عرفت قراءة الأبراج انخفاضا محسوسا في أوساط فئات مختلفة من الناس بعد أن كانت الرغبة في معرفة الطالع والتنبؤ بالمستقبل محط اهتمام العديد من الناس لاسيما منهم الشباب الراغب في معرفة المستقبل واكتشاف خباياه أكثر, غير أن الوازع الديني والفتاوى التي تربط بين قراءة الأبراج والشرك بالله قلّلت من الظاهرة ولكنها لم تقضي عليها. كان الكثير من الناس بغض النظر عن سنهم أو جنسهم يتابعون الأبراج بكل شغف وتمعن من أجل معرفة ما قد يخبئه المستقبل سواء من الأمور الإيجابية أو السلبية لدرجة أن منهم من تعلق بها وأصبح لا يستطيع التخلي عن قراءتها عبر الجرائد أو الاستماع إليها من خلال الحصص الإذاعية أو التلفزيونية التي كانت تبث فقرات خاصة بالأبراج, غير أن هذه الظاهرة عرفت تراجعا ملحوظا. إن أغلب من تحدثنا إليهم في الموضوع أكدوا أنهم بالفعل كانوا مهووسين بقراءة الأبراج ولكنهم تخلوا عن هذه العادة وفي هذا الصدد تقول سميرة 30 سنة: « لقد كنت أحرص على تصفح الجرائد لقراءة برجي, ولكن بعد أن أدركت أنها محرمة أقلعت عنها نهائيا», كريمة بدورها تؤكد أنها صارت لا تؤمن بما يعرف بعلم الأبراج, خاصة وأنها سمعت أن الكثير من معدي هذه الأبراج في بعض الصحف كانوا يكتبون ما يحلو لهم ولا يرتكزون على أي أساس علمي يذكر. في حين تقول سعاد أنها لم تقرأ الأبراج منذ ما يقارب ثماني سنوات بعد أن كانت تطلع عليها لمجرد التسلية ودليلها في هذا أنها كانت تحب الاطلاع على ما يحمله برجها طيلة عام كامل في إحدى القنوات الفضائية وبعد أن سمعت أنه عام مليء بالمفاجآت السارة, تؤكد أن تلك السنة مرت على أسوإ حال ما جعلها تقتنع أنها مجرد خزعبلات على حد قولها تضيف: «لا يعقل أن يلقى كل مواليد ذلك الشهر نفس النصيب ولا أن يعيشوا نفس الأحداث التي يرويها البرج». أما نوال فتقول أنها كانت متتبعة وفية لإحدى الحصص التي كان تبث في إحدى القنوات وتحب الاتصال بالحصة لسماع برجها, ولكنها أدركت أنها مجرد أوهام تسوق, في حين تأكدت سمية بدورها أن الأبراج مجرد كلام للبيع بعد أن كانت مهتمة بالأبراج كثيرا, ولكنها تؤكد أنها انقطعت عنها بعد أن فشلت في اجتياز امتحان البكالوريا, وهو عكس ما تنبأ به برجها قبل ظهور النتائج, تقول: «رسبت في امتحان البكالوريا فقررت الامتناع عن قراءة الأبراج نهائيا وأرفض حتى مجرد الإطلاع عليها فقط, فقد عاقبني الله على ذلك بالفشل في اجتياز امتحان مصيري للمرة الثالثة», أما إلهام فتعترف بصعوبة التخلي عن هذه العادة: «أنا أعي جيدا أن قراءة الأبراج محرمة, ولكن كان من الصعب علي أن أتخلى عن هذه العادة فتجدني أطلع عليها من خلال بعض المجلات, أحيانا أتغلب على نفسي وأحيانا تتغلب علي, ولكنني في حال قرأتها لا أفكر كثيرا في ذلك الكلام كما كنت من قبل». ومن دليل وعي الناس بعدم جواز الإطلاع على الأبراج أن العديد من الصحف والحصص الإذاعية والتلفزيونية تخلت عن الفكرة وألغت من شبكتها البرامجية كل الفقرات الخاصة بقراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل. وفي ذات السياق, يقول السعدي, إمام مسجد أن الوعي الديني ارتفع بشكل ملفت للانتباه بخصوص قراءة الأبراج, حيث انخفضت كثيرا مقارنة بما كانت عليه في وقت سابق, أين لعبت الفتاوى دورها في التقليل من الظاهرة, خاصة لما يعلم الفرد أنه وبقراءته للأبراج وتصديقه لما تتضمنه فهو يشرك بالله دون أن يعي ذلك. لكن وبالرغم من هذا التراجع في الاهتمام بالأبراج, إلا أن هذا لا يعني أنها لا تنال اهتمام البعض لاسيما أن بعض الصحف لاتزال توفرها لمن يعشقون قراءة الطالع, بالإضافة إلى أن بعض القنوات الفضائية لاتزال تعمل على ترسيخ هذه العادة. منجمو بعض القنوات الفضائية سبب في استمرار الظاهرة تعرف قراءة الطالع منذ القدم, أين كانت تنتشر عند كثير من الشعوب التي تؤمن بالعرافين والمنجمين, وكانوا يصدقون كل ما يقولونه لهم, وعلى الرغم من أننا في القرن ال21, إلا أن هناك من المواطنين من لا يستغنون عن قراءة الأبراج وبدل أن تصبح كغيرها من خرافات الماضي أصبحت تفسر من الجانب العلمي والفلكي, بل وأصبح هناك أخصائيون يستخدمون حسابات وأساليب في محاولة منهم لمعرفة المستور والتنبؤ بالمستقبل, بل ومنهم من يقول أنه مختص في استخدام النجوم والكواكب لقراءة الحظ. وهكذا وبدل أن تتلاشى هذه السلوكات, تحولت إلى علم يعرف بعلم «التنجيم», وبقيت الأبراج تثير اهتمام العديد من الفئات, خاصة بعد أن اهتمت بهذه المادة بعض القنوات التي تبث حصص احول هذا الموضوع, ويكفيك حلقة واحدة من إحدى هذه الحصص في القنوات المعروفة بها لتقف على واقع يعكس ما سبق, خاصة لما نسمع اتصالات من جزائريين يقدمون فيها أسماءهم وسنة ميلادهم ليعرفوا ما يخبئه لهم المستقبل, وعن هذا يقول السعدي إمام المسجد أن مشعوذي القنوات الفضائية باتوا يشكلون حجر عثرة في طريق القضاء على ظاهرة الاهتمام بالأبراج, يضيف: «نتأسف كثيرا لما نسمع أن جزائريين يتصلون بهذه الحصص ويصرفون ثمن مكالمات خارجية مقابل تفاهات لا صلة لها بالحقيقة». الجنس اللطيف أكثر المهتمين بالأبراج هذا وكانت السلام اليوم قد التمست لدى العديد من النساء أن اهتمامهن بالأبراج لايزال قائما, ولكن يرونها مجرد وسيلة للتسلية لا علاقة لها بالشرك, ولكن هذا لا يمنع أن هناك من يؤمن بها, وفي هذا تقول آمال 35 سنة أنه توجد من لايزال يهتم بقراءة الأبراج بنفس اهتمامها بقراءة الكف والفنجان, أما وردة 20 سنة فتقول: «أنا أطلع على الأبراج من خلال قنوات فضائية وأعتبرها مجرد فال فقط», في حين أن شريفة 17 سنة, تقبل على اقتناء بعض الصحف خصيصا للاطلاع على ما يحمله برجها لهذا الأسبوع, والأمر نفسه ليمينة 55 سنة التي تقول أنها على الرغم من أنها لا تعرف القراءة, إلا أن بناتها يحرصن على أن يقرأن لها برجها, ومن خلال حديثنا مع البعض نجد أن أهم ما تريد البنات معرفته من خلال تلك الأبراج هو الاطلاع على ما يحمله المستقبل بخصوص العلاقة تجاه الحبيب, لتبقى المجالات الشخصية والمهنية من أهم الشؤون التي تحاول الأبراج التنبؤ بها. وبين هؤلاء ومن سبقوهم, يوجد آخرون يؤكدون أنهم لم يؤمنوا بتاتا طول حياتهم بالأبراج ولم يكلفوا أنفسهم مجرد الاطلاع عليها, يقول محمد 40 سنة: «إن الأمر لا يستدعي الإطلاع عليها, فلا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى, حيث لا يمكن لأحد أن يتنبأ بالمستقبل, لأنه من الأمور الغيبية», في حين تراها نصيرة 50 سنة أمرا تافها ولا يمكن لمن له مستوى فكري معين أن يؤمن بها. وعلى العكس تماما, يقول مراد 37 سنة, أن ظاهرة الإقبال على قراءة الأبراج لا تخص الأميين فقط, بل هناك من المثقفين من يؤمن بها وبحكم عمله بإحدى شركات المقاولة يقول أنه يعرف بعض رجال المال والأعمال يشغلون مراكز مهنية مرموقة كثيرا ما يرجعون سبب فشلهم في الحصول على مناقصات أو عدم تحقيق ربح كبير إلى أن الحظ لم يكن من نصيبهم, وبذلك يكون قد صدق برجهم ما جعل بعضهم يترددون في اتخاذ بعض القرارات بسبب أن برجهم تنبأ لهم ببعض المشاكل المادية على حد قول المتحدث. الأبراج من الناحية النفسية دليل الإحباط والتعلق بالأوهام يعد الفضول والرغبة الجامحة في كشف خيوط المستقبل عند بعض الأفراد السبب الأول في إقبالهم على الأبراج حسب ما تؤكده أم إكرام أخصائية نفسية, أما عن الاهتمام الكبير بالنسبة للنساء فتفسره محدثتنا أن المرأة بطبيعتها تعد من أكثر الفئات تعلقا بالآمال, لذا نجد أن الأبراج تسيطر كثيرا على نفسية بعض النساء أكثر من غيرهم, إلا أن هذا لا يقتصر عليهن, بل حتى الرجال أيضا. كما أرجعت محدثتنا اهتمام بعض الشباب بالأبراج إلى التقليد بعد أن صارت الأبراج في وقت ما موضة العصر. وعلى الرغم أن التنجيم موجود منذ الأزل, إلا أن تفشيها في المجتمعات الإسلامية يعود عموما إلى المشاكل اليومية التي يعانيها الفرد مما يسبب له إحباطا نفسيا واجتماعيا وهذا ما يجعل البعض يركضون خلف أي بريق أمل وإن كان مجرد كلمات يحملها البرج, لتضيف مؤكدة أن الإقبال على الأبراج من شأنه أن يحدث تذبذبا في شخصية الفرد, خاصة في اتخاذه لقراراته في حياته الشخصية والمهنية.