الوجه الآخر لصالونات التجميل تقصد المرأة الجزائرية مراكز وصالونات التجميل في كل مناسبة تصادفها، حتى لو كان مجرد بداية لأسبوع جديد للنشاط والعمل والجمال، من أجل الزينة والظهور بحلة جديدة، حتى لو كان يكلف الكثير، فتغيير لون الشعر أو تنظيف البشرة أصبح من الضروريات لدى المرأة، ومع انتشار العديد من الصالونات في كل أنحاء المدن أصبح الاختيار صعبا نوعا ما من ناحية النوعية والأسعار واستعمال المنتوجات المستوردة، إضافة إلى الديكور الذي يبهر الزبونات ويجذبهم إلى الاستمتاع بفخامة بعض صالونات التجميل للبحث عن الراحة والرفاهية. اشتدت المنافسة بين صاحبات صالونات التجميل من أجل الظفر بأكبر حصة من الزبونات، وبعيدا عن المنافسة الشريفة اندلعت حرب بينهن، فكل صالون يقدم عروضه أحسن من الآخر قصد إرضاء الزبونات واستقطابهن بكل الطرق حتى لو تجاوزت في المبالغة، هذا ما جعل سماسرة التجميل يفتحون أبوابهم لتحقيق الربح مستغلين عدم تفريق الزبائن بين المراكز المؤهلة وغير المتخصصة في عمليات التجميل فيعرضون حياتهم لمخاطر صحية وخيمة. حوادث مأساوية بمراكز غير متخصصة غالبا ما يقع الزبائن في فخ مراكز التجميل غير المؤهلة، فيكتشفون فشل عمليات التجميل التي تصل إلى تشويه الوجه أو ظهور آثار جانبية تؤثر سلبا على صحة الزبائن، خاصة أن أغلب مالكات صالونات الحلاقة خصصنا غرفا لمزاولة مهنة التجميل التي تتناقض مع عملهن الأصلي ما يلحق الأذى بمن يثقن بوهم براعتهن في هذا المجال، ليبقى هدفهن الأساسي هو تحقيق الربح من عمليات فاشلة قد تصل إلى الوفاة. ولم يقتصر الأمر على تلك الصالونات بل أن أطباء الجلد و(الميزوتيرابي) تفننوا في إيهام مرضاهم بإجادة تلك العمليات فكانوا سببا في تعرضهم لحوادث مأساوية، ومن بينها ما حدث لإحدى الفتيات بحي (بن عكنون) حيث أكدت لنا والدتها أن ابنتها قد فارقت الحياة بعد إجراء عملية لشفط الدهون بأحد مراكز التجميل، كما صرّحت أنّها لم تخبرها بإجراء تلك العملية وحاولت إخفاء الأمر عليها، ولم تعرف الأم بالأمر إلا بعدما تعرضت ابنتها لمضاعفات خطيرة، وبعد إجراء أشعة لها اكتشف الطبيب وجود ثقب أدّى إلى نزيف حاد تسبّب في تدهور صحتها، وقد أرجع الطبيب سبب وفاتها إلى ارتكاب خطأ أثناء إجراء عملية شفط الدهون. (سميرة) هي الأخرى أصيبت بسرطان الثدي بعد إجرائها لعملية تكبير الأعضاء بأحد مراكز التجميل المتواجدة بالجزائر العاصمة، حيث أكدت خلال حديثها أنها لم تتوقع أن إجراء تلك العملية سيصيبها بالمضاعفات الخطيرة التي لحقت بها، كما أضافت أنها تفاجأت بعدما أخبرها الطبيب أن الأكياس التي زرعت داخل ثديها كانت سببا في تعرضها لمضاعفات خطيرة وصلت حسب قولها إلى اكتشاف تعفّن بها ليتطور إلى إصابتها بتسمم دموي، حالة أخرى لا تختلف عن سابقتها وقعت ضحية في فخّ إحدى مالكات عيادة (الميزوتيرابي) والأمراض الجلدية بعدما أقنعتها أنها ستستعيد جمالها فكان مصيرها تشوه على شكل حروق على مستوى الوجه، وهي نفس التجربة التي مرت بها (كريمة) التي تقول إن الطبيبة نصحتها بالقيام بجلسات علاجية بالإبر الصينية بعدما أقنعتها بفعاليتها في مجال التجميل، ولكن وبعد مدة لاحظت ظهور بقع سوداء بوجهها واحمرارا شديدا وبعد استشارتها لطبيب آخر مختص علمت أنها مصابة بحروق من الدرجة الثالثة. وخلال زيارتنا لأحد مراكز التجميل ببئر خادم في العاصمة، علمنا بالصدفة من إحدى العاملات أنّ صاحبة المحّل لا تملك خبرة واسعة في مجال التجميل بل أن مهنتها الرئيسية هي الحلاقة النسائية، فقرّرنا التقرب منها حيث أخبرتنا أن أغلب الزبونات يطلبن إزالة التجاعيد وأن تلك العملية تتطلب حقنها بالبوتكس، كما أضافت أن المركز يتوّفر على أجهزة لشفط الدهون التي يزيد الطلب عليه من قبل الزبائن، وعن الأسعار فتقول أنها تتراوح بين 5000 دينار لحقنة البوتكس، أما لعملية شد البطن فتقدر ب30 ألف دينار، وبالنسبة لتكبير الأعضاء فتصل إلى 100 ألف دينار، كما أشارت في نهاية حديثها أن أغلب الزبونات يطلبن الخروج من هذا المركز بشكل يتشابه مع نجمات السينما أو المغنيات سواء العربيات أو الأجنبيات. في حين لاحظنا بالمركز السابق أن بعض الزبونات قمن ببعض العمليات الخاصة بتجميل الحواجب المسمّاة ب(التاتواج)، وحسب قول بعضهن فإن تلك العملية تجعلهن يحصلن على شكل جميل لوجوههن بصفة دائمة، ويقللن من المصاريف التي يقدمونها لضمان مظهر جذاب في عملهن وأمام معارفهن. غياب تام لمعايير النظافة والنوعية بالإضافة إلى كل هذه المخاطر نجد العديد من الزبونات اللواتي يشتكين من عدم مراعاة شروط النظافة لدى مراكز التجميل مثل تنظيف المنشفات والمشط واستعمال أدوات التجميل المقلدة، فهذه تشتكي من سوء المعاملة والخدمات ومستوى النظافة وصحة الأدوات، وأخرى أُتلف شعرها، وثالثة تعرضت بشرتها لحساسيَّة بسبب التركيبة التي لا تعرف أصلها وعند سؤال أي واحدة منهن وماذا فعلت؟ فهناك من وجدت نفسها عند الطبيب لعلاج الحساسية التي تعرضت إليها بسبب المواد المستعملة، وهناك من التقطت أمراضا خطيرة مثل فيروس الكبد الوبائي أو التهاب القرنية لاستخدام الكحل أو العدسات اللاصقة للتجميل، دون نسيان الحشرات التي تنتقل عبر المشط مثل القمل. وفي خضم كل هذه الحالات، يبقى صالون التجميل ضروريا في حياة كل امرأة على اختلاف مستواها المعيشي أو حتى غرضها من زيارته، لكن يجب أن تراعي هذه المراكز شروط الصحة والنظافة مع المراقبة والمعاقبة القانونية مباشرة بعد التبليغ عند التعرض لأي سوء.