واقع مؤسف، مؤلم ومحزن بات يطبع تسيير قطاع الفلاحة بتيسمسيلت المصنفة عند أصحاب القرار كولاية فلاحية وزراعية بامتياز، غير أن الواقع يتحدث عكس ذلك لدرجة التكذيب والتفنيد بدليل الفشل الذي أصبح عنوانا بارزا وظاهرا للعيان في تجسيد معظم ان لم نقل كل البرامج الفلاحية التي أطلقتها الدولة عبر وزارة الفلاحة على مدار العشر 10 سنوات الأخيرة وتحديدا منذ العام 2006 تاريخ تعيين المدير الحالي على رأس القطاع، ولا نريد هنا الاسترسال كثيرا في الحديث عن خيبة الأمل التي أنتجتها أو أثمرتها سياسة تنفيذ هذه البرامج في الميدان والتي نعود اليها في مراسلات لاحقة، كون أن ورقتنا اليوم نتناول من خلالها ملف السقي الفلاحي الذي تم لفّه في كفن الوعود الكبيرة والأرقام المغلوطة والانجازات الهزيلة، فالبرغم من أن تيسمسيلت تمتاز بوسط طبيعي ملائم لانتاج فلاحي متنوّع وكذا احتضانها لعشرات منشآت الري ممثلة في السدود والحواجز المائية ومحطات تصفية المياه والتنقية الطبيعية، الاّ أن النسبة السنوية لسقي الأراضي الفلاحية لم تتعد 0.33 بالمائة بمساحة لم تزد عن 78 هكتار فقط بحسب تقرير مديرية الموارد المائية الذي تم عرضه في الدورة الأخيرة للمجلس الشعبي الولائي، وبلغة الأرقام تحصي الولاية نحو 23 مليون متر مكعب من المياه المخصصة للسقي منها 15 مليون من السدود الخمسة – الرصفة وبوقرة ومغيلة وبوزقزة وتملاحت – و 01 مليون من الحواجز المائية المقدرة بسبعة حواجز، و07 مليون من محطتي التصفية بعاصمة الولاية وثنية الحد و محطتي التنقية بكل من مدينتي العيون وعماري، غير أن هذا الحجم الهائل المرصود يبقى في مواجهة المجهول لعدم استغلال مياهه بالكيفية المطلوبة واستثمارها في النشاط الزراعي، فمثلا نجد قدرات السقي عند محطات التصفية والتنقية وحدها تقدر بأكثر من 1000 هكتار يقابلها 00 صفر هكتار مسقي في سنة 2014 ، أما المساحة المستعملة للفلاحة المحيطة بالسدود تفوق 145 الف هكتار منها 1700 هكتار مجهزة أو ما يطلق عليها تسمية محيطات السقي متواجدة بكل من سدي مغيلة 900 هكتار وبوقارة 800 هكتار لكن كل ماتم سقيه على مدار الخمس سنوات الاخيرة لم يزد عن 78 هكتار، أرقام وحقائق جعلت من تيسمسيلت تفشل في انتاج الخضروات والبقوليات التي تعتمد على جلبها من الولايات المجاورة، ووسط هذا الهزال الفلاحي المعتمد على تصورات فضفاضة غير مدروسة والذي وجب على وزارة عبد الوهاب نوري التحرك بشأنه ظهر الى السطح رقم 600 هكتار الذي يمثل بحسب الحصيلة السنوية لسنة 2014 التي أعدّتها مديرية المصالح الفلاحية و المرسلة الى الوزارة المساحة المسقية من السدود فمن نصدّق مديرية الري التي تقول 78 هكتار أم الدياسا ؟ تساؤل لا يمكن لأي كان الإجابة عنه ما عدا الوزارة الوصية في حال تشغيلها لآليات المساءلة والمحاسبة والمعاقبة التي لم يعد يعترف بقوتها بعض مسؤولي القطاع الذين أضحوا يتحدّثون لدرجة التشدّق عن وجود حماية فوقية مزعومة يقودها وزيرا سابقا لا يمكن تمزيق خيوطها بحكم علاقة قرابته او مصاهرته ؟ لكن هذا لا يمنع المرء من القول أن هذا التضارب المراد منه حجب الإخفاق والفشل برقم يستشفّ منه – تنكيس علم الحقيقة وطمس نورها –، حاله كحال الرقم 3090 الذي يمثل عدد الآبار في الولاية العميقة منها والعادية و التي قال التقرير أن حجمها الإجمالي المخصّص للسقي الفلاحي يقدّر ب10 مليون متر مكعب وأن المساحة المسقية من هذه الكمية في سنة 2014 وحدها هي 5324 هكتار – خضروات وأشجار مثمرة وحبوب -، لكن الغريب في هذه الأرقام أنه حتى في زمن الدعم الفلاحي لم يعلن عن مثل هذه المعطيات، وإذا كان الحال هكذا كما تقول الدياسا فماذا تنتظر الوزارة لتعلن وترسّم تيسمسيلت ولاية رائدة في إنتاج الخضروات يتساءل فلاحون ؟، موضوعنا هذا لا يمكن وضع له نقطة النهاية دون ذكر المسبّبات التي رأت فيها كل من مديريتي الموارد المائية والفلاحة أنها أثّرت بشكل مباشر على السقي الفلاحي المحصورة في عائقين لا ثالث لهما الأول يتعلق بغياب الجمعيات الفلاحية التي تتكفل بتسيير وصيانة المنشآت والثاني يعود الى ضعف تسجيل الفلاحين في الديوان الوطني للسقي وصرف المياه – أونيد -، عذران سرعان ما ردّت عليهما إحدى الجمعيات الفلاحية الناشطة في السقي الفلاحي بالتفنيد واعتبرتهما مغالطة أريد بها تبرير سوء استغلال الثروة المائية واستخدامها، أين كشف الناطق باسم الجمعية عن البدائية والفوضى الخلاقة التي تطبع سقي الأراضي، فالفلاح يطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى بدعمه بآليات ومعدات السقي بالتقطير والمرشات فتجربة إنشاء محيط السقي بكل من سد مغيلة وسد بوقرة أبانت عن نجاح الفلاح في إنتاج الخضروات، لكن أن يبقى الفلاح بدون تحفيز مادي فسيكون مصيره الفشل لا محالة يقول محدّثنا وهنا كشف عن رفض مصالح "أونيد" لطلباتهم الهادفة الى تخفيض مبلغ السقي التكميلي للحبوب من 8000 دج الى 5000 دج بما يسمح من سقي مساحات معتبرة ، كما طالب العديد من الفلاحين بضرورة تزويدهم بعدّادات لأجل ضبط وترشيد عمليات السقي على اعتبار أن عملية السقي بواسطة المرشات أصبحت تخلق مشاكل للفلاح لعدم نجاعة النظام المعتمد في حساب كمية الماء المستهلك من طرف كل فلاح، في يتطلع هؤلاء الى انجاز قنوات سقي مغلقة عكس تلك التي أنجزت قبل عقدين من الزمن على مسافة 25 كلم في مشروع فاشل باعتراف الجميع بما في ذلك المشرفين عليه، لأنه باختصار أن هذه القنوات التي استنزفت عشرات الملايير من الخزينة العمومية تعرّضت للتخريب ولم تعد تستقبل المياه في الكثير من المقاطع، ما جعل الفلاح ينفر من المطالبة باستغلالها وفي اعتقاده بأن صمت الجهات الوصية المريب هو من أضفى طابع الشرعية على حجم التجاوزات والخروقات المسجلة في هذا الانجاز الذي التهمته آلة الإهمال والتلف.