من الصعب التحقيق في قضية مطار "الثليثي" بمنطقة "المعلبة" التابعة لبلدية المجبارة بولاية الجلفة إذ يخيل لكل من يهم بالنبش في الملف أنه بصدد التعاطي مع قضية "أمن وطني". وما يزيد من تعقيد البحث في هذا الملف الذي يشغل بال سكان الجلفة منذ سنوات هو التعقيد الذي يتميز به حيث تتداخل فيه صلاحيات مديريات المصالح الفلاحية والنقل وأملاك الدولة ومسح الأراضي وديوان الأراضي الفلاحية بالإضافة إلى صاحب مشروع إعادة تهيئته وهي مؤسسة تسيير مطارات الجزائر والمجالس البلدية التي تعاقبت على بلدية "المجبارة" والذي يتفق جميع من تحدثنا إليهم أنها جعلت من أرضية المطار سجل تجاري يستدعى خلال الفترات الانتخابية، تضاف إلى كل هذه العوامل اشتراط جميع المسؤولين اللذين تحدثنا إليهم التحدث بصفة غير رسمية. "المطار؟ أكلوه يا أخي" وضعية مطار "الثليثي" اليوم جد مبهمة ولا يوجد أي مصلحة أو مديرية بإمكانها تحديد "المشكل" بصفة دقيقة رغم أن الجميع يقر أن فتح ملف المطار سيتسبب في "أزمة حقيقية" على حد تعبير أحد المسؤولين الذين تحدثنا إليه. "المطار؟ أكلوه يا أخي". هكذا وصف لنا مسؤول سامي وضع المطار المدني الوحيد بولاية الجلفة. لماذا؟ لأنه وحسب تعبيره لا توجد أي مديرية تسعى لحل المعضلة مع مراعاة الصالح العام حيث يكتفي المعنيون بالقضية بتأجيلها دوريا حتى لا تطفو إلى السطح كل "التجاوزات" التي وقعت سابقا خاصة فيما يتعلق بمنح قرارات الاستفادة لفلاحين داخل محيط المطار. "هل تعلم أنه وقبل سنوات تنقل مقاول معروف من ولاية الجلفة إلى المطار لتنصيب ورشة إعادة تهيئته فقوبل بحملة عنيفة من طرف مستغليه؟" يتساءل محدثنا. أين توقفت العجلة اليوم؟ "الكرة في مرمى مصالح أملاك الدولة فهي المكلفة بإصدار قرار تخصيص الأرضية من أجل تسليمه إلى مديرية مؤسسة تسيير مطارات الجزائر صاحبة المشروع من أجل الانطلاق في إجراءات إعادة تهيئته. هذه المرحلة متعثرة منذ سنوات"، يقول أحد الإطارات الذين اتصلنا بهم. حسب مصادر مطلعة، فإن الدولة قد خصصت غلاف مالي قدره 60 مليار سنتيم لإعادة تهيئة المطار وهي العملية المتعثرة منذ سنوات. "كذب"! يرد مسؤول آخر من مصالح أملاك الدولة مضيفا، "مديرية أملاك الدولة مجرد موثق لدى الدولة، نحن لسنا مكلفين بتخصيص الأراضي بل بتسييرها والمسؤول الأول عن المشكل هما مديرية النقل ومديرية المصالح الفلاحية". "حاليا، حددنا 04 مستفيدين يملكون أراضي داخل محيط المطار بمساحة إجمالية تفوق 100 هكتار من أصل المساحة الإجمالية (تقدر بأكثر من 500 هكتار) والإجراءات تقضي بتعويضهم بأراضي أخرى وترحيلهم من داخل محيط المطار"، يقول مصدر من مديرية المصالح الفلاحية. واقع الأمر هو أن كل المديريات المعنية غير قادرة عن إعطاء عدد محدد من الفلاحين الناشطين داخل محيط المطار ولا المساحة التي يستغلونها كون مديرية المصالح الفلاحية تتكلم عن من استفادوا من أراضي داخل محيط المطار في إطار عقود الامتياز فقط (وهذا في حد ذاته أمر غريب!) ولا تتحدث عن ما إن كانت هناك استفادات أخرى منحت عن طريق مصالح بلدية "المجبارة" خلال السنوات السابقة. من جهته، اعتبر مصدر من مديرية النقل أن مصالحه تتابع كل الإجراءات المنصوص عليها لاسترجاع أرضية المطار وتخصيصها للمشروع ولكنها تصطدم "بتماطل" مديرية أملاك الدولة التي تشترط لذلك وثيقة من مصالح مسح الأراضي التي هي بدورها تشترط إجراءات أخرى من مديرية أملاك الدولة التي تعتبر في الأخير أن أرضية المطار ملك لوزارة النقل ولا تستدعي قرار التخصيص المطلوب من طرف مديرية النقل! الحل؟ "على الوالي التدخل بصفة متواصلة" وعن كيفية حل هذا المشكل المستعصي الذي تحول إلى دوامة بيروقراطية يصعب فك شفرتها، يقول أحد مصادرنا أنه ينبغي على الوالي استدعاء جميع الأطراف وتحميل كل واحد منها مسؤوليته وتحديد إستراتيجية واضحة لحل هذا "اللغز الإداري" أو طمس الملف نهائيا ووضع خط نهائي عن مشروع المطار. "المديريات متناحرة فيما بينها وهي تتذكر المشروع عندما يتذكره أي مسؤول سامي فتعاود نفس الإجراءات التي قامت بها سابقا وترد بنفسي الأجوبة التي أوردتها سابقا في انتظار أن ينسى الجميع القضية لتعود الأمور إلى الصفر. شخصيا، أعتقد أنه يجب الضغط على كل المصالح المعنية لحل المشكل بصفة نهائية وتعويض من يجب تعوضيه والانطلاق في مشروع المطار"، يختم مصدرنا. نبذة عن مطار الثليثي: يقع مطار الثليثي جنوب شرق مدينة الجلفة ويتربع على مساحة إجمالية تقدر ب 553 هكتار و18 آر. به مدرجين، مدرج رئيسي بطول 1.800م ومدرج ثنائي بطول 1.400 م وبعرض 60 م لكلا المدرجين. المطار يدخل ضمن مخطط أملاك الدولة بالفوج رقم 10 وهو تحت وصاية المؤسسة الوطنية لتسيير المطارات. وقد رسم مطار "الثليثي" كمطار ذو استعمال محدود وفق المرسوم التنفيذي رقم 50-89 المؤرخ في 18 أفريل 1989 والمتضمن توزيع المطارات في التراب الوطني وهو مصنف في قائمة المطارات العالمية حيث يمكن لأي قائد طائرة أن يطلب الإذن بالهبوط فيه في حالات الطوارئ وهو حسب العارفين بالمجال مستعد لاستقبال حتى الطائرات الكبيرة. تاريخيا، انشأ المطار بمرسوم صادر عن إدارة المستعمر الفرنسي سنة 1956. تحقيق "صوت الجلفة": نسيم براهيمي الفرق بين وضع المستودع خلال فترة التسعينات ووضعه اليوم برج المراقبة اليوم الفلاحة اجتاحت المطار وغطت المدارج الرئيسية وضع المطار سابقا ومرسوم إنشائه