الثبات على دين الله عز وجل نعمة من الله يمن بها على من يشاء من عباده المؤمنين، قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللهُ الذين آمنوا بالقَوْلِ الثَّابتِ في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ ويُضِلُّ اللهُ الظالمينَ ويفعلُ اللهُ ما يشاء}. وقال تعالى: {ونُقلِّبُ أفئدتَهم وأبصارَهم كما لم يؤمنوا به أوَّلَ مرةٍ ونذرُهُم في طغيانِهم يعْمهون}. وقال تعالى: {واعلموا أنَّ اللهَ يحولُ بين المرءِ وقلْبِهِ وأنَّه إليه تُحْشرون}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن قلوب بني آدم كلَّها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحدٍ يصرِّفه حيث يشاء). ثم قال: (اللهم مُصرِّفَ القلوبِ صرِّفْ قلوبَنا على طاعتِك ). رواه مسلم. وروى الإمام أحمد في مسنده قال: (حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سمعت - يعني ابن جابر يقول: حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي: أنَّه سمع أبا إدريسٍ الخولاني يقول: سمعت النوَّاس بنَ سمعان الكلابي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع رب العالمين إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه)، وكان يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك). (والميزان بيد الرحمن عز وجل يخفضه ويرفعه). لذلك لجأ الراسخون في العلم، العالمون بالله، الراغبون في طاعته إليه وحده داعينه سبحانه أن يحفظهم من زيغ القلوب ومضلات الأهواء: {ربَّنا لا تُزِغْ قلوبَنَا بعد إذْ هديتنا وهَبْ لنا من لدنك رحمةً إنَّك أنت الوهّاب}. فلا يغرنَّك يا أخي الكريم ركعة صليتَها أو ليلة قمتَها أو يومًا صمتَه، وأنت لا تدري هل قبل الله ذلك منك أم ردَّه عليك فضُرِب بذاك العمل وجهك. فأدم الدعاء لله وأكثر من ذكره وأطل الإطِّراح بين يديه، وأكثر من قول: (اللهم مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلبي على دينِك، اللهم مُصرِّفَ القلوبِ صرِّف قلبي إلى طاعتِك). فالدعاء عبادة من أعظم العبادات، وقربة من أفضل القربات، وهو من أعظم أسباب الثبات على دين الله عز وجل.