يمكن للحب أن يولد بين شخصين من خلال الصدفة سواء كان ذلك في الشارع أو في العمل، كما قد يكون من خلال شاشة الكمبيوتر، فما بين الأسلاك يطول الحديث بينهما حيث يستحلى الكلام والبوح بالأسرار فيشعران بخفقة القلب ويبدآن بالحلم لكن كليهما يقع في حوار مع القلب والعقل، فهي ترى بأنه مجرد شخص غريب وما يجمعهما سوى شاشة وكلمات، أما هو فيرى نفسه على أنه مجنون نسي مبادئه وأخلاقه وبأن الأنترنت عالم غريب وكاذب وكيف يعشق مجهولة؟ فيحاول هذا الحوار إحباط الإحساس وإرجاعه للواقع، فيقاطعه القلب بألم وقلق؟ إلا أن السؤال الذي يقودنا إليه هذا الواقع هو هل يمكن أن يكون هذا الحب حبا حقيقيا أم خياليا؟ و هل الزواج من خلال الأنترنت قد يكون ناجحا؟ وتكتب له الحياة المديدة ! وهل تشبع الكلمات العاطفية المارّة عبر جهاز بارد عواطف الإنسان؟ أم أن هذه العلاقات أصبحت مجرد موضة وتقليد؟ أغلبها يكلل بالزواج وفي هذا الإطار تقول مليكة، من الممكن أن تنشأ علاقات حب حقيقية على الإنترنت بل وتكلل بالزواج أيضا، فأختي تزوجت بعد علاقة حب كهذه، حيث تعرفت من خلال المنتديات على شاب كندي، واستمرت العلاقة عامين ثم اتفقا على اللقاء فجاء إلى الجزائر وخطبها ثم تزوجا، وهذا ما حدث مع ابن عمي أيضا الذي تعرف على فتاة إسبانية عن طريق الإنترنت وتزوج بها. كذلك يرى محمد، أن الحب على الإنترنت بات أمرا عاديا، فهو حب حقيقي وممكن أن تنجح فيه العلاقة أو تفشل كغيرها من العلاقات الأخرى، والدليل على ذلك أن ابن عمي أحب فتاة على الإنترنت لمدة 3 سنوات، وكان ينوي الارتباط بها لولا أنها وفتها المنية، علما أنه كان يحادثها عبر الهاتف. خداع وأوهام وتعتقد نجوى أن علاقات الإنترنت تتيح للشخص إعطاء مواصفات خادعة، ولذلك فحتى لو تكللت العلاقة بالزواج نجد أنها لا تدوم طويلا لأن كلاً منهما يكتشف الآخر على حقيقته، والمشكلة في علاقات الإنترنت، كما تقول، أن هنالك أشخاصاً يستخدمونها كوسيلة للهجرة والانتقال إلى بلاد أخرى وخاصة الدول الغربية لتحسين أوضاعهم المعيشية. ولا يؤمن سمير، بالحب عبر الإنترنت فهو، من وجهة نظره، علاقة وهمية يلجأ إليها البعض لتحقيق النزوات الشخصية والرغبات الجنسية، ف (الدردشة) ربما تؤدي إلى تعارف أو صداقة ولكنها لا ترقى إلى حب حقيقي، وذلك لعدم وجود تسلسل منطقي في حصول العلاقة من جهة، ولعدم قيامها على أسس صحيحة من جهة ثانية، ورغم أنه لكل قاعدة شواذ ويمكن أن تحدث بالصدفة علاقة بين شاب وفتاة صادقين، إلا أن القاعدة هي أن نجاح الحب على الإنترنت أمر نادر الحدوث. غير مطابقة للواقع وتقول دكتورة فاسي، أخصائية الطب النفسي، إن الحب على الإنترنت أصبح اليوم نوعا من (الموضة الدارجة) والتسلية وهذا له أسباب كثيرة، من بينها سهولة الحصول على الإنترنت في كل مكان، وعدم وجود الوقت الكافي لإقامة علاقات مباشرة، بالإضافة إلى أسباب تتعلق بالخجل الاجتماعي وعدم الثقة بالنفس، أو الفراغ العاطفي، وإدمان الإنترنت، والملل الزوجي، أو بسبب المصالح كالهجرة مثلا، وبصرف النظر عن الأسباب، نجد أن علاقات الإنترنت قد تنجح، ولكن شريطة أن يتخللها الصدق بين الطرفين، ولكن المشكلة ومكمن الخطر في هذه العلاقة أن المعلومات المتداولة كثيرا ما تكون كذباً ومضللة بحيث تعطي صورة غير حقيقية للشخص، فكل طرف يريد أن يقدم الصورة التي يحبها ويتمناها لنفسه للطرف الآخر وعادة ما تكون هذه الصورة أجمل وأفضل من الصورة الحقيقية، ولهذا يحدث الإحباط عند المقابلة الشخصية، حيث يرى الطرف الآخر صورة مغايرة غير مطابقة للواقع، فضلا عن كونها علاقات وهمية تقوم على استخدام المخيلة في تكوين صورة الطرف الآخر وهي صورة ليست حقيقية بالضرورة. وترى المتحدثة أن علاقات الإنترنت باردة المشاعر وغير مشبعة عاطفيا، فالحبيب لا يستطيع أن يأخذ ولا أن يعرف كل شيء عن الطرف الآخر، ولذلك تجد أن كثيرا من الشباب والفتيات يكونون على علاقة بأكثر من شخص على الإنترنت في نفس الوقت. مخاطر منتظرة وأوضح (س. اليوسف) -أخصائي تربية- أن نسب إحصائيات عالمية تشير إلى أن 89% من مستخدمي الأنترنت هم شباب تحت العشرين سنة، وهو ما يحتم ضرورة توعيتهم بالمخاطر المُنتظرة، كالابتزاز أو السرقة أو الوقوع في كمائن تنصبها عصابات الخداع والسلب، مضيفاً أن من بين المخاطر الثقة المفرطة لشخصيات وهمية تهدف للإيقاع بالضحايا، مشيراً إلى أن مثل هذه الشخصيات لا تقتصر على جنس معين، فيما النسبة الأكبر للضحايا هم من الجنس اللطيف، مبيناً أنه من الصعب في هذا الزمن استخدام المنع لتجنب الوقوع في المحظور، خاصةً أن وسائل الاتصال تقدم خيارات متعددة لعالم الأنترنت، والذي أصبح في متناول الجميع من خلال أجهزة الجوال. وأضاف (من الأمثل أن يتم التعامل مع الأبناء والبنات بحكمة ووعي، مع التركيز على توعيتهم بضرورة عدم الثقة في الأشخاص المجهولين، إضافةً إلى عدم التأخر في اللجوء إلى لأسرة عند وقوع أي مشكلة حتى لا تتفاقم ويصعب حلها، من خلال التوضيح للأبناء والبنات أن الأسرة هي الملاذ الأول والأخير لهم).