عرفت شوارع مدينة الجلفة منذ أسابيع توافدا غير مسبوقا لرعايا أجانب يقدمون أنفسهم على أنهم سوريون يحترفون التسول للظفر بلقمة العيش في مظهر أثار استغراب سكان الولاية. وقد أصبحت بعض ولايات الجزائر ومن بينها الجلفة منذ أسابيع ملجأ لمهاجرين سوريين فروا من ويلات الحرب الأهلية الطاحنة في بلادهم واختاروا الجزائر كمنفى مؤقت متمركزين في عدد من الولايات خاصة العاصمة والجلفة وتيارت، أغلبهم نساء وأطفال يبدو، وفق اللغة التي يستعملونها للتواصل فيما بينهم، أنهم من فئة الأكراد رغم أنهم لا يتوانون في استعمال اللهجة الشامية عند ممارستهم التسول. وقد اختار الرعايا السوريون في الجلفة اللعب على وتر الأحاسيس والعاطفة لكسب لقمة العيش ففي ولاية الجلفة استقر العديد من المهاجرين السوريين من أطفال ونساء ورجال، حيث تتكفل النساء والأطفال بالتسول في حين يقترح الرجال خدماتهم "الطبية" على المواطنين مدعين أن لهم مواهب في جراحة الأسنان وهم متنقلون بحقائب تحوي بعض المعدات "الطبية" رغم كل ما يشكله هذا التصرف من خطر على صحة المواطنين. وقد وصل الحد بالرعايا السوريين في ولاية الجلفة إلى غاية حجز فندق كامل لهم حيث تذكر إحدى النساء السوريات أنها قصدت الجزائر هربا من الحرب الأهلية التي أصبحت تشكل خطرا على أبنائها وبأنها اختارت الجزائر لقناعتها بأن الشعب الجزائري "عطوف" ومتضامن مع شقيقه السوري في محنته. وتستعمل النساء السوريات خلال تسولهن اللهجة الشامية التي تلقى رواجا كبيرا وسط المجتمع الجزائري فلا يكاد يخلو شارع من شوارع مقر ولاية الجلفة من مجموعة من المتسولين الذين يرددون عبارة "مي شان الله ساعدوا أختكم السورية" مع عرضهن لجوازات سفر سورية كدليل على جنسيتهم. وتفيد المعلومات المستقاة عند قراءة جوازات سفر الرعايا السوريين بأنهم دخلوا التراب الجزائري وفق الإجراءات القانونية المعمول بها وبجوازات سفر وبتأشيرات وفق احترام كل الإجراءات. لكن المجتمع الجلفاوي أضحى يطرح تسائلات عديدة عن سر هذا التوافد الكبير للسوريين خاصة النساء من فئة الأكراد حيث طالبت العديد من الجمعيات من السلطات المحلية تنظيم تواجد الرعايا السوريين بالجزائر من خلال منحهم صفة اللجوء السياسي وضبط الظاهرة قبل أن تخرج عن السيطرة.