محلات ومراكز تجارية تتفنن في عرضها الجزائريون عرضة للتسممات الغذائية ومرض الكوليسترول والسرطان بعدما أصبح كل شيء يباع في الأسواق، فليس من الغريب أن تباع الأطباق الجاهزة في شهر رمضان على اختلاف أنواعها وأذواقها في المحلات والمراكز التجارية، حيث أصبحت بعض العائلات تلجأ إلى اقتناء الأطعمة الجاهزة من المحلات أو المطاعم التي تعمل على إعداد جميع المأكولات والأطباق الخاصة بهذا الشهر، على غرار الشوربة أو المثوم، لحم لحلو، طاجين الزيتون، بوراك وغيرها توفيرا للراحة والجهد وكذا الوقت، حيث دفعت أعباء الحياة وكثرة المصاريف ببعض ربات البيوت إلى هجرة بيوتهن بحثا عن العمل وانشغالهن بالعمل أدى بهن إلى الاستنجاد بالأكل الجاهز. حسيبة موزاوي ومن هذا المنطلق قامت (أخبار اليوم) بإجراء جولة استطلاعية وكانت الوجهة لأكبر مركز تجاري في العاصمة، حيث تجولنا في بعض المحلات لبيع الأكلات الجاهزة ووجدناها مكتظة بالنساء أغلبهن عاملات، اللواتي لا يتسنى لهن الوقت لتحضير أي نوع من الأطباق لأنهن يصلن متعبات جدا إلى البيت وبالكاد يحضرن السفرة، وسألنا إحدى الزبونات لتأكد لنا أنها في الأصل ليست بارعة في الطهي فتتجنب إفساد المقادير، وصحيح أنها لا تشعر بفرحة رمضان ولا بنكهته وتتأسف لذلك لأن الظروف تغيرت عن الماضي، مضيفة أنها تشتري بكميات قليلة بسبب الأسعار مقارنة بإعداده في المنزل، حيث تتراوح أسعار الأكلات الجاهزة من500 دج إلى 4000 دج حسب الكمية وحسب المكونات. توفير الوقت والجهد يدفع إلى المراهنة بالصحة لكن مع زيادة انتشار مثل هذه المأكولات الجاهزة قد تتسبب في الكثير من المشاكل الصحية في ظل التنافس بين المطاعم في النكهة والديكور والطعم، لأن معظم الأغذية بالمطاعم أو المحلات تكون مجمدة ومحفوظة بطرق عشوائية، ناهيك عن الزيوت المستعملة لأكثر من مرة، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وتكاثر الميكروبات، وبالتالي تحدث التسممات الغذائية، وفي هذا الخصوص تشير بعض الدراسات إلى خطورة مطاعم الوجبات والأكل الجاهز في زيادة معدل الإصابة بالسرطانات، ولعل أهم أسباب ذلك استخدام زيت القلي لمرات عديدة قبل التخلص منه بغرض خفض تكلفة الوجبة، مما يؤدي إلى بؤر من الزيت المحروق وهي مواد كربونية لها علاقة وثيقة بإحداث مرض السرطان، حيث تتعلق هذه المواد بالأطعمة المقلية فتدخل الجسم عند تناولها وكذا طريقة الطهي التي تبقى مجهولة. لذة رمضان تكمن في تحضير الأطباق بالمنزل بينما هناك عائلات أخرى لا تحس بطعم ولذة قدوم رمضان إلا إذا اشتمت رائحة الشربة والبوراك في بيتها، ومنذ بداية شهر رمضان الكريم يبدأ رجال البيت في اشتراط الأكل الذي يفضلونه على موائدهم في كل يوم، وفلان يحب هذه الطبخة وآخر يحب تلك، الأمر الذي لازالت آسيا 44 سنة محافظة عليه مهما تغيرت الظروف، حيث تذهب في بداية كل أسبوع من شهر الصيام إلى السوق لاقتناء كل المستلزمات حسب قائمة الطبخات التي ستحضرها، ورغم ارتفاع الأسعار إلا أنها تعتبر ذلك ضرورة أو أولوية لا تكتمل فرحة رمضان إلا بها، ورغم أنها لا تعيش سوى مع أمها وابنتها الصغيرة إلا أن تحضير الأطباق الشهية واجب لتبادل الزيارات مع الأقارب واستقبال الأحباب والجيران، وتعمل جاهدة على تعلم أصناف جديدة وتجريبها دون خوف أو عجز، وتنافس صديقاتها وجاراتها بها. وتبقى لكل امرأة وجهة نظرها وأسبابها التي تدفعها لاقتناء ما لذ وطاب من المحلات الجاهزة أو من عند نساء أخريات في وقت لم تبق فيه الأمهات كمركز تكوين هام للفتيات للحفاظ على فن الطبخ كموروث تقليدي، بل أصبحت الكتب والأنترنت المصدر الأساسي لتعلم الطبخ أو حتى اقتناء الأكل جاهزا دون جهد أو عناء ولا يكون في الحقيقة إلا سما قاتلا يتم جلبه إلى العائلة.