حث المشاركون في المؤتمر الدولي حول "مكانة الإسلام في أوروبا الجديدة"، الذي اختتم أعماله امس في مدينة أنفيرس في بلجيكا، على ضرورة تضافر الجهود، سواء أكانت جهود جمعيات مدنية وسلطات، أم مؤسسات أكاديمية ومسؤولين، أم إعلاميين ومفكرين، من أجل تجاوز التوتر الثقافي والخلافات الدينية وتحقيق التلاقي البناء. كما أكدوا في البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الذي استضافته جامعة أنفيرس، على أهمية إبراز القيم الإنسانية بين الأديان السماوية، مع التركيز على القواسم المشتركة في صياغة المواثيق والقوانين، بإشراك خبراء وعلماء متخصصين في العلوم الإسلامية وقضايا المسلمين في الغرب. ودعوا إلى تجديد إدانة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" والتشويه المتعمد للإسلام، موضحينَ أن ترويج هذه الظاهرة في المجتمعات الأوروبية، لا يخدم الاندماج الإيجابي للأقليات المسلمة فيها، بقدر ما يؤدي إلى الإساءة إلى شريحة مهمة من المجتمع الأوروبي. ورحبوا بالمبادرة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بإقامة أسبوع عالمي للوئام بين الأديان، ورأوا في ذلك تعبيراً عن جوهر الإسلام ونظرته للآخر، ودعوا إلى تبني مصطلح الوئام إضافة لمصطلحات التسامح والتعارف والتعايش. ودعوا إلى الاستحضار الدائم لمبدأ الثقة المتبادلة بين أوروبا والإسلام، والعمل على نشره بين مختلف الشرائح الاجتماعية، عن طريق مؤسسات المجتمع المدني والمساجد والمدارس والوسائل الإعلامية. كما دعوا إلى تبني خطة المجلس الأوروبي المعتمدة يوم 23 جوان 2010، الداعية إلى رد الاعتبار إلى المكون الإسلامي في المجتمعات الأوروبية، عن طريق الحد القانوني من حملات الإساءة التي يتعرض إليها الإسلام والمسلمون، كقانون منع الحجاب ومنع المآذن في سويسرا، والإساءة إلى المقدمات والرموز الدينية، مع تفعيل التوصيات المتعلقة بتصحيح صورة الإسلام من الأفكار النمطية المسبقة في التقارير الإعلامية والمناهج الدراسية والأعمال الأدبية والفكرية. وأشاد المؤتمر بمبادرات الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات، التي تقوي أواصر العلاقات بين الأمم والتعايش بين الشعوب، وبمبادرة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بإنشاء "كرسي الإيسيسكو للتكوين في مجال الحوار وتصحيح المعلومات الخاطئة عن الإسلام" في معهد ابن سينا للعلوم الإنسانية في مدينة ليل الفرنسية، وبجهودها في مجال الحوار بين الثقافات والحضارات، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وخدمة العمل الثقافي الإسلامي في الغرب. وأكدوا على أهمية نشر التعليم الإسلامي في تحقيق أهداف الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمعات الأوروبية، على أن يراعي المربون والمدرسون الظروف المحلية، مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الأوروبي لهوية المسلمين المستقرين في أوروبا. كما دعوا الجامعات والمعاهد الأوروبية الحكومية والخاصة، إلى الانفتاح على المؤسسات الجامعية والمراكز البحثية المؤسسة والمسيرة من قبل كفاءات مسلمة أوروبية، ومساعدتها على مستوى البرامج والمناهج الدراسية، واستعمال المكتبات، والتجهيزات المختبرية، وتزكية ملفات الاعتراف القانوني بشواهدها الجامعية. وأكدوا أهمية استفادة المسلمين الأوروبيين من مختلف الآليات والإمكانات القانونية والإعلامية، التي تخولها لهم القوانين الأوروبية، عوض السقوط في ردود الفعل الانفعالية والعاطفية، لتصحيح المغالطات التي تلصق بالإسلام، واعتماد وسائل الاحتجاج السلمي، والنقاشات الفكرية، والمتابعات القضائية، وتسجيل الشكاوى لدى مصالح الأمن ومراكز مكافحة العنصرية. ونظم المؤتمر بالتعاون بين المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، وجامعة أنفيرس في بلجيكا، ومعهد ابن سينا للعلوم الإنسانية الذي يوجد مقره في مدينة (ليل) الفرنسية، والمؤتمر الإسلامي الأوروبي، وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ومركز الدراسات المغربية المتوسطية التابع للجامعة المذكورة.