بينما أعادت الأزمة الأوكرانية العلاقات بين الحلف الأطلسي وروسيا ثلاثين عاما الى الخلف الى حقبة من الريبة والدعاية طويت مع انتهاء الحرب الباردة، كرس الناشطون الموالون لروسيا استراتجيتهم الهجومية، حيث استولوا ايضا على مبان حكومية وامنية اضافية في شرق البلاد الناطق بالروسية. وبعد ستة ايام على اول سلسلة من الهجمات على مبان حكومية في المدن الشرقية، استولى الناشطون الموالون لروسيا على مركز للشرطة ومقر اجهزة الامن في مدينة سلافيانسك وعلى مقر للشرطة في مدينة دونيتسك. ويأتي ذلك على رغم الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الاوكراني الموقت ارسين ياتسينيوك لدونيتسك الجمعة في محاولة منه لايجاد حل للازمة يستبعد تكرار سيناريو شبه جزيرة القرم. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد بحماية المواطنين الروس في الجمهوريات السوفياتية السابقة "باي ثمن"، كما حشد نحو 40 الف جندي على الحدود بين الدولتين، ما عزز الخشية من اجتياح محتمل. واستولى ناشطون على مركز الشرطة في سلافيانسك (حوالى 60 كيلومترا من دونيتسك). وكتب وزير الداخلية الأوكراني ارسين افاكوف على صفحته على فيسبوك أن "رجالا مسلحين يرتدون بزات تمويه سيطروا على مركز سلافيانسك ورد الفعل سيكون قويا". وواصل الناشطون تحركهم، حيث استولوا على مقر اجهزة الامن في المدينة نفسها بعد الظهر. وافادت شرطة منطقة دونيتسك، التي تضم سلافيانسك، في بيان ان "المجموعة المسلحة نفسها التي استولت على مركز الشرطة في المنطقة، استولت على مبنى الأجهزة الأمنية". وذكرت الشرطة ورئيس بلدية سلافيانسك ان المهاجمين أتوا من مدينة دونيتسك، التي يسيطر فيها انفصاليون منذ نحو أسبوع على مقر الإدارة الاقليمية. وحظي الناشطون بدعم من السكان، حيث تجمع كثيرون امام المبنيين، وهتفوا "روسيا! روسيا!". واظهر المتظاهرون قسوة تجاه الصحافيين الاجانب في المكان. وفي دونيتسك اقتحم متظاهرون موالون لروسيا يحملون الهراوات والعصي مقر الشرطة. ولم يواجه المتظاهرون الذين ناهز عددهم مئتين اي مقاومة فيما شوهد عشرات من عناصر شرطة مكافحة الشغب ارسلوا الى المكان لحماية المبنى يضعون اشرطة برتقالية وسود بلوني المؤيدين لروسيا. ويطالب الموالون لروسيا، الذين يسيطرون ايضا منذ نحو ستة اسابيع على مقر اجهزة الامن في لوغانسك، بالانضمام الى روسيا او اجراء استفتاء حول توسيع الحكم الذاتي الاقليمي. وقال رئيس بلدية سلافيانسك (نحن جميعا متفقون... المدينة كلها ستقف للدفاع عن الناشطين الذين سيطروا على المبنى)، في اشارة الى رفض اي تدخل بالقوة من السلطات. ووفقا لوزارة الداخلية الاوكرانية فان المعتدين استولوا على 20 بندقية واكثر من 400 مسدس من نوع ماكاروف، ووزعوها على انصارهم. وعلى الطريق بين مدينتي سلافيانسك ودونيتسك لاحظ صحافيون متظاهرين يتجمعون امام المباني العامة في مدينة واحدة على الاقل. وعلى خلفية تلك الاضطرابات اعلنت الحكومة الموقتة في كييف اقالة مسؤول اجهزة الامن الاقليمية. وخلال زيارته لدونيتسك الجمعة لم يجر رئيس الوزراء اي اتصال مباشر مع الانفصاليين. وتباحث ياتسينيوك مع ممثلين عن البلدية والسلطات المحلية الى ممثلين عن الاوساط الاقتصادية وخصوصا رينات احمدوف الرجل الاكثر ثراء في البلاد والذي كان لفترة طويلة من ابرز مؤيدي النظام السابق. واتفق رئيس الحكومة مع محدثيه على ضرورة التوصل الى حل سلمي للازمة. لكن الانفصاليين المدعومين من موسكو يطالبون بادراج النظام الفيديرالي في الدستور وهو ما ترفضه كييف، وترى انه يفسح المجال امام تمزيق البلاد، ولذلك فهي ترفض ان تذهب ابعد من النظام "اللامركزي". وخلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، طلب وزير الخارجية الاوكراني اندري ديشتشيتسا من روسيا وقف "الاستفزازات" في الشرق. ويخشى الغرب وكييف ان يشهد شرق اوكرانيا سيناريو مشابها لما حصل في القرم شبه الجزيرة الاوكرانية التي الحقت بروسيا في اذار بعد استطلاع للرأي لم يعترفا به.