يعاني سكان منطقة أولاد عيسى الجبلية، القريبة من بلدية بوقايد بتيسمسيلت، والضاربة في أعماق جبال الونشريس، من العزلة والتهميش، جرّاء حرمانهم من وسائل النقل، في غياب طريق معبد يصلح لحركة السيارات والحافلات، التي يحتاجونها في التنقل يوميا إلى بوقايد أو برج بونعامة. أصبح مشكل النقل والطريق، الشغل الشاغل لسكان أولاد عيسى، إذ يجدون صعوبات كبيرة للتنقل إلى بوقايد للتسوق أو الالتحاق بالمصالح الاستشفائية أو لاستخراج الوثائق الإدارية. وأصبح انعدام النقل، لانعدام الطريق، يشكّل أكبر مشكلة أمام سكان هذه المنطقة المعزولة جغرافيا وإداريا، خاصة في الليل، حيث يعجز أي ربّ عائلة على التنقل بابنه أو زوجته، أو أحد أفراد عائلته، في حال المرض، إلى المستشفى، في الوقت الذي يضطر فيه إلى قطع مسافة حوالي 3 كيلومترات راجلا، حاملا مريضه على كتفيه حين يكون النهار. أما إذا تعرض شخص ما لأزمة قلبية أو ما شابهها من الأزمات فينتظر أهله إلى غاية صحوته من الحالة، التي انتابته أو وفاته، لأنهم يعدمون الوسيلة التي تساعدهم على نقله إلى المصلحة الاستشفائية لنجدته من الهلاك. هذا في الأحوال العادية، أما حين تسقط الثلوج فلا أحد يستطيع مغادرة سكناه، وحتى صاحب السيارة الوحيد بالمنطقة يرفض التنقل في مثل هذه الأجواء، خوفا على مركبته القديمة التي يُفرّج بها عن جيرانه في كثير من الأحيان. ويبقى أكثر المتضررين من انعدام الطريق وغياب النقل، هم تلاميذ المدارس والإكماليات، وحتى الثانويات، إذ لا يتصوّر تلميذ من أي قرية أو مدينة في أصقاع الجزائر العميقة، أن هناك زميلا له بجبال الونشريس يقطع يوميا مسافة 3 كيلومترات ذهابا وإيابا راكبا أخطار مواجهة الذئاب والخنازير، التي تحاصر منطقتهم ليلا، ومتحديا الجبال والشعاب والمرتفعات وسوء الأحوال الجوية، بداية من السنة الأولى ابتدائي، إلى غاية السنة الثالثة ثانوي. كما هو الحال بالنسبة للتلميذ '' ش. محمد ''، الذي يدرس في متوسطة ببوقايد، هذا الأخير الذي حدّثنا عن الخوف الذي ينتابه، حين يقطع الممرات الوعرة مشيا على الأقدام قبل الساعة السابعة صباحا، وبعد الخامسة مساء، على مسافة ساعة من السير. وعن الحادث الذي تعرض له ذات يوم، وهو في منتصف الطريق بحيث سقط من مرتفع على جبينه ولم يستطع التنقل إلى العيادة فواصل الطريق إلى منزل عائلته والدم ينزف منه، وبما أن نقله إلى المستشفى كان من المستحيلات، تم توقيف نزيفه بطرق بدائية، لينتظر والده إلى غاية الصباح وينقله سيرا على الأقدام إلى عيادة بوقايد، التي لم يستطع ممرّضها وضع أي غرزة لسد الجرح بعدما تورّم . وأدت هذه الوضعية المؤلمة بأولياء الفتيات المتمدرسات إلى مرافقتهن، يوميا، إلى المدرسة خوفا عليهن من الوحوش الغابية، التي تعجّ بها المنطقة، التي هجرها عدد لا بأس به من السكان بسبب الفقر واللاأمن. وما يطالب به سكان أولاد عيسى هو إنجاز طريق معبد يسمح لوسائل النقل بولوج منطقتهم التي لا تلتقطها أعين المسؤولين إلا في فترة الانتخابات، ''وبالتالي يمكن للبلدية أن توفر النقل المدرسي لأبنائنا المتمدرسين حتى تحميهم من أخطار الطبيعة ''.