(عبّر عن رأيك بكلّ حرّية كيفما كان لكن لا تشتم من يخالفك الرّأي).. هذه هي القاعدة الأساسية في التعبير عن الرّأي، لكن أين نحن من آداب التعبير عن الرأي وآداب الحوار؟ يقول اللّه تعالى في سورة الكهف: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا.. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا}.. هكذا يروي لنا ربّنا العزيز القدير في سورة الكهف قصة ضلال (صاحب الجنّة) الذي جاهر بكفره بالساعة، وهو كفر بواح. لكن كيف قوبل هذا الكفر؟ كان ل (صاحب الجنّة) صاحب، قال له {وهو يحاوره} وليس يشتمه أو يعايره أو يضربه {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا) ولم يقل له (يا كافر). إنه أدب الحوار كما يحثنا عليه ربّنا الذي أمر موسى وأخاه هارون بأن يذهبا إلى الطاغية فرعون فيقولا لَهُ {قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أو يَخْشَى)، إنه توجيه ربّانيٌّ كريمٌ لرسولينِ كريمين بُعِثا إلى شخصية طاغيةٍ، إلى فرعون، لقد أُمِرَا بالقول الليّن واللين مِن شعائر الدَّعوة إلى الحق، وقد أُمِر به الرَّسول محمد - صلّى اللّه عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}. وليتنا نقتبس من هذه التوجيهات الربانية والأخلاق النبوية فنكفّ عن تكفير بعضنا وإطلاق الشتائم نحو من يخالفوننا الرأي. إن الاختلاف في الآراء سنة حياتية لا شكّ فيها، ومن المستحيل أن يكون الناس جميعا على قلب رجل واحد، وإذا كنا نطالب الآخرين باحترام آرائنا، فعلينا في المقابل أن نحترم آراء الآخرين، مهما أزعجتنا ومهما اعتقدنا بطلانها.