حين يدعو رئيس الجمهورية الأساتذة والباحثين إلى العمل على تطوير القدرات العلمية والبحثية وتحديث المناهج البيداغوجية وتكييف الأساليب التعليمية لجعل التعليم العالي يواكب تدريجيا ما تقدّمه الجامعات المتميّزة عبر العالم، فذلك يعني أن المسؤول الأوّل في البلاد يعترف بأن القدرات البحثية والمناهج البيداغوجية بالجامعة الجزائرية بعيدة عن المأمول ولا ترقى أبدا إلى مستوى الجامعات المتميّزة في العالم، وهو الأمر الذي تكرّسه التصنيفات المختلفة التي تقدّمها بين الحين والآخر هيئات دولية كثيرا ما لا تذكر اسما لأيّ جامعة جزائرية ضمن قائمة أفضل 500 أو حتى أفضل 1000 جامعة في العالم· وحتى على الصعيد الإفريقي ترتيب الجامعات الجزائرية يثير شفقة العدو قبل الصديق، وهو ما يكشف سرّ حرص الرئيس خلال إعطائه إشارة الافتتاح الرّسمي للموسم الجامعي الجديد أمس، على تأكيد ضرورة اجتهاد الأساتذة والباحثين على الارتقاء بالجامعة الجزائرية حتى تتبوّأ مكانة مرموقة في مجالات النمو المعرفي والتقدّم التقني وتحتلّ مرتبة متقدّمة ضمن التصنيف العالمي للجامعات· تحسين أداء الجامعة الجزائرية والارتقاء بها إلى مكانة مرموقة تليق بسمعة الجزائر بعد نحو نصف قرن من استعادة الاستقلال ليس حلم رئيس الجمهورية وحده وإنما حلم كلّ الجزائريين الذين يرون في الجامعة واجهة الجزائر العلمية في الخارج، ومن غير المنطقي أن يصنع أساتذة وباحثون جزائريون كثيرون مجد جامعات أجنبية وتغرق جامعة بلدهم في التخلف· لقد ظلّ سوء التكفّل بالأساتذة والباحثين من طرف السلطات العليا في البلاد سببا رئيسا وراء هجرة آلاف الكفاءات الجزائرية التي هجرت الجامعات الوطنية، لكن يبدو أن هذا السبب قد أصبح جزءا من الماضي بعد الإجراءات الهامّة التي أعلنها الرئيس لصالح الأساتذة والباحثين الذين بات بإمكانهم الحصول على أجور ومنح جيّدة، وذلك من حقّهم بالتأكيد، وفي المقابل أصبح واجبا عليهم محو صورة التخلّف والبيروقراطية والعجز العلمي التي باتت ملتصقة بسمعة الجامعة الجزائرية·· الجامعة لمختلف الآفات بدل أن تكون جامعة لأهمّ البحوث وأبرز الكفاءات·