تشهد العاصمة مؤخرا نوعا من الفوضى والاكتظاظ خلفتها أسواق الألبسة ومختلف السلع المستعملة المعروضة على الأرض وعلى أرصفة الطرقات دون أدنى اعتبار للمارة، كحال سوق ساحة الشهداء بوسط المدينة الذي يستقبل يوميا أعداد غفيرة من الزبائن بالنظر الى انخفاض أسعاره. تعرف أسواق السلع المستعملة والقديمة إقبالا منقطع النظير بالعاصمة خلال الفترة الأخيرة من طرف المواطنين الذين أنهكت ميزانيتهم ارتفاع أسعار كل السلع، سواء الألبسة أو الأغذية فكانت قبلتهم الأولى هذه الأسواق التي انتشرت بشكل خطير ومتسارع عبر الشوارع الرئيسية للعاصمة خاصة الشعبية منها.. ومن خلال جولة قصيرة قادت أخبار اليوم بقلب العاصمة وبعيدا عن الأحياء الراقية، وبقلب المدينة القديمة تقابلك سوق السلع القديمة في ساحة الشهداء، ويظهر من بعيد السواد الأعظم للمواطنين اللاهثين وراء بقايا السلع، والمشكل أن هذا السوق الذي غزى ما بقي من ساحة الشهداء كان من قبل مقتصرا على منطقة الدلالة المتواجدة ما بين زنيقة العرايس وجامع اليهود بالقصبة الوسطى، إلا أن العدوى انتشرت وامتدت لتصل بالقرب من جامع كتشاوة (سوق بتشين 2) ولكنها كانت مقتصرة على فترة المساء، إلا أنها الآن أصبحت على طول اليوم، فيبسط الباعة سلعهم المختلفة المستعملة على طول الممر الذي بقي من الساحة، بعد أن احتلت الأشغال الجارية في المكان جزءا كبيرا من الساحة.. وبهذا يصبح من المستحيل على أي كان المرور بهذا المكان، الذي يشهد إقبالا كبيرا على طول اليوم من كلا الجنسين فكل شيء موجود في هذا السوق، فعليك فقط أن تزاحم الناس وتحرس محفظتك من اللصوص الذين يستغلون حالات التزاحم خاصة إذا كانت في الطرق الثانوية لساحة الشهداء.. والعبارة الوحيدة التي تسمعها في هذا السوق (عس جيبك وعس محفظتك). والجولة الثانية كانت من ساحة الشهداء إلى باب الوادي الحي العريق، قابلتنا نفس المشاهد ونفس الإقبال ونفس المواطنين بنفس الوجوه والجيوب الفارغة.. ففي وسط ساحة الساعات الثلاث بقلب باب الوادي يعتكف الباعة على عرض كل ما لا يخطر ببالك وبأسعار زهيدة، وهنا تزاحم النساء الرجال في البيع، فلقد وجدنا بعض النساء خاصة الكبيرات في السن وهن يعرضن بعض الأشياء التي لا تختلف كثيرا عما يعرض باقي الرجال، ونفس المظهر فهنا في باب الوادي كان هذا السوق من قبل، إلا أنه امتد ليشمل كل الزقاق المجازر وراء المسجد مباشرة وعلى طول الساحة.. ورغم أن هذه الأسواق الممتدة جذورها في العاصمة، بحيث سميت بالدلالة منذ العهد الاستعماري، في عدة مناطق من القصبة الوسطى إلى العقيبة ببلكور إلى الحراش، والتي تساهم في تشويه العاصمة خاصة بوجودها بشكل عشوائي في أحيائها الوسطى، بحيث تشكل منظرا غريبا لمن يدخل العاصمة لأول مرة، إلا أنها من جهة أخرى تستجيب لميزانية العائلات الفقيرة وما تحتويه جيوبها، بل إن حتى العائلات الميسورة أصبحت تقبل على هذه الأسواق بغض النظر على الأخطار التي تحدق بهم من حيث احتمال أن بعض السلع في الأصل مسروقة أو أن البعض منها غير صالح للاستعمال ومهترئ، ولا يمكن لهم استبداله عند هؤلاء الباعة الذين يغيرون في كل مرة موضعهم، إلا أن هذه الأسواق أصبحت الآن القبلة الأولى للعائلات بالعاصمة بسبب موجة الغلاء التي غزت كل السلع..