب إلغاء المسار الانتخابي عام 1992 ولقيت الخطوة ترحيبا دوليا ومحليا.
ودخل الأمر الرئاسي الخاص برفع حالة الطوارئ نهاية شهر فيفري حيز التطبيق بعد صدوره في الجريدة الرسمية. وأرفق الأمر الرئاسي أيضا بأمرين آخرين يتعلقان بدور الجيش الوطني الشعبي في حملة مكافحة الإرهاب وكذا تعديل قانون الإجراءات الجزائية في الجانب المتعلق بالأشخاص المتهمين في قضايا توصف بالإرهابية.
وفي هذا الإطار تم استثناء العاصمة من المظاهرات والمسيرات وأكد رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء الذي شهد إقرار رفع حالة الطوارىء، أن كل المدن مرخص فيها بالتظاهر ماعدا العاصمة لأسباب استثنائية تتعلق بالأمن العام، كما أكد فتح كل القاعات أمام الفعاليات السياسية لتنظيم تظاهرات مجانا.
من جهة أخرى تقرر وضع المتهمين في قضايا الإرهاب بعد تعديل قانون الإجراءات الجزائية تحت الحماية القضائية وكان مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب قد استفاد من هذا الإجراء مؤخرا حيث يوجد حاليا تحت الرقابة القضائية. وفي الوقت الذي لقي هذا القرار ترحيبا من دول غربية باعتباره خطوة مهمة حسبها في سياق الاستجابة لمطالب الشارع في الإصلاح، اعتبرته منظمات حقوقية وطنية ودولية غير كافٍ لإقرار دولة الحريات مطالبين بضرورة فتح مجال الحريات أكثر.
وكان رفع حالة الطوارىء في الجزائر والتي طبقت لمدة 19 سنة بمثابة نقطة انطلاقة لبرنامج إصلاحات أطلقه رئيس الجمهورية في خطاب شهر أفريل الماضي استجابة لمطالب الطبقة السياسية وكذا موجة الربيع العربي، ومازال هذا المسار متواصلا لحد الآن حيث تنتظر عدة مشاريع قوانين تزكية المجلس الدستوري للدخول حيز التطبيق.
مراد.ب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.