تغرق العاصمة في الفترة الأخيرة في ألوان سوداء باهتة خلفتها أسواق الألبسة ومختلف السلع المستعملة والإقبال الكبير عليها من طرف العاصميّين الذين اختنقوا بارتفاع الأسعار فكانت هذه الأسواق المفتوحة على كل شيء اختيارهم الإجباري. ساحة الشهداء كانت ولا زالت على رأس قائمة أسواق الدلالة (الألبسة القديمة)، ففي الآونة الأخيرة تحولت المنطقة وفي غفلة من السلطات أو بشبه تواطؤ إلى ما يشبه البازار الكبير بسبب تضاعف الباعة المتجولين العارضين لمختلف السلع والمنتجات على كل الطريق من بداية شارع احمد بوزرينة إلى ساحة الشهداء وزوج عيون مرورا بساحة مسجد كتشاوة، وبعد أن كان باعة الألبسة القديمة يعرضون سلعهم في نهاية كل مساء بعد خلاء المكان من الباعة الآخرين ومن فئة النساء فأغلب زبائنهم من الرجال الشباب، إلا أنهم في الآونة الأخيرة أصبحوا يعرضون سلعهم حتى في ساعات النهار. في قلب المدينة القديمة تقابلك سوق السلع القديمة في ساحة الشهداء، ويظهر من بعيد السواد الأعظم للمواطنين اللاهثين وراء بقايا السلع، والمشكل أن هذا السوق الذي غزى ما بقي من ساحة الشهداء فلقد كان من قبل مقتصرا على منطقة الدلالة المتواجدة ما بين زنيقة العرايس وجامع اليهود بالقصبة الوسطى، إلا أن العدوى انتشرت وامتدت لتصل بالقرب من جامع كتشاوة ولكنها كانت مقتصرة على فترة المساء، إلا أنها الآن أصبحت على طول اليوم فيبسط الباعة سلعهم المختلفة المستعملة على طول الممر الذي بقي من الساحة، بعد أن احتلت الأشغال الجارية في المكان جزءا كبيرا من الساحة.. حالة الاكتظاظ الكبيرة التي تشهده المنطقة، خاصة مع أشغال الميترو الرابط ما بين البريد المركزي وساحة الشهداء، وغلق معظم أجزاء الساحة الكبيرة المتوسطة للمنطقة والتي كان باعة المنتجات القديمة يعرضون فيها سلعهم قبل بداية الأشغال، لم تمنع هؤلاء الباعة من فرض سيطرتهم، فتحولوا إلى مزاحمة الباعة الآخرين ومع حركة السيارات والحافلات التي انتقلت إلى وسط الطريق بسبب أشغال المترو التي استغلت المحطة القديمة، وبالتالي فإن المنطقة على حافة الانفجار في أية لحظة! وبهذا يصبح من المستحيل على أي كان المرور بهذا المكان، الذي يشهد إقبالا كبيرا على طول اليوم من كلا الجنسين فكل شيء موجود في هذا السوق، فعليك فقط أن تزاحم الناس وتحرس جيوبك من اللصوص الذين يحسنون استغلال حالات التزاحم خاصة إذا كانت في ممرات ساحة الشهداء الضيقة.