رفضت السلطات الجزائرية رفضا مطلقا طلبا أمريكيا بإقامة قاعدة أمريكية لطائرات دون طيّار (درونز) في مناطقها الجنوبية، حسب ما ذكرت صحيفة (راي اليوم) اللندنية نقلا عن مصادر دبلوماسية موثوقة في واشنطن، مشيرة إلى أن الأمر تمّ طرحه خلال زيارة كيري الأخيرة إلى بلادنا، ويبدو أن واشنطن مُصرّة على مواصلة الضغط على بلادنا لتحقيق مصالحها. قالت الصحيفة الصادرة في العاصمة البريطانية (راي اليوم) التي يدير شؤونها الإعلامي الفلسطيني الشهير عبد الباري عطوان إن جون كيري وزير الخارجية الأمريكي ناقش مع السلطات الجزائرية خطر وجود الجماعات المسلّحة التابعة لتنظيم (القاعدة) في منطقة الصحراء والساحل والمثلّث الذي يقع على الحدود الماليةالجزائرية الموريتانية، خاصّة أنصار الشريعة وكتائب مختار بلمختار التابعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، واقترح إقامة قاعدة أمريكية كأحد الإجراءات الضرورية لمواجهة هذا الخطر، لكن السلطات الجزائرية لم تتحمّس لهذا الطلب فردّت الإدارة الأمريكية برفض طلب جزائري بشراء صفقة طائرات دون طيّار. وأكّد السفير الأمريكي لدى الجزائر هنري أنشر هذا الرّفض في حديث أدلى به للموقع الالكتروني (كلّ شيء عن الجزائر) عندما قال إن (بلاده ترفض تزويد الجزائر بطائرات هجومية دون طيّار) طبقا لعقيدتها التي تمنع توريد هذا النّوع من الأسلحة لدول أخرى، لكنها تدرس بيع طائرات من هذا النّوع، أي (درونز)، لكن (غير هجومية)، وإن مفاوضات مستمرّة بين البلدين في هذا الشأن. يذكر أن الولايات المتّحدة الأمريكية أقامت قواعد جوية لهذا النّوع من الطائرات الهجومية في جنوب ليبيا وجنوبتونس، حيث تقوم الطائرات دون طيّار هجومية بطلعات جوية في كلّ من اليمن وجنوب ليبيا، وكانت تأمل أن تقيم قاعدة مماثلة في الجزائر. ومعلوم أن بعض المصادر سبق لها وأن أشارت إلى تعرّض الجزائر للابتزاز الأمريكي بمناسبة زيارة كيري إلى بلادنا، حيث كشف المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يكون قد تعرّض للاِبتزاز والمساومة على يد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي حاول استغلال حساسية الظروف التي تمرّ بها الجزائر بهدف فرض شروط واشنطن، وهو امتحان عسير عبره بوتفليقة بسلام من خلال تفويته الفرصة على كيري ورفضه لشروط بلاده التي سعت ولا تزال إلى استدراج الجزائر إلى المستنقع الليبي. المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي قال حسب ما نقل عنه موقع سوداني إنه بعد انتهاء زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للجزائر ومغادرته العاصمة الجزائرية إلى المغرب أعلن في طرابلس أن ليبيا طلبت قوات مغربية للمرابطة في ليبيا والمساعدة في فرض الأمن والاستقرار في الساحة الداخلية المضطربة إلى حين إعادة بناء الجيش والمؤسسة الأمنية، فهل هناك رابط بين هذا الإعلان وبين زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الجزائر أوّلا ثمّ المغرب ثانيا؟ ردّا على هذا السؤال يسوّق المركز المذكور إجابة باحث في الشؤون المغربية يقيم في ليبيا، الباحث يكشف عن أن وزير الخارجية الأمريكي حاول أن يساوم القيادة الجزائرية أو يتوصّل إلى صفقة معها (أن تسكت الولايات المتّحدة وتغضّ الطرف عن الانتخابات ونمط إجرائها ونتائجها وعدم السّماح لمنظّمات أمريكية راعية للديمقراطية بالإشراف على الانتخابات مثل المعهد الديمقراطي ومؤسسات أخرى مقابل أن توافق الجزائر على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لصيانة الأمن هناك نظرا لتعثّر جهود السلطات في طرابلس لفرض السيادة والأمن على ليبيا وفشلها حتى الآن في بناء جيش نظامي وأجهزة أمن قوية قادرة على تفكيك الميليشيات ونزع سلاحها). الباحث يكشف أيضا عن أن السلطات اللّيبية حاولت الطلب من الجزائر عدّة مرّات أن ترسل قوات إلى هناك، وأن لا يقتصر تعاونها العسكري والأمني على تدريب كوادر عسكرية وأمنية ليبية في الجزائر وإنما تواجد قوات عسكرية جزائرية، وقد كانت آخر محاولة عندما زار رئيس الحكومة السابق علي زيدان الجزائر وتقدّم بمثل هذا الاقتراح، كما حاول من قبله رئيس المؤتمر الانتقالي السابق مصطفى عبد الجليل. وحسب المصدر نفسه فإنه بعد فشل هذه المحاولات لجأت السلطات اللّيبية في عهد زيدان وحتى في عهد الثاني إلى الولايات المتّحدة من أجل عرض هذا المقترح، وأن تتولّى الولايات المتّحدة التأثير على الجزائر نظرا لوجود عدّة أوراق بيدها يمكنها أن تستغلّها وتستخدمها للضغط على الجزائر. وعندما جاء كيري إلى الجزائر عرض ذلك على قيادات سياسية وعسكرية وأمنية وعلى رأسها الرئيس بوتفليقة دون شكّ وكانت حجّته أن الجزائر هي القوة الأقدر من حيث الكمّ والنّوع على القيام بهذا الدور في الساحة اللّيبية، لكنه فوجئ بموقف جزائري يرفض أيّ تدخّل خارج الحدود مثلما رفضت عرضا فرنسيا للتدخّل في مالي. وحسب ما أورده المصدر نفسه فإن الجانب الجزائري أوضح لوزير الخارجية الأمريكي أن بضع مئات، بل آلاف من أفراد الجيش اللّيبي ومن الأجهزة الأمنية يتلقّون التدريب في الجزائر، وأن الجزائر تواجه تهديدات إرهابية من عدّة نواحي من تونس ومن ليبيا وحتى من مالي، وأن مهمّة جيشها وقواتها هي التصدّي لهذه التهديدات، وأن قتالها ضد الإرهاب هو في داخل أراضيها وعلى حدودها.