مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات التشريعية المنتظرة في النصف الأول من شهر ماي القادم، أخذت الأحزاب تبحث عن أفضل السبل لاستقطاب الوعاء النضالي المحسوب على حزب “الفيس” المحل، وتشير معلومات إلى تقدم كبير أحرزته قيادة حركة النهضة في استمالة عديد العناصر التائبة والمستفيدة من تدابير المصالحة الوطنية، بعد أن تلقى الحزب تطمينات بعدم التعرض لهؤلاء بالمنع من الترشح في القوائم الانتخابية. وأفادت مصادر مطلعة بالبيت النهضوي أن الحزب فتح أبوابه وقوائمه لكل فئات المجتمع، ولا مانع له من ترشح تائبين مستفيدين من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وبدأ المقر المركزي للنهضة يعرف إقبال أعدادا من التائبين الراغبين في دخول المعترك الانتخابي والقادمين من مختلف الولايات، بعد أن وجدوا ضالتهم في تشكيلة ربيعي لعدة أسباب، أهمها فراغ بيت النهضة من القواعد النضالية وتوفره أكثر على قيادات هي في واقع الأمر بحاجة إلى قواعد تلتف حولها، عكس الوضع السائد في تشكيلات حزبية أخرى ومنها جبهة العدالة والتنمية التي تزخر بمد شعبي لكنها تعاني من تأطير قيادي الذي يقتصر فقط على رئيسها عبد الله جاب الله، وجبهة التغيير الوطني لعبد المجيد مناصرة الذي يراهن على قواعد حركة “حمس” وروافدها في المجتمع المدني كجمعية الإرشاد والإصلاح والاتحاد العام الطلابي الحر الناشط بقوة في الجامعات. وكانت النهضة قد مارست أشد معارضة لقانون الانتخابات، الذي نص على منع ترشح أشخاص يشكلون خطرا على النظام العام، الأمر الذي فسرته النهضة على أن المقصود به هو منع قيادات إسلامية والعناصر المستفيدة من تدابير المصالحة، ولذلك ينتظر أن يتغير خطاب النهضة وتخفيض لهجة معارضته السلطة بعد اجتياز مرحلة إعداد القوائم الانتخابية وهي العملية المرجح بحسب متابعين أن تمر دون صدامات تذكر مع الإدارة. ويعد صاحب اتفاق الهدنة مدني مزراق من أكثر العناصر التائبة قربا للنهضة، كونه من الأوائل الذين كان ينشط في الحركات الإسلامية أيام “المرحلة السرية” وبالتحديد سنة 1987 وخروجه منها والتحاقه بالحزب المحل سنة 1991. إلا أن هاجس الفشل الذريع الذي منيت به في تشريعيات 2002 ، رغم ترشيحها وزراء على رأس قوائمها المدعومة ببقايا “الفيس” المحل وقت ذاك، يجعل من حركة ربيعي اليوم تقبل بحذر على التائبين، مخافة نفور المواطنين، الذين تكرست لديهم نظرة جديدة للعمل السياسي ومن يمثلهم في المجالس والهيئات المنتخبة، وهي القضية التي تشكل موضوع خلاف بين أعضاء المجلس الشوري المنقسمين بين مؤيد تأييدا مطلقا للاستنجاد بخدمات التائبين وبين متخوف من ذلك لأكثر من سبب ومبرر على رأسها عقاب الإدارة.