أخبار اليوم تنقل شهادات حية لضحايا الإدمان أكثر من 30 ألف مدمن مخدرات في الجزائر أرقام مخيفة تدعو إلى دق ناقوس الخطر بدايتها جلسات سمر، سيجارة واحدة إحساس بالرجولة ثم خمر، لم يكتف بعد، حبوب مهلوسة بأشكال وكميات وتسميات مخيفة، حجتهم الهروب من الواقع والنهاية مؤلمة، إما أسوار سجن مظلمة أو الجنون، نعم إنه فخ المخدرات. يعاني أكثر من 280 مليون شخص على مستوى العالم من الإدمان على المخدرات وحسب المنظمة الوطنية لترقية الصحة تشير الإحصائيات إلى أن عدد الجزائريين المدمنين على المخدرات بلغ أكثر من 30 ألف مدمن مخدرات والتي لا تتوقف آثاره على المدمنين وأسرهم وإنما تمتد تداعياته إلى المجتمعات والدول. حسيبة موزاوي إذ تتسبب بعض أنواع المخدرات في تغييرات حادة في المخ كما تؤدي إلى سلسلة من الكوارث على مستوى الفرد والمجتمع، إنه ليس موضوع الساعة وإنما وجب التفكير به يوميا لأنه يسرق الشباب والأخطر من هذا عندما تقع فتيات ضحية هذا الفخ، هنا تقع الكارثة، حيث تبدأ معظم حالات إدمان المخدرات بتناول تلك المواد المخدرة بصورة متقطعة وغير منتظمة، لكن سرعان ما يتطور الأمر إلى درجة التعود ثم تحتاج لجرعات أكبر من المخدر حتى تحصل على الإحساس بالمتعة والاسترخاء، وبمرور الوقت تبدأ في الاعتماد على المخدر ولا يمكنها التوقف، فمجرد التأخر عن موعد الجرعة يعني ببساطة آلام جسدية ونفسية مزعجة. أمينة... ضحية التفكك الأسري أمينة حالة مازالت تائهة في عالم المخدرات وهذا بسبب التفكك الأسري الذي كانت نتيجته وخيمة عليها (كنت فتاة ملتزمة ومتحجبة حافظة للقرآن كتب الله أن فرق بين والداي وأنا في سن الثامنة، تخلت عني أمي، عشت مع والدي وعند بلوغي 11 سنة عاود أبي الزواج وأدخلني أحد المراكز هناك تعرفت على أصدقاء كانوا يعانون من مشاكل مثلي، في هذا المركز كنا نقوم بجولات والبنات اللواتي يكبرنني سنا كن تجلبن السجائر فتعلمت منهم، مع الوقت هربت من هذا المركز لأن طريقة التعامل معنا كانت سيئة جدا كانت سياسة (القوي يأكل الضعيف) ولهذا أصبحت شبه رجل (أتعاطى المخدرات، أشرب الخمر، أدخن). لم أستطع أن أبقى في هذا المركز لأنه لم يحمني ولن يحميني طوال حياتي لأن جميع نزلاء هذا المركز حين يصلون 18 سنة لا يحق لهم المكوث فيه، وبما أننا في مجتمع لا يرحم الإنسان يجب أن أصبح هكذا (نسكر نزطل باش ننسى بلي والديا سمحوا فيا وننسى بلي الدولة مقدرتش تعاوني)، كما أشارت أمينة أنها دخلت السجن في العديد من المرات جراء تعاطيها المخدرات. (لست من الذين يسرقون أنا أعمل بجهدي عندما خرجت من السجن أصبحت أعمل رئيسة مطبخ، المشكل الوحيد الذي أعاني منه هو تعاطي المخدرات والذي أوصلني إلى هذه الحالة هي ظروفي الاجتماعية أو بالأحرى التفكك الأسري، حيث أصبحت أصرف كل راتبي على هذا السم (اللي نجيبها فالنهار نصرفها فالليل)، لحد الآن لم أستطع الإقلاع عنها). في البداية كانت أمينة تروي قصتها بكل شجاعة وهي تسرد أحسست بقوة شخصيتها أو بالأحرى بما علمها الشارع لتواصل وهي تحبس دموع كنا نتألم كلما نزلت دمعة من عينها (إنسانة كيما أنا عايشه فالزنقة الوالد سمح فيا وأنا في عمري11 سنة الوالدة سمحت فيا وأنا في عمري 8 سنوات، لو شاهدني القارئ يحسبني رجل كيفاش حبيتوني مانزطلش لازم ندير هكذا باش يكون عندي القوة نقابل بيها المجتمع). لتتساءل أمينة (أمي الآن تعيش مع أخواتها وأبي أعاد الزواج والكل واصل حياته وأنا ما مصيري؟؟؟ أردت فقط أن أسترجع (كوارطي) لحد الآن لم يرد أبي أن يعطيني وثائق الثبوت الخاصة بي أردت أن أشتكيه لكن من أجل إخوتي تراجعت، نجحت في شهادة التعليم المتوسط بمعدل 14،65 وأردت أن أواصل دراستي وأدخل شعبة الهندسة لكن لم أستطع فأنا لا أملك أي وثائق تثبت هويتي). وفي الأخير أرادت أمينة أن تقدم نصيحة إلى كل من يتعاطى هذه السموم اتبعوا طريق الله فالإنسان الذي يتعاطى المخدرات صحيح أنه يهرب من المشاكل سواء العائلية أو الاجتماعية لكن هل عندما يستيقظ من هذا السم هل سيجد المشاكل حلت؟؟؟ الأكيد أنها لم تحل بل زادت تعقيدا. سمير فر من المنزل فاحتضنه رفقاء السوء كما تقربت (أخبار اليوم) من أحد الشباب الذين حكم عليهم ليكونوا عبيدا لسموم تسمى المخدرات (سمير) يروي قصته التي تدمي القلوب قبل العيون ليقول(كنت في 18 سنة حينما بدأت المشاكل في المنزل بين أبي وأمي وبعد عام انفصلوا بدأت التدخين وبعد عامين من التدخين أصبحت (أزطل) خرجت من المنزل بسبب المشاكل التي كنت أعيشها لم أستطع التحمل لم أعرف مع من أبقى وأين أذهب مع أبي أو مع أمي ولهذا قررت أن أخرج (للزنقة) لم أجد من ينصحني ولا من يوجهني إلى الطريق الصحيح حتى ووجدت نفسي أخالط جماعة من رفقاء السوء كانوا يعطوني قليلا لكي (أزطل) وبعد مدة أصبحت أنا اشتريها (وكي منلقاش باش نشريها نروح نسرق). ليواصل (سمير) عندي 7 سنوات وأنا (نزطل) ولا زلت لأن المشاكل مازالت تتبعني إلى حد الآن منذ كنت صغيرا وأنا أتعاطاها ولم أستطع الإقلاع عنها، وعن أمنيته في الحياة قال سمير (نطلب السماح من والديا، ونطلب ربي يرجعهم لبعضهم كما كانوا زمان هذه هي آخر كلمات قالها سمير قبل أن يذرف دموعا صامتة مع تنهيدة كانت كافية لتوصل لنا معاناته). أخصائية نفسانية تنوه بدور العائلة كم صعبة هذه القصص، تتعدد الأسباب والعوامل والنتيجة واحدة شباب في عمر الزهور ضحية سموم قادرة على أن توقف حياتهم في أي لحظة ولهذا ارتأت (أخبار اليوم) الاتصال بالأخصائية النفسانية (فاسي) التي تقول في هذا الموضوع إن ظاهرة تعاطي المخدرات الذي نتطرق إليه اليوم سوف يدخل العديد من البيوت سوف يترك الأم تقرأ والأب يقرأ وكل من تصفح على هذا المقال ويأخذ العبر من باب التوعية لأن الإنسان الذي يعيش اليوم في واقع اجتماعي المفروض عليه أنه يعرف شابا أو شابة على الأقل من قريب أو من بعيد في أهلنا أو في جيراننا أو في محيطنا له علاقة بالمخدرات، حيث أصبح هذا الشيء واقع مفروض علينا، المهم هو كيف نستطيع أن نحمي أنفسنا من هذه السموم وكيف نحمي الآخرين من حولنا؟ لذا يجب أن تكون لدينا معرفة بهذا الموضوع والأسباب التي أدت إليه. وعن الأسباب تقول المتحدثة سواء كانت اجتماعية أو نفسية والتي تكون عبارة عن ضغوطات هناك نفسية تنبع عند الإنسان من ذاته تستطيع أن تكون نقص الثقة هذه الأخيرة بإمكانها أن ترجع الإنسان منطوي ومنعزل ويلجأ ربما إلى المخدرات، هنا سيجد نفسه نسي ويستطيع التأقلم مع الناس لكن هل هذا هو الحل الأكيد؟ لا هنا سوف يزيح مشكل نفسي ليقع في مشكل آخر ويمشي في طريق لا يستطيع معرفة أين ستؤدي به وأين ستوصله. أما بالنسبة للضغوطات الاجتماعية سواء كانت أسرية أو محيط خارجي، بالعودة إلى الأسرية التي من الدرجة الأولى هي نقص الاتصال فإذا كان الأب أو الأم لا يتواصلان مع الابن سوف يكون نوع من الفتور في العلاقة الأسرية، هنا الابن سوف يبحث عن البديل والبديل في هذه الحالة سوف يكون آفة يقع فيها لا ندري أين ستوصله. كما أشارت الأخصائية النفسانية (فاسي) إلى أن الطريقة التي نجعل بها شبابنا يتخلون عن المخدرات ويرجعون إلى الوضعية الطبيعية هي العائلة، لأن هذا الشخص المدمن في حد ذاته سوف ينتقد أشخاصا آخرين ربما هم الذين سببوا له هذه الأزمة لذا يجب أن تكون هناك سياسة في التعامل مع المدمن لأنه بطبيعته حساس. مركز الوقاية والعلاج النفسي بالمحمدية أمل الكثيرين ومن جهة أخرى قامت (أخبار اليوم) بزيارة مركز الوقاية والعلاج النفسي الكائن مقره بالمحمدية والذي يستقطب يوميا العشرات من المدمنين على المخدرات وهذا لتوفره على وسائل طبيعية وبديلة عن الدواء، والتي من شأنها مساعدة هؤلاء، وحتى نشرح لكم كيفية المعالجة قمنا بأخذ مكان المدمن لنقف عند طرق العلاج. علاج الإدمان متعدد الأوجه جسدي نفسي واجتماعي يبدأ في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التوقف عن تعاطي المخدرات والتي يجب أن تصاحب إرادة قوية في الشفاء من هذا الداء اللعين، مستعينين بما يوفره المركز من وسائل للعلاج البدني والنفسي. وعن طرق التكفل بالأشخاص، يتم استقبالهم في قاعة مخصصة للتكفل النفسي الجماعي، حيث يدخل المربون معهم في حوارات مفتوحة كانطلاقة لإحداث أجواء التواصل والثقة، ثم يتم بعدها توجيههم نحو الطبيب الذي يشخص حالاتهم، ويقتضي التكفل الطبي مقابلات أسبوعية تركز في البداية على تعريف مستهلك أو مدمن المخدرات بأضرار هذه الآفة الخطيرة بصفة تمسكه من الأصبع الذي يؤلمه، وذلك من خلال إعلامه بأنها تسبب التجاعيد والشحوب للوجه وتؤدي إلى العجز الجنسي والعقم، إضافة إلى الإصابة ب(الأنيميا)، السرطان وداء فقدان المناعة، ليس هذا فحسب، بل تتم مراعاة إيقاظ الضمير من خلال تحريك الجانب العقائدي، وبعد المعالجة يمكن توجيه متعاطي المخدرات نحو الطبيب النفساني إذا كان يعاني من مشاكل أخرى. ويتم العلاج بواسطة الأعشاب الطبية بدل المهدئات، وهي تقنية علاج جديدة تم اعتمادها منذ 2005، فالبرنامج العلاجي للمركز لم يعد يعتمد على وصف المهدئات، لأن البعض من المدمنين يتحايلون من خلال عدم احترام الجرعات المحددة، مما يحول المهدئات إلى وسيلة إدمان مقننة! كما أن البعض يطلبونها بدعوى أنهم لا ينامون، إلا أنهم يستخدمونها لأغراض أخرى، هذه المعطيات جعلتهم أمام حقيقة مفادها (أننا لم نحل مشكل إدمان المخدرات)، مما استدعى التفكير في حل يواجه هذه الحيلة، ومنه توصلنا إلى فكرة إعداد خليط من الأعشاب يتم تناوله في شكل مشروب، حيث يعد بديلا طبيعيا يساعد على مواجهة الأعراض الناتجة عن التوقف عن تعاطي المخدرات. وتختلف مدة العلاج حسب حالة كل شخص، إذ لا تتجاوز 45 يوما بالنسبة للمستهلك الذي لم يصل إلى حد الإدمان، لكن الأمر يختلف بالنسبة للمدمن الذي يتطلب علاجه مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وقد تصل إلى سنة عندما تكون ظروفه صعبة. قد تستغربون البداية تكون للتجريب فقط والنهاية إدمان هاته هي المخدرات سم ينخر أجسامنا، إحساس بالرجولة وبعدها فقدان للشرف سواء للشباب أو الفتيات، ونحن نرصد قصص هؤلاء المدمنين لاحظنا الندم على وجوههم، شباب ضحايا وأولياء يستغيثون، لكن قد يصحى الضمير في الدقائق الأخيرة وأحيانا أخرى يغيب إلى الأبد وتكون النهاية مأساوية.