أضحى تهريب الوقود والمازوت على وجه الخصوص من الجزائر نحو المغرب عبر الشريط الحدودي الغربي (مغامرة) شبه مستحيلة في ظل تدابير أمنية جدّ مشدّدة، ومع ذلك لا يتردّد بعض المهرّبين في تعريض أنفسهم للقتل بأيدي الأجهزة المختصّة بهدف الربح السريع الذي يتحوّل إلى كابوس عند حصول مواجهة بين الأجهزة الأمنية والمهرّبين. يواجه المهرّبون في المدّة الأخيرة مخطّطات ردعية لهذه الظاهرة ابتكرت لها وحدات حرس الحدود بالتنسيق مع مختلف فِرق وفصائل جهاز الدرك الوطني مناهج وآليات أعطت نتائج مهمّة في الميدان تترجمها الأرقام المحقّقة من حيث المحجوزات، وكذا تغيير المهرّبين لأساليبهم في التهريب تفاديا للوقوع في شباك مصالح الدرك الوطني. فبخلاف الأشهر السبعة الأولى التي حجزت فيها فِرق حرس الحدود حوالي 320 ألف لتر من الوقود ارتفع حجم المحجوزات من هذه المواد الطاقوية خلال نفس المدّة من 2014 إلى نحو نصف مليون لتر. وقد ارتفع حجم المحجوزات من الوقود في المدّة الأخيرة نظرا للتدابير الأمنية التي شيّدت سدّا منيعا في وجه تهريب هذه المادة، الأمر الذي دفع المهرّبين إلى نقل بضاعتهم على ظهور الحمير كوسيلة لتقليص المخاطر التي قد تفضي إلى الوقوع بين أيدي رجال الدرك الوطني، حسب ما أوضحه قائد المجموعة التاسعة عشر لحرس الحدود لباب العسّة المقدّم عبد الوهّاب بن عافية. وذكر نفس المسؤول خلال زيارة ميدانية موجّهة للصحفيين على مستوى الشريط الحدودي نظّمت ليلة الأحد إلى الاثنين بمبادرة من قيادة الدرك الوطني أن الإجراءات الأمنية المتّخذة سمحت بتراجع الظاهرة رغم ارتفاع حجم المحجوزات التي تبيّن مدى صعوبة مرور الوقود عبر الحدود في ظلّ (خطط أمنية محكمة)، وأشار إلى أن عملية حفر الخنادق وتشييد السواتر التي تمّ الانتهاء منها مؤخّرا، والتي تمتدّ عبر الشريط الحدودي الغربي ساهمت إلى حدّ كبير في ردع هذه الظاهرة، إلى جانب تحيين عملية انتشار حرس الحدود وفق المتطلّبات المتغيّرة في كلّ مرحلة لمكافحة هذه الجريمة التي تستنزف ثروات البلاد. وقد حظي صحفيون من خلال مشاركتهم في دورية ليلية جابت مؤخّرا مسافة معتبرة من الشريط الحدودي التابع إقليميا لتلمسان بفرصة الاطّلاع على التجهيزات الهندسية التي جسّدت بالحدود، حيث تلقّوا شروحات في عين المكان حول مختلف التدخّلات التي يقوم بها حرس الحدود لإفشال محاولات المهرّبين في تحدّي الظروف الجديدة، لا سيّما اعتماد بعضهم على ممرّات خشبية طويلة للعبور إلى جانب تخريب الخنادق والسواتر. وكعنصر أساسي ضمن استراتيجية جديدة لتضييق الخناق على المهرّبين، وفي إطار التنسيق ما بين جميع وحدات الدرك الوطني، لا سيّما حراس الحدود يتمّ في الآونة الأخيرة تنظيم مداهمات على مستوى مستودعات ومنازل تقع بالقرب أو داخل الشريط الحدودي بتراخيص قضائية وهي العمليات التي كلّلت (بالإيجاب)، حيث سمحت بحجز كمّيات هائلة من الوقود المكدّس والمعبّأ تحضيرا لنقله إلى خارج التراب الوطني (استغلالا لقرب المسافة التي تصل في بعض الحالات إلى أمتار قليلة). وقد عرفت الدورية التي حضرها ممثّلو وسائل الإعلام عمليات حجز كمّية معتبرة من الوقود ضبطتها الدورية على متن قافلة من 8 حمير موجّهة نحو الشريط الحدودي في حدود الساعة الواحدة ونصف صباحا، حيث كان على ظهر كلّ حمار 8 صفائح في كلّ صفيحة 30 لترا من الوقود. ورصدت ذات الدورية حمارا آخر قبلها بحوالي نصف ساعة بضواحي السواني التابعة لدائرة باب العسّة بولاية تلمسان، وهي المنطقة التي تقرب بعشرات الأمتار من ضواحي مغربية مثل بني درار وأحفير. وفي إطار عمل يومي منظّم يتمّ نشر الوحدات عبر الشريط الحدودي عبر دوريات محمولة وأخرى مترجّلة وكمائن في سياق مدروس ونظام مخطّط تدعّمها طلعات جوية يومية لمروحيات القيادة الجهوية الثانية للدرك الوطني قصد القضاء وبشكل كلّي على آفة تهريب الوقود التهريب بشكل عامّ.