تبدو وزيرة البيئة الجديدة في غاية الحماسة للنهوض بقطاعها والحد من نسبة التلوث، التي جعلت البلد كاملا يبدو وكأنه مساحة شاسعة من العفن، لكن الحماس والشغف لا يمكن أن يبنيا بلدا أو يطورا قطاعا، ما لم ترافقه رؤية صائبة للمشاكل المستعصية التي يتخبط فيها البلد منذ سنوات. وزيرة البيئة حالها في ذلك كحال وزير البريد، التي جعلت من حذف النصوص الفرنسية (وليس تعريب لأن الوثائق معربة سلفا) من وثائق قطاع البريد إنجازا تاريخيا تتغنى به الصحافة، بالرغم من أننا لا زلنا نبحث عن الوساطات والمعريفة لاستخراج أجورنا، وبالرغم من أن طرودنا لا زالت لا تصل إلى عنوانيها، وإن وصلت كانت مبتورة، لكن كل ذلك لا يهم ما دمنا انتصرنا للفصحى، وما أجمل أن تساء معاملتك بلغة الضاد بدل لغة فولتير. عموما لا يمكن انتقاد قرار وزيرة البريد، لأنه قرار دستوري ويقع في صميم تطبيق قوانين الجمهورية، لكن لا يمكننا أيضا أن نبتهج به، ونجعل منه نجاحا يضاف إلى السيرة الذاتية للوزيرة. وبالعودة إلى وزيرة البيئة، فهذه الأخيرة لم تنتظر كثيرا حتى تتقدم باقتراح ضرائب إضافية في قانون المالية 2018 من أجل معاقبة الملوثين، في حين أن النظام الضريبي الجزائري يحوي عشر ضرائب بيئية على الأقل غير مفعلة، ولا يتم تحصيلها منذ سنوات، ولا ندري الهدف من استحداث رسوم أخرى تضاف إلى قائمة القوانين غير المفعلة وغير المطبقة، والتي تزين الجرائد الرسمية دون أن تكون لها نجاعة ميدانية. حكومة تبون طيبة وتمتاز بروح المبادرة، لكنها تبدو فعلا كمن يتخبط دون فائدة.