مشكلة الأحزاب الإسلامية أنها لا تعمل بالحديث الشريف الذي يقول "لا يلدغ المؤمن مرتين من جحر واحد"، وكنت أتمنى أن ترى نفسها في مرآة الحقيقة قبل أن تستعد لدخول أي معركة، لأن تجاربها في ممارسة السياسة لم تجلب لها إلا المشاكل والخراب، وبالتالي فهي بحاجة إلى إعادة ضبط أمورها وهيكلة نفسها، ويبدو أن إزاحة حكومة الإخوان في مصر سوف تشكل صدمة للأحزاب الإسلامية في الجزائر، وسوف تعود بالإسلاميين إلى نقطة الصفر، بعدما فتح الربيع العربي شهيتهم نحو السلطة، وقد تصرف أبصار الإسلاميين في الجزائر عن كرسي المرادية للأجل غير مسمى. ويبدو أيضا أن فكرة إنشاء حزب إسلامي الذي يؤيدها البعض ويحذر منها آخرون، قد حسمت الخلاف بعد سقوط الإخوان، وعاد الحديث من جديد عن الدولة المدنية، وفصل الدين عن الدولة. الأحزاب الإسلامية في الجزائر على سبيل المثال هزمت في التشريعيات الماضية ولم يظهر لها أي اثر، وهو ما جعل أحد قادة هذه الأحزاب يتهم النظام بممارسة التزوير لصالح "الأفلان" و"الأرندي"، وقطع الطريق أمامهم لأنهم يثيرون مخاوف الأنظمة الفاسدة على حد تعبيره، وهو نفس الكلام الذي قاله قادة "الفيس" في السنوات الماضية، وأنهم يشكلون خطرا حقيقيا على الأنظمة المستبدة، فهل هذا يعني أن طريق الإسلاميين إلى السلطة مفروشا بالمعجزات؟ المشكلة الأخرى هي أن قادة الأحزاب الإسلامية عندنا يشبهون صحافة مصر، سرعان ما يتحلون ويغيرون جلودهم مثل الثعابين، ولا يفهم لهم موقف ولا رأي ولا معارضة، حتى أصبح لا وجود لهم في الساحة السياسية، ولا أدري لماذا لم يسألوا أنفسهم عن سبب انخفاض شعبيتهم وبقاء أحزابهم هزيلة وضعيفة، وكأنها ولدت وظلت ميتة، لكن حسب كلام قادتهم، فإنهم لا يتمنون إلا تشكيل ديكور إسلامي وزخرفة تشبه زخرفة جدران المساجد والزوايا. وفي اعتقادي أن الصندوق لن يقف إلى جانبهم هذه المرة، والسبب هو أنهم فشلوا في ممارسة السياسة ولم ينجحوا في لعب أي دور له علاقة بالإسلام، حتى وإن أسرفوا في خطاباتهم شبه الدينية، وهم يعلمون أن إعادة استنساخ حزب مثل حزب "الفيس" من ضروب الخيال، اللهم إلا إذا حدثت معجزات يعجز عن تفسيرها المنطق والواقع، أو إذا انسحبوا من الساحة ولا يعودون إلا عندما يشكلون حزبا أقوى من حزب "فيس الجزائر" و"إخوان مصر".