أكّد مدير الشرطة القضائية عبد القادر قارة بوهدبة أوّل أمس أن عملية التعرّف على ضحايا الطائرة الجزائرية التي تحطّمت في مالي ستدوم عدّة أسابيع أو أشهرا وربما سنوات بعدما تبيّن أن عيّنات جثث الضحايات التي تمّ نقلها من مكان الحادث غير قابلة للاستغلال بسبب الظروف المناخية. قال قارة بوهدبة في ندوة صحفية: (من السابق لأوانه الحديث عن التعرّف على الضحايا، إنها عملية معقّدة يمكن أن تدوم عدّة أسابيع أو أشهرا وربما سنوات، المهمّ أن نصل إلى الحقيقة)، مشيرا إلى أن هذه العملية (هي أولوية إنسانية بالنّسبة لنا، وأن العديد من عيّنات جثث الضحايا التي أخذت في مكان الحادث غير قابلة للاستغلال نتيجة الظروف المناخية التي تعرّضت لها ونتيجة قوة ارتطام الطائرة وتحوّل الجثث إلى أشلاء متناثرة). وأوضح مدير الشرطة القضائية أن فريق الشرطة العلمية الجزائرية المتكوّن من 13 خبيرا عمل ب (التعاون والتنسيق) مع الخبراء الفرنسيين والإسبان لجمع العيّنات وتحليلها كلّ حسب خبرته، وأنه لم يتمّ إلى حدّ الآن التعرّف على أيّ جثّة، مؤكّدا أن كلّ دليل يمكن أن يؤدّي إلى التعرّف على الضحايا سيتمّ استغلاله، لكن يجب التحقّق منها بطرق علمية، وأن هذا العمل يستدعي أيضا مساهمة عائلات الضحايا بإجراء فحوص ومقارنات في الحمض النووي، وكذا استغلال أشلاء وأغراض الضحايا التي يتمّ العثور عليها، خاصّة وأن هذا العمل تطلب أكثر من 10 ساعات في اليوم، مشيرا إلى أن الخبراء الجزائريين أبدوا الكثير من الاحترافية والانضباط وتنسيق العمل وتبادل المعلومات مع نظرائهم نظرا للتجارب والخبرات التي استفادوا منها في السابق. من جهته، أكّد نائب مدير الشرطة العلمية الجزائرية علي فراقي أن (العيّنات التي يمكن استغلالها في تحديد هوية الضحية يمكن أن تعطي نتائج دقيقة، أمّا العيّنات التي لا يمكن استغلاها فتوضع جانبا لتحليلها في وقت لاحق باستخدام التقنيات الملائمة)، مصيفا أن كلّ العيّنات التي (نسمّيها ما بعد الموت تمّ أخذها وسنقوم بمقارنتها بما نسمّيه عيّنات ما قبل الموت لنتمكّن من تحديد هوية الضحية. وتجدر الإشارة ألى أن المسؤول العسكري لدى الرئيس البوركينابي الجنرال جيلبير دينديري قال إن انتشال الجثث سيكون صعبا جدّا وربما مستحيلا لأن الطائرة تفكّكت عندما تحطّمت وتناثرت قطع حطامها على مساحة كبيرة، في حين أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن (كلّ الجثث) سيتمّ نقلها إلى فرنسا من أجل تحديد هوياتها. وكان على متن طائرة الخطوط الجوية الجزائرية وهي من طراز (ماكدونال دوغلاس أم دي-83) المستأجرة من (سويفت أير) الإسبانية 118 شخص لم ينج أحد منهم، وهم 112 مسافر وأفراد الطاقم الستّة الإسبان، والركّاب هم 54 فرنسيا، 23 من بوركينا فاسو، ثمانية لبنانيين، ستّة جزائريين ورعايا من بلدان أخرى. إقامة صلاة الغائب على الضحايا أقيمت أمس الجمعة عبر مختلف مساجد الوطن صلاة الغائب على أرواح ضحايا حادث الطائرة الإسبانية المستأجرة من قِبل شركة الخطوط الجوية الجزائرية. وكانت الحكومة قد قرّرت سلسلة من الإجراءات لمرافقة عائلات ضحايا هذا الحادث المأساوي، من بينها إقامة صلاة الغائب من أجل السماح لأهل الضحايا بإقامة المآتم. وعلاوة على التعليمات التي أعطيت لمسؤولي شركة الخطوط الجوية الجزائرية من أجل التكفّل بتعويضات ذوي الحقوق، فقد أسدى الوزير الأوّل عبد المالك سلاّل تعليمات إلى سلطات المحلّية لمرافقة عائلات الضحايا. وكان وزير النقل عمار غول قد تنقّل غداة هذا الحادث إلى مكان تحطّم الطائرة مبعوثا من قِبل رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة. بوتفليقة يتلقّى العديد من برقيات التعازي تلقّى رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة العديد من برقيات التعازي من ملوك ورؤساء بعض الدول إثر حادث تحطم الطائرة الاسبانية (سويفت أير) المستأجرة من طرف الخطوط الجوية الجزائرية. وقد وردت هذه البرقيات من العاهل المغربي الملك محمد السادس وأمير دولة الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي والوزير الأوّل السربي ألكساندر فوسيتش ورئيس هيئة الرئاسة لمجلس الشعب الأعلى لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية كيم يونغ نام. كما تلقّى الرئيس بوتفليقة برقيات تعاز مماثلة من أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري عبد اللّه بن ناصر بن خليفة آل ثاني ورئيس جمهورية ألمانيا الفديرالية جواخيم جاوك ومن الرئيس البرتغالي أنيبال سافاكو سيلفا، وكذا من المدير العام للمنظّمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عبد العزيز بن عثمان التويجري. وقد تضمّنت برقيات الرؤساء والملوك والأمراء أحرّ التعازي وأصدق مشاعر المواساة لرئيس الدولة إثر سقوط الطائرة وعن التضامن الكامل مع الشعب الجزائري وأسر الضحايا في هذا الظرف العصيب. وللتذكير، فقد تحطّمت الطائرة المذكورة الخميس الماضي في شمال مالي أثناء قيامها برحلة بين واغادوغو والجزائر العاصمة. اتّفاق ثلاثي لتحليل العلبتين السوداوين وقّع وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة يوم الخميس مع نظيريه الفرنسي لوران فابيوس والمالي عبد اللاي ديوب اتّفاقا ثلاثيا يتعلّق بتحليل معطيات العلبتين السوداوين وحطام الطائرة التابعة لشركة (سويفت أير). ويرتكز هذا الاتّفاق -حسب نفس المصدر- على (الصلاحيات التي يخوّلها القانون الدولي للبلد الذي وقع فيه الحادث وهو جمهورية مالي، وكذا البلد الذي استغلّت شركة طيرانه الوطنية الطائرة وهو الجزائر، كما يدمج المسؤولية والإمكانيات العلمية والتكنولوجية لفرنسا التي تحصي أكبر عدد من الرعايا من بين ضحايا الحادث). وبموجب هذا الاتّفاق (أعرب مالي عن رغبته في الاستفادة من مساعدة المصالح الفرنسية المختصّة للقيام بتحليل معطيات العلبتين السوداوين وحطام الطائرة، وكذا تحديد هوية أشلاء الضحايا الذين كانوا على متن الطائرة)، كما تمّ التوضيح بأن (كلّ العيّنات التي تمّ أخذها بالتعاون بين فِرق الخبراء من مختلف الدول سيتمّ تحليلها على مستوى مرافق الطبّ الشرعي الفرنسية بمساهمة فعلية ومعتبرة لخبراء الشرطة العلمية الجزائرية ودول أخرى معنية).