تتسارع الأحداث بشكل مخيف في الجارة الشرقية للجزائر ليبيا، ولم يعد أفراد الجالية الجزائرية هناك في أمان، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بهدف (تهريب) الرعايا الجزائريين من هناك، بعد أن باتت حياتهم في خطر حقيقي. ومعلوم أن آلاف الجزائريين يتواجدون على الأراضي الليبية، غالبيتهم عمال يشتغلون في قطاعات مختلفة، يتقدمها قطاع الطاقة، حيث أوعزت الجزائر لعمالها هناك بضرورة العودة إلى بلادهم في انتظار انقشاع سحابة تدهور الوضع الأمني، خصوصا في ظل ظهور (سيسي جديد) يحمل اسم الجنرال حفتر، يبدو أنه قد أعلن الحرب على الأخضر واليابس في ليبيا. ونقلت وكالة رويترز للأنباء، أمس الثلاثاء، عن مصدر في شركة الطاقة الحكومية سوناطراك إن الشركة أمرت عمالها بالعودة من لييبا بسبب مخاوف أمنية في الدولة المجاورة. وقال المصدر إن حوالي 50 من عمال سوناطراك كانوا يعملون في ليبيا سيغادرون كلهم خلال ساعات قليلة. وأرسلت الجزائر يوم الجمعة فريقا من القوات الخاصة إلى طرابلس لإجلاء سفيرها وطاقم السفارة عقب تهديدات، وقال مصدر أمني إن الجزائر فرضت قيودا على المعابر الحدودية وتسمح فقط بعبور المواطنين الجزائريين من ليبيا والمواطنين الليبيين إلى ليبيا، يأتي ذلك بعد أن قررت قيادة أركان الجيش غلق كافة المعابر الحدودية مع ليبيا بصفة رسمية، كإجراء أمني احترازي، بسبب أعمال العنف التي تشهدها عدة مدن ليبية، والتي امتدت إلى العاصمة طرابلس. وقالت قيادة الجيش إنه سيتم، في الوقت الراهن، فتح معبري (الدبداب) و(تين الكوم) أمام الجزائريين الراغبين في العودة إلى الجزائر، بينما الخروج من الجزائر عبر المعابر المشتركة، متاح فقط لحاملي الجنسية الليبية. يأتي هذا القرار بعد أقل من ثلاثة أيام على سحب الجزائر لسفيرها، عبد الحميد بوزاهر، وغلق القنصلية الجزائرية بالعاصمة الليبية طرابلس، بعد أن أشارت مصادر إعلامية عن محاولة اختطاف السفير وأعضاء القنصلية في ليبيا. وذكرت مصادر دبلوماسية أن الوضع الجديد ولّدته الأزمة الليبية، وخاصةً عبر تدفق الأسلحة، والهجرة الجماعية للنازحين من المعارك المندلعة في ليبيا، عبر الحدود مع الجزائر. من جانب آخر قال الخبير في الشؤون الأمنية لمنطقة الساحل، الدكتور أحمد الزاوي: (بالنظر إلى التهديدات والتحركات الحثيثة للجماعات المسلحة على الحدود الجزائرية الليبية، فإنه كان متوقعاً أن يحدث تهديد للسفارة الجزائرية في طرابلس، يليه غلق للحدود، وهذا ما قامت به الجزائر). وأعرب الزاوي عن اعتقاده أن (ما حدث ليلة الخميس إلى الجمعة، حينما حاولت مجموعات مسلحة اختطاف السفير الجزائري، يعكس الظروف الأمنية غير المستقرة التي تعرفها ليبيا، والتهديد الذي يلحق بالممثلين الدبلوماسيين)، معتبراً أن قرار إغلاق السفارة، وبعدها إغلاق الحدود البرية، هو (إجراء نثمنه إلى أن يعود الأمن والأمان إلى ليبيا"، بحسب قوله. وفي سياق ذي صلة، أعرب المبعوث الخاص للأمين العام الاممي في ليبيا ورئيس بعثة الدعم الاممية بهذا البلد طارق متري امس الاثنين عن انشغال المنظمة بشأن الأحداث العنيفة الاخيرة في ليبيا ودعا الاطراف المعنية الى حل الخلافات بالحوار السياسي. وفي بيان صحفي اعربت بعثة الدعم الأممية عن قلقها بشأن (الاحداث العنيفة منها الهجوم على مؤسسات الدولة والرعب الممارس حيال السكان المدنيين). واضاف البيان "انه في هذا الظرف الحاسم بالنسبة للبلاد تدعو البعثة الاممية كل الاطراف المعنية لوقف فورا كل عمل عسكري واستئناف الحوار السياسي بدون عنف او تهديد". من جانب آخر، أكد قائد قوات درع ليبيا (1) محمد العريبي أمس الثلاثاء أن عناصر الدرع وصلت إلى مدينة بنغازي قادمة من العاصمة طرابلس للمساهمة في حفظ الأمن داخل المدينة. وقال العريبي في تصريحات له أن ( عناصر درع ليبيا (1) سيساهمون في حفظ الأمن داخل مدينة بنغازي ولن يتعرضوا لجهة بعينها). يذكر أنه قتل 75 شخصا وأصيب أكثر من 141 آخرين جراء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها مدينة بنغازي الجمعة الماضية.