من المفروض أن لا يتم اعتبار الحي تابع للولاية رقم 16«، هي العبارة التي وصف بها أحد سكان حي «كازنوف» بمنطقة السمار التابعة لبلدية جسر قسنطينة الواقع المرير للحياة المزرية التي يكابدونها منذ حوالي عشريتين من الزمن داخل تجمعهم السكني دون أن تلتفت السلطات المحلية لمعاناتهم بتجسيد مشاريع التهيئة الحضرية الملحة، حيث أصبح الحي يشكل نقطة سوداء، عناوينها العريضة جحيم الطرقات شديدة الاهتراء ومستنقعات الأوحال السائدة والشوارع المسدودة طوال أيام السنة، إذ يتحمل تجار الجملة المنتشرون كالفطريات عبر أزقة وشوارع المنطقة القسم الأكبر من المسؤولية في تأزم الأوضاع بالحي. حيث يرجع الكثير من سكان حي «كازنوف» سبب مسلسل المشاكل اليومي الذي يتخبطون فيه إلى التجاوزات والمخالفات العديدة المرتكبة من قبل الباعة وتجار الجملة الناشطين بالمنطقة، بالنظر إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية لحيهم، كما هو الشأن بالنسبة للطرقات، فضلا عن تدهور الوضع البيئي بسبب عزوف أعوان النظافة عن دخول الحي لصعوبة الحركة بين شوارعه المسدودة. الطرقات المهترئة ومستنقعات الأوحال نصيب سكان الحي بالرغم من أن الزيارة الميدانية التي قادت يومية «السلام اليوم» إلى حي «كازنوف» كانت في يوم ميزه جو ربيعي، وتوقف لتهاطل الأمطار الموسمية منذ حوالي الأسبوعين، إلا أن الوضعية الكارثية للحي لم تكن تعكس الواقع بتاتا، وإذا كانت الحركة التجارية بمنطقة السمار تنطلق بحي «الحياة» الذي يحتضن عددا من محلات البيع بالجملة، فإن المتجول بين أرجائه يلحظ الطرق المعبدة والسلاسة في حركة المرور عكس المعاناة التي صادفتنا بمجرد دخولنا إلى حي «كازنوف» الذي يمتاز بالكثافة الكبيرة لمحلات البيع بالجملة التي تتنوع في تجارة المواد الغذائية المختلفة وقطع الغيار، حيث يغرق الحي في الأوحال ويعمه الطين، مما لا يدع مجالا للحركة دون الاستنجاد بالأحذية الشتوية، هذا فضلا عن الوضعية الكارثية التي تتواجد عليها طرقات الحي نتيجة الاهتراءات الكبيرة والانتشار الرهيب للمرتفعات والمنخفضات مما حول شوارع الحي إلى نقطة سوداء تنغص راحة المواطنين وتسبب في إحداث أضرار كبيرة بمركباتهم. وفي سياق ذي صلة، أثار التوقف المفاجئ لأشغال تهيئة طرقات الحي التي شرعت فيها السلطات المحلية منذ حوالي الثلاثة أشهر استياء وتذمر عميقين من طرف السكان، الذين رأوا فيه استخفافا ولامبالاة من جانب المسؤولين المحليين بمعاناتهم، متسائلين في ذات الشأن عن مستقبل المشروع. التوقف العشوائي لشاحنات الحمولة وسيارات الزبائن يخلق انسدادا بالشوارع تعرف شوارع حي «كازنوف» الذي يعج بالحركة فوضى عارمة وانسدادات في عديد مسالكها بسبب التصرفات والسلوكيات غير المسؤولة الصادرة من طرف أصحاب الشاحنات المحملة بالبضائع وحتى من بعض الزبائن، الأمر الذي يستدعي في كثير من الأحيان المصارعة من أجل التمكن من اجتياز الطريق، وبالرغم من أن أغلبية محلات البيع بالجملة يوم زيارتنا للحي كانت مغلقة بسبب مرور أعوان الرقابة، إلا أن الأمر لم يمنع من تسجيل تجاوزات بالجملة من طرف أصحاب شاحنات الوزن الثقيل وسيارات الزبائن المتوقفة بطريقة عشوائية ووسط الطرقات، فالمكان عبارة عن تجمع سكني يضم كثافة سكانية عالية، كما هو الشأن بالنسبة إلى الموقف المستفز الذي اصطدمنا به جراء التوقف الغريب لصاحب سيارة وسط الطريق، حيث لم يفسح الأخير الطريق بالرغم من التنبيهات المتكررة، وعند نزولنا للتحدث إليه تفاجأنا بأنه كان مسترخيا ويتبادل أطراف الحديث مع صديقه، الحادثة ذاتها تكررت مرة أخرى خلال نفس المشوار وبعد بضعة دقائق فقط، أين عجزنا عن دخول أحد الشوارع بسبب توقف شاحنة محملة بالبضائع وسط الطريق، الأمر الذي فرض علينا النزول من السيارة لمواصلة رحلتنا الاستطلاعية. وقد أعرب بعض سكان الحي ممن تحدثوا إلى الجريدة عن امتعاضهم الشديد مما يعايشونه يوميا من صعوبات ومشاكل يتسبب فيها أصحاب المحلات بأفعالهم المتجاهلة لتواجدهم، فارضين عليهم بذلك منطق التعايش مع الواقع الذي أرادوا رسمه لهم على حساب راحتهم وسلامتهم، وهو ما عبرت عليه إحدى القاطنات بالحي بقولها على السلطات المحلية أن تقرر إن كان الحي ملكا للسكان أو لمحلات البيع بالجملة، وبعبارة أخرى إما أن يكون لحياة المواطنين أو لمزاولة النشاطات التجارية به، في إشارة منها إلى جسامة ما يعانونه وعجزهم عن الاستمرار في تحمل الانعكاسات السلبية لتمركز هذا الكم الكبير من المحلات وسط بنايات السكان. 600 عائلة تتقاسم مدخل السوق البلدي لرمي نفاياتها المنزلية من المفارقات العجيبة التي أجبر سكان الحي على التعايش معها ما يتعلق بغياب أي شكل من أشكال الخدمات المتعلقة بالنظافة، حيث يفتقدون لحاويات تجميع القمامة والنفايات المنزلية وسط الحي، كما هم محرومون طوال أيام السنة من مرور أعوان النظافة التابعين لبلدية جسر قسنطينة، مما أجبر السكان على التصرف الفردي، بحمل نفاياتهم المنزلية داخل سياراتهم، قاطعين عشرات الأمتار بهدف الوصول إلى الحاوية المنصبة أمام مدخل السوق البلدي للتخلص من نفاياتهم، حيث تضطر حوالي ال600 عائلة تقطن على مستوى الحي على تقاسم مدخل السوق السالف ذكره لرمي نفاياتها في ظل ما أسماه محدثونا بتقاعس السلطات المحلية في الاستجابة إلى مطالبهم المتكررة بشأن توفير حاويات النظافة ودخول أعوان النظافة للحي بشكل منتظم، كما هو الحال بالنسبة للأحياء الأخرى التابعة للبلدية. وفي سياق ذي صلة، ندد محدثونا بتصرفات بعض الباعة والتجار الذين يتجرأون على رمي نفاياتهم بالقرب من التجمعات السكانية بطريقة عشوائية من بقول وطماطم وحلويات فاسدة، متسببين بذلك في وضعها في متناول الأطفال، هذا فضلا عن انتشار أكوام القمامة والنفايات بشكل يعطي صورة مشوهة للمحيط ويؤثر سلبيا على الصحة العمومية. السكان بين سندان المعاناة ومطرقة خسارة عوائد كراء المحلات من جانب آخر، يتحمل العديد من سكان الحي تجرع المعاناة بسبب تجار الجملة حفاظا على مصالحهم من استمرار الحركية التجارية بحيهم، والتي تعود عليهم بفوائد مالية كبيرة مقابل كراء المحلات المشيدة بأرضية بناياتهم، حيث هناك من يرى من السكان بأن الحديث عن جملة المشاكل التي يتخبط فيها الحي والمطالبة برقابة عمل التجار قد يهدد مصدر رزق العديد من العائلات، وهو ما يفسر ما أقدم عليه مؤخرا بعض الباعة من سكان الحي، الذين نزعوا اللافتة التي قامت السلطات المحلية بتثبيتها لمنع أصحاب شاحنات الوزن الثقيل من دخول الحي نهارا، وهو ما رأى فيه السكان وحتى تجار الجملة الناشطون بالمنطقة تهديدا لتجارتهم بسبب عدم إمكانية المغامرة بإدخال السلع والبضائع التي تقدر قيمتها بالملايير ليلا لدواع أمنية على حد توضيح أحد الباعة الناشطين بالحي. تجار الجملة يناشدون السلطات المحلية بحقهم في المحلات يناشد الباعة وتجار الجملة المنتشرون عبر حي «كازنوف» السلطات المعنية بضرورة تمكينهم من محلات تجارية في إطار توزيع الحصص المختلفة، منددين في ذات الشأن من الإقصاء الذي طال الأغلبية العظمى منهم منذ حوالي العام خلال توزيع المحلات التجارية التابعة لسوق «دي 15» بالحراش، حيث أوضح محدثونا أن مطالبهم لا تقبل بغير الإحصاء الشامل للتجار الناشطين بالحي وإدراجهم ضمن مخططات البلدية لتوزيع المحلات التجارية. من جهتها يومية «السلام» حاولت الاتصال بالمسؤولين المحليين للحصول على إجابات لانشغالات سكان الحي فيما يتعلق بغياب التهيئة والفوضى العارمة التي أحدثها تجار الجملة، لكن دون جدوى.