الجزائر- إيران.. تبادل الخبرات في الطاقات المتجدّدة    معهد الأدلة الجنائية يفتك جائزة "حظر الأسلحة الكيميائية" بلاهاي    مزيان يعزي عائلة الصحفي محمد إسماعيل    الرئيس تبون يوقع قانون المالية 2025    ورشة تكوينية لفائدة قضاة وضباط الشرطة القضائية    أبرز أهمية مرافقة المحبوسين وإعادة إدماجهم في المجتمع..زرب: المؤسسات العقابية بالجزائر تستجيب للمعايير الدولية    وزير التربية يترأس ندوة وطنية    تبّون: الأرض لمن يخدمها    هذه الشعب المعنية بمسابقة التوظيف..    خارطة طريق شاملة لإعادة هيكلة النسيج الاقتصادي    سوناطراك تشارك في صالون دولي في كوت ديفوار    شنقريحة يزور معرضاً ولواءً مدرعاً بالكويت    الجزائر تنجح في طرد مُجرمة صهيونية    أكثر من 1400 عائلة تُمسح من غزّة    بعد وقف إطلاق النار..بري: لبنان أحبط مفاعيل العدوان الإسرائيلي    عطال يتعرض لانتكاسة جديدة في قمة السد والهلال    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    حجز أزيد من 56 ألف قرص من المؤثرات العقلية    قسنطينة.. أزيد من 120 عملية لإعادة تهيئة وتغيير شبكات توزيع الغاز    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    سوناطراك: نشوب حريق بمركب معالجة الغاز بإليزي بدون تسجيل أي ضحية    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني    كأس إفريقيا 2024: المنتخب الوطني النسوي يواصل تحضيراته بحضور كل اللاعبات    لبنان يواجه أعنف فترة له من الاعتداء منذ عقود    إقامة صلاة الاستسقاء عبر الوطني السبت القادم    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    ترقب تساقط بعض الأمطار وعودة الاستقرار يوم الجمعة    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    ضرورة إعادة التفكير في طرق التعاون العلمي بين الفارقة    كرة القدم/رابطة أبطال إفريقيا : شباب بلوزداد ينهزم أمام اولاندو بيراتس (1-2)    دعوات للتصدي للتطبيع التربوي بالمغرب    وزارة الصناعة : السيد غريب يشرف على تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان    الدعم مكّن من إنهاء ندرة الحليب المبستر    رحيل صوت القضيتين الفلسطينية والصحراوية في المحاكم الدولية    مدرب مانشستر يونايتد يصر على ضم آيت نوري    نقاش حول السياحة الليلية الحضرية بتيزي وزو    طالب جامعي متورط في سرقة    اكتشاف عيادة سرية للإجهاض    تطبيق مبتكر يحقق الأمن السيبراني    معرض لورشات الشباب الفنية    البحث في علاقة المسرح بالمقاومة    تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي : حفل تكريمي للفنان الراحل نور الدين سعودي    الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير بتبسة: فيلم "القناع" للمخرج فيصل قادة يفتك المرتبة الأولى    الملتقى الدولي للمهرجان الثقافي للفن المعاصر : منصة للتبادل والتحاور في مواضيع الفن المعاصر    محرز يحقق رقما مميزا في دوري أبطال آسيا    مازة لن يغادر هيرتا برلين قبل نهاية الموسم    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    كابوس مرعب في موسم الشتاء    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستمرار في ارتكاب الأخطاء دون ندم مرض نفسي يستدعي العلاج
الشعور بالذنب ينتاب كل شخص يعتقد أنه قام بما يخالف مبادئه
نشر في السلام اليوم يوم 30 - 01 - 2012

يعتبر الندم أو الإحساس بالذنب شعورا طبيعيا ينتاب الإنسان حين يعتقد أنه أساء إلى الغير بالقول أو بالفعل أو عندما يرتكب خطأ يخالف القانون أو العرف الاجتماعي.
يشعر الإنسان عادة بضرورة مراجعة نفسه، ومحاسبتها عما قامت به من سلوكيات أو عن أحاسيس ومشاعر خاطئة، والشعور بالذنب ضرورة تعذيبية كي يقلع الفرد عن أخطائه وينتج الشعور بالذنب من خلال الأسرة والمجتمع بمختلف فئاته والمعايير الاجتماعية والدينية التي يكتسبها منذ الطفولة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية،ومعرفة قائمة المسموحات والممنوعات ويرتبط الشعور بالذنب إما بأخطاء تتعلق بالمحيطين بالفرد أو نحو ذاته وحياته الخاصة وبالتالي مخالفة التعاليم الإسلامية أو القوانين، والعرف الاجتماعي يؤدي إلى إحساس الإنسان بتأنيب الضمير، والشعور بالندم على الخطأ الذي ارتكبه. ولمعرفة مدى ظهور هذا الشعور عند فئات المجتمع قمنا بمحاورة بعضهم وتقول السيدة سميرة: «شعرت بالندم، لأني ارتكبت خطأ في حياتي، لأن أمي كانت أمنيتها أن أصبح طبيبة ولكني لم أحقق لها هذه الأمنية».
أما جميلة فتقول: «شعرت بالندم، لأني ارتكبت خطأ في حق أسرتي وهربت من البيت مع صديقي وأنا الآن أواجه مصيري السيء في الشارع لوحدي نتيجة أخطائي، لأني لم أتبع نصائح أسرتي».
وهناك من يشعر بالندم عندما يظلم شخصا وهو بريء، وفي هذا السياق يقول السيد جمال: «اتهمت موظفا كان يعمل عندي في الشركة بالسرقة وطردته وعندما خرج اكتشفت أن أعز أصدقائي هو من سرقني، وأنا أشعر الآن بعذاب الضمير، لأني لم أجده ليسامحني».
أما عمر فيقول: «اتهمت زوجتي بالخيانة وعندما طلقتها اكتشفت أنها بريئة وأنا الآن نادم، لأني ارتكبت خطأ كبير في حقها وهي لا تريد مسامحتي».
صحيح أن الكثيرين يشعرون بالندم على تصرفات بدرت منهم ولكن هناك من يتخلى عن هذه السلوكات، إلا أن ندم البعض الآخر لا يحد من أخطائهم فيظل الشعور بالندم يرافقهم طوال حياتهم وفي هذا السياق تقول ليلى: «أنا أصرخ على أمي بدون قصد، ثم أعيد هذا الخطأ مرة أخرى وأنا أشعر بالحزن الشديد لعدم قدرتي على التخلص من أخطائي وتظل مشاعر الذنب مكبوتة بداخلي».
أما سليمان فيقول: «أنا دائما ارتكب أخطاء في حق زوجتي وأضربها وأهينها ولكني لا أستطيع التخلص من كل أخطائي وأحس بعذاب مكبوت بداخلي، لأن الشعور بالذنب تجاه زوجتي دائما بداخلي، لكني أستمر بارتكاب العنف عليها».
وهناك من يشعر بالندم ولكن بعد فوات الأوان وتقول سلمى: «أبي كان يضربني أنا وأمي وكان لا ينفق علينا ولا يندم، ولكن عندما مرض ندم على ما فعله بنا وطلب مني أنا وأمي أن نسامحه قبل أن يموت».
أما السيدة خديجة فتقول: «ابني كان مدمنا على المخدرات ويطلب مني النقود بالقوة وكنت غاضبة عليه، لأنه كان يرتكب دائما الأخطاء في البيت ولا يتحمل المسؤولية ولا يسمع نصائحي، وكان لا يندم على أفعاله، ولكن عندما أصيب بمرض خبيث في صدره شعر بالندم الشديد وهو على فراش المرض بعد فوات الأوان».
ومن جهة أخرى، أمين يحكي لنا عن مدى معاناته، لأنه شعر بالندم بعد فقدان أعز شخص عنده وهو يقول: «كنت أرتكب أخطاء كثيرة في حق أمي ولا أنفق عليها وهي لم تسامحني أبدا، وكنت لا أعرف قيمتها وهي على قيد الحياة ولكني شعرت بالندم عندما فقدتها ولم أكن معها فماتت وهي غاضبة مني ولم تسامحني».
ولكن الغريب أن يظل الإنسان يرتكب الخطأ ولا يشعر بالندم ولا بتأنيب الضمير، وفي هذا السياق تقول إحدى الأمهات: «ابني منحرف وهو مدمن على المخدرات ويسرق وعندما أنصحه لا يسمعني، ودخل إلى السجن عدة مرات ولم يشعر بالندم أبدا في حياته». أما منال فتقول: «زوجي يملك الكثير من المال ولكنه زير نساء وينفق المال في مرافقة الفتيات وشرب الخمر وهو لا يندم على أخطائه أبدا».
وهناك من يرجع تصرفاته الخاطئة التي لا يندم عليها إلى الظروف الصعبة المحيطة به والتي تأبى أن تتغير وهذا ما قاله فيصل: «والدي قام بتفضيل زوجته الثانية علي وهو ينفق عليها أمواله وحرمني من حقي في الحصول على المال، وأنا الآن أضطر إلى السرقة، لأني لم أجد عملا وأنا لا أندم على ما أفعله، لأن أبي هو السبب فيما أنا عليه».
إن رفض الكثيرين الاعتراف بأخطائهم والتمادي فيها يدفع من حولهم إلى الاستغراب وفي هذا تقول السيدة منيرة عن ارتكاب ابن عمها لعدة جرائم ولم يندم عليها أبشعها قتل والده، حيث تقول: «كان ابن عمي يرتكب الكثير من الأخطاء في حياته ودخل السجن عدة مرات وقام بقتل والده لمجرد أنه رفض أن يعطيه النقود ليشتري بها المخدرات، والغريب في الأمر أنه عند زيارته في السجن لا يبدي أي شعور بالندم على ما اقترفته يداه».
أما سليمة فتقول: «قسوة أسرتي وعدم اهتمامها بي جعلني أهرب من البيت وأنا الآن غير نادمة، لأنهم السبب فيما أنا عليه».
رأي الشريعة الإسلامية في الشعور بالذنب عند ارتكاب الأخطاء
يقول الدكتور عبد الله بن عالية أستاذ في الشريعة الإسلامية: «إن الشعور بالذنب يظهر عندما يؤذي الإنسان شخصا آخر يكون بريئا أو أنه مخطئ وارتكب ذنوبا أو آثاما أو عندما يرتكب سرقة أو أي فعل آخر غير أخلاقي يخالف معتقداته الإسلامية، والكثير من شباب هذا الجيل لا يتبعون تعاليم الشريعة الإسلامية، لذلك يرتكبون الكثير من الأخطاء ومعظمهم لا يشعرون بالذنب، لذلك فيجب على الإنسان الخوف أولا من عقاب الله، فالشعور بالذنب والتوبة النصوح إلى الله تجعل الإنسان يبتعد عن الأخطاء ولا يرجع إليها. والشعور بالذنب يجعل الإنسان يبحث عن شيء يخلصه من عذاب الضمير، فهناك الكثير من الأشخاص لم يندموا على أخطائهم في الدنيا حتى ماتوا بسوء الخاتمة، ويقول الله تعالى في سورة الفرقان: «والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا»، ويضيف الأستاذ «أن التوبة إلى الله هي الحل الوحيد للتخلص من الشعور بالذنوب».
رأي الأخصائيين النفسيين في الشعور بالندم أو الذنب
تقول الدكتورة نبيلة صابونجي مختصة في علم النفس: «إن الشعور بالذنب يراود كل شخص يعتقد بأنه قام بعمل يتناقض مع مبادئه وأفكاره وإرادته ويمكن أن يكون سليما أو غير سليم وهو ينشأ من الرغبة غير الواعية لدى الفرد في إيذاء الآخرين المتمثلة في دوافع الرغبة في الانتقام أو الغيرة، وإدراكه على مستوى الوعي أن دوافعه ورغباته هذه مناقضة أو متعارضة مع قيم المجتمع وتقاليده، وهناك نوعان من الشعور بالذنب، أحدهما ايجابي ونقصد به الشعور الذي يدفع صاحبه نحو الفعل الإيجابي الفعال كالذي يذنب ذنبا فيشعر بالندم ويقرر نتيجة لهذا الشعور ألا يعود لهذا الذنب أبدا، وأما الآخر فهو سلبي ونقصد به شعور الفرد بلوم الذات وتأنيب الضمير نتيجة خرق أمر أخلاقي أو الفشل في تحقيق الطموحات. وينجم الشعور بالذنب عن الصراع بين الضمير والأنا، إذ يقوم الضمير بصفته سلطة داخلية بمعاقبة الأنا، حيث يرتكب أفعالا غير مقبولة وهو الإحساس بكراهية الذات وينشأ عن انتهاك المرء للقواعد الأخلاقية التي يؤمن بها وهو ألم نفسي يشعر به الفرد داخليا، أي أنه حوار داخلي بين الفرد وذاته، وهو قلق تجاه الأنا العليا، والدوافع لهذا القلق هو الحاجة إلى البراءة والضمير الخلقي هو المرجع من حيث الشعور بالخطأ أو تقدير الذات وقد تكون هذه المشاعر وهمية مبالغ فيها لا ترتبط بخطأ واضح أو واقعي، وينظر الفرد أحيانا إلى أخطائه وكأنها لا تغتفر ويتوهم أن المحيطين به يعلمونها جيدا وتؤدي إلى تحقير الذات والاشمئزاز منها، وأحيانا أخرى هناك مشاعر ذنب منخفضة ويقل فيها الشعور بالذنب لدرجة اللامبالاة وعدم تحمل المسئولية تجاه الآخرين والذات، وهناك مشاعر ذنب مرضية تصل إلى درجة توهم الخطأ وتضخمه مثل مرض الاكتئاب وتؤدي إلى الانحسار وانخفاض تقدير الذات، وهناك مشاعر ذنب سوية وتتضمن الرغبة في الإصلاح وتؤدي إلى التكيف مع الذات والآخرين، وتضيف الدكتورة أن مشاعر الذنب لدى الإناث أعلى منها لدى الذكور، والشعور بالذنب ضرورة تهذيبية كي يقلع الفرد عن أخطائه ولكن لا يجب أن يصل الى حد الشعور بالذنب الوهمي الذي يعرقل تفكير الفرد ويضخم الأخطاء، كما هي لدى مريض الاكتئاب، فهو العامل الأساسي والمميز في تشخيص الاكتئاب عن بقية الاضطرابات الأخرى، ويرتبط بمشاعر الذنب العالية كل من العدائية والخوف والحزن وكلها وجدانيات سالبة تجعل الفرد غير متكيف وتصل إلى درجة المرض النفسي ويمكن أن يكون الشعور بالذنب سببا في الإصابة بعدد من الاضطرابات النفسية، وخاصة الكآبة والقلق ولوم الذات الشديد وتأنيبها وكره النفس وتدني احترام الذات، والشخص الذي لا يشعر بالندم عند ارتكابه للخطأ هو مريض نفسيا قد تكون لديه عقدة انتقام من أسرته أو من المجتمع الذي يعيش فيه وهناك من لا يستطيع تصحيح مساره أو ما اقترفه من أخطاء فيحاول أن يعاقب نفسه بنفسه ويصل إلى ما يعتقد هو أنه سيجعل لنفسه راحة بمعاقبة ذاته المخطئة ويتجلى هذا في الكآبة والإحباط ونبذ الذات وفي بعض الأحيان المريض يعاقب نفسه بالانتحار وأقل الفئات المرضية شعورا بالذنب والندم هم مرضى الانفصام نظرا لانفصالهم عن الواقع وعدم إدراك الخطأ، بل إزاحة الأخطاء إلى الآخرين وهنا تظهر على هيئة مشاعر اضطهاد موجهة نحو الذات. ويكون الشعور بالذنب ايجابيا عندما يشعر الفرد أنه ارتكب خطأ أو ألحق أذى بآخرين فيعمد إلى إصلاحه وهذا يدل على أن الشخص شعر بالندم وهو يمتلك ضميرا حيا وصحيا من الناحية النفسية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.