لا يزال حلم الهجرة يراود شبابنا الذي لا يسعى إلى تحقيقه بشتى الطرق والوسائل، والمثير للجدل في الوقت الراهن هو عدد الفتيات اللواتي يعشن ذات الحلم ولكن ليس عن طريق "الحرقة" وإنما هي طريقة أخرى تجعلهن يدخلن البلاد الأجنبية بتأشيرة قانونية وهي الزواج بالمهاجرين الجزائريين أو الأجانب سواء عن طريق الانترنت أو صالونات التعارف وغيرها، وهي الظاهرة التي سلطت عليها الضوء يومية الاتحاد، سيما وأنها وصلت إلى حد تصدر الجزائر المراتب الأولى من حيث إعلانات الزواج للعنصر النسوي على منتديات ومواقع التعارف من أجل الحصول على شريك العمر.عرفت الفترة الأخيرة انتشار ظاهرة زواج الجزائريات من المقيمين في الخارج سواء كانوا جزائريين أم أجانب عرب وحتى غير العرب، وذلك بطرق مختلفة على رأسها الزواج عن طريق الانترنت ، حيث تعرف بعض المنتديات والمواقع إقبالا واسعا على غرار : "فارس أحلامك بانتظار"، "رجال وبنات عرب للزواج"، "تعارف بقصد الزواج"، "لتسهيل التعارف بين المغتربين"، "موقع زواج إسلامي"، "موقع زواج ادم وحواء"، والمسجل في المرتبة الأولى موقع "قران"، حيث يحوي على 5000 جزائرية مسجل فيه، وتحل الجزائر المرتبة الثانية في المغرب العربي بعد المغرب، ثم ليبيا وتونس، ما موقع "مودة فهو يحصي 7822 طلب للجزائريات بغية الزواج، وفيما يخص الصفات التي تريدها الجزائريات في شريك حياتهن عبر طلباتهن في مواقع الزواج، يأتي التدين في أعلى القائمة، وكذا الأخلاق الحميدة والإخلاص، ويتبعها أيضا الجانب المادي، وبالنسبة للجنسيات اللاتي تطلب الجزائريات الارتباط بهن، تتصدرها الجنسيات الخليجية. العودة.. بالشهادة والزوجة معا ومن جهة أخرى تفشت ظاهرة زواج الجزائريات بالأجانب،من جنسيات لم يألفها المجتمع الجزائري من قبل، كتايلاندا، الصين، ودول الجنوب الإفريقي، بالإضافة لزواج الطالبات الجزائريات من الطلبة الأجانب الذين جاؤوا للجزائر من أجل استكمال دراساتهم العليا، إلا أنهم في نهاية المطاف، يرجعون إلى بلدانهم بالشهادة والزوجة معا. الغربة.. تأشيرة دخول أم خروج؟! في نفس الوقت تلتمس الاتحاد عودة صالونات التعارف، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمهاجر جزائري يبحث عن زوجة يبحث عن زوجة تقاسمه مشقة الغربة، وهنا تجد الفتاة تلغي كل المقاييس والمعايير، التي كانت تتخذها،فلا يهم لا المستوى الدراسي ولا السن ولا حتى الشكل، لأنها ترى في هذا العريس الرجل المثالي، فهو مرتاح ماديا، لا يعاني من مشكلة السكن، أو أي مشكلة أخرى، بالإضافة إلى أنه متفتح بسبب تعايشه مع المجتمعات الأجنبية، أين لا تسيطر عليه عادات وتقاليد المجتمع، والأهم من ذلك سيمنحها تأشيرة الدخول إلى البلدان الغربية، والتي تشكل بلاد الأحلام بالنسبة إليهن، ناهيك عن التباهي أمام صديقاتهن، وقريباتهن خصوصا عندما يصبح لقبهن ب "الزميقريات"، إلا أن الكثير منهن يصدمن بالواقع المرير ولكن بعد فوات الأوان، فالشخصية المثالية التي كانوا يرسمونها في مخيلاتهم، بالإضافة للحياة الأمثل التي كانوا يتمنونها،لا علاقة لها مع ما يعيشونه في بلاد الغربة ! الفايسبوك" يلغي "الخاطبة" والأمر غير المتوقع تماما هو أنه في يوم ما تنتقل هذه العدوى إلى فتيات المجتمعات المحافظة، وأن مواقع التواصل الاجتماعي ستكون منفذا جديدا للزواج بين الشباب.آية هي ابنة إمام مسجد بولاية سطيف تقول : تعرفت على زوجي عن طريق الفايسبوك حينما أرسل لي طلب صداقة من الإمارات وكان في جولة سياحية بولايتي، وافقت عليه بعد ساعات ولم تستمر هذه العلاقة الفايسبوكية أكثر من شهر حتى تكللت بالزواج، وها أنا اليوم مقيمة بالخليج وآتي كلما أردت لرؤية أهلي لأن زوجي غني.أما الطالبة نجوم فتقول: الفايسبوك هو أحسن مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتيح للشباب إمكانية الزواج دون معاناة أو جهود كما كانت في السابق، "إذ أن الشابة تجد الزوج المناسب عن طريق الانترنت دون عناء أو تكليف أحد الأقارب ليقوم مقام الخاطبة" زواج الانترنت.. لعبة خداع تعددت الآراء بين المؤيدة و المعارضة لمثل هذه العلاقة وقصص نتيجتها كانت الزواج وأخرى كان مصيرها الفشل.مثل "مروة" فتاة في العشرين ماكثة بالبيت من ولاية بجاية التي قالت "التقيت سهيل من عنابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستمرت هذه العلاقة لما يقارب السنة، أغرمت به واعتدت على سماع صوته، حيث أصبح شخصا لا أستطيع الاستغناء عنه، تحدثنا عن المستقبل وأكد أنه يريدني للزواج، وكلما قرب وقت التقائنا، تحجج وغاب، لكن لي ابن خال يعمل بذات الولاية، فطلبت منه ان يبحث لي عنه ويتقصى عن أمره، فإذا به يفاجئني ويقول أن هذه المعلومات والمواصفات هي لرب عمله ومن الممكن أن يكون هو، والمصيبة أنني واجهته بالأمر ولم ينفه، حيث تبين أنه رجل تجاوز الخمسين، وله زوجتان و ستة أطفال. نعم هكذا كانت قصة حبي الخرافية ولذلك أأكد أن زواج الانترنت.. لعبة خداع ليس أكثر". الحقيقة تمثل العكس تماما أما ياسمينة موظفة في شركة للاتصالات وتبلغ من العمر 33 عاما كانت لها تجربة مصيرها الفشل عبر تلك المواقع فتقول "لدي الكثير من الصداقات التي أنشأتها عبر "الفايسبوك" ، من خلالها تعرفت إلى شاب وكنا نتواصل لمدة ثلاثة أشهر على "الفايسبوك"، قبل اللقاء الأول، أُغرم بي وكنت أنا أبادله المشاعر نفسها، لكن بعد لقاءات متعددة ازداد غرامه بي، في حين أنا لم أتقبله كثيرا، فانفصلنا بعد ثلاثة أشهر، بالتالي أعتقد أنه ليس بالضرورة نجاح هذه الطريقة لأن اللقاء أهم بكثير من الكلام الذي لا يبين صدق أو كذب المشاعر". زواج الشاشة.. كلمات تكتب باليد، لا يفهمها القلب وفي ذات السياق ترى حورية قبون أستاذة متقاعدة أن هذه العلاقات مصيرها الفشل، بل ترفضها رفضا قاطعا لهذا النوع من العلاقات، وتقول وأنا لا أسمح لابنتي بأن تقيم علاقة عاطفية عبر شاشة، لأنها لن تكتشف صدق الرجل أو كذبه من خلالها، والمؤسف أن التكنولوجيا أصبحت اليوم الحل البديل للعلاقات الإنسانية جميعها، فبالتالي ما عاد للحب قيمته كما كان في السابق، والحب والارتباط شيئان مقدسان لا يمكن أن يبنى على كلام فحسب، بل له أسس عميقة وأساسية لا يمكن إغفالها، لذا إن أراد الشخص الارتباط يجب أن يتم ذلك بطريقة صحيحة مبنية على العشرة والإحساس، لا على كلمات تكتب باليد، ولا يفهمها القلب، والحب لا يبنى فقط على كلام بل على تصرفات ومعاملة وهذا مفقود في الشات".أما عبد النور مغترب جزائري تعرف على سميحة عن طريق الشات ثم انتقلا إلى الفايسبوك ثم الهاتف، ويقول "في أحد الأيام نشرت على صفحتي رابطا يتحدث عن الحالات والصفات التي يتحلى بها الإنسان، وكان ثمة تعليقات كثيرة على الرابط، ومن خلال تلك التعليقات تعرفت على زوجتي التي أرسلت لها طلب صداقة فوافقت عليه واستمرت علاقتنا قرابة خمسة أشهر ثم تقدمت لخطبتها وتزوجنا، ثم حضرت كل الأوراق اللازمة لإقامتها معي في مدريد والآن نحن آباء لطفلين ونعيش أجمل قصة حب" اللي مكتوب على الجبين... أما صليحة "المغبونة" كما تسمي نفسها تزوجت عن طريق الفايسبوك، لكنها تصف نفسها بأنها "ضحية" لتلك العلاقة الفايسبوكية، وتقول "خلال التصفح على نوافذ الفايسبوك أرسلت طلب صداقة لأحد وبعد يومين قبلها، تطورت العلاقة إلى خطبة ثم زواج، قبلت المكوث معه في بيت العائلة، مع والدته الأرملة، وأختين عانسين،أين اعتدت التعرض للضرب من قبلهن يوميا، وعندما أشتكي لزوجي أفعالهن الشنيعة بي أتعرض للبهدلة والشتم والضرب من قبله أيضا، والآن أنا أفكر بالطلاق ولكن أهلي يرفضون" الزواج الالكتروني.. السلبي الايجابي بهذا الصدد تؤكد الدكتورة مهني فضيلة أن هذه المواقع تمكن للشباب خلق أجواء رومانسية وعدم إحراج الأطراف من خلال الحديث عن العلاقات والخصوصيات فالحديث، عن طريق الانترنت لا يؤثر على نفسية الشباب مثلما هو الحال عند المواجهة، ولكن لها سلبياتها أيضا حيث أن بعض الشباب يقعون ضحايا بسبب التهور والانجرار والمراهقة وعدم الإدراك فيتحولون إلى لقمة سهلة لضعاف النفوس بسبب نشر بعض الصور وتسجيل ملفات صوتية لهم ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي. العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج مشكلة العصر ويرى مختصون في علم الاجتماع انتشار هذه الظاهرة راجع لعزوف الشباب الجزائري على الزواج، وذلك لأسباب عدة، حيث كشفت آخر التقارير أن نسبة العزوبية في الجزائر بلغت أربعين بالمائة، غير أن كلمة عزوف الشباب على الزواج لا تجوز بالمعنى الصحيح، نظرا لكونه ليس مخيرا دائما في اتخاذ قرار الزواج، إذ تقف عدة عوامل حائلا لاتخاذ هكذا نوع من القرارات المصيرية، فهناك معوقات ابتدعا المجتمع الجزائري من ناحية وفرضتها الحياة العصرية من ناحية أخرى، فكلفة الزواج، والحصول على سكن وسيارة ، وشهر عسل في الخارج ن متطلبات الحياة العصرية، والتي لم تعد تقتصر على العمل والأكل وإنجاب الأبناء فحسب، بل تحتاج أيضا إلى تحدي عصر التكنولوجيا، والتعامل معها، في المقابل، فإن انفتاح الشباب الجزائري على الغرب أدى بروز أشكال جديدة للإشباع العاطفي، خارج إطار الزواج، وبالتالي تراجعت قيمة الأسرة، و علاقات التصاهر في المجتمع الواحد، لحساب أولويات أخرى، كالدراسة والرغبة في التحرر المادي والمعوي، دون أن ننسى ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع الجزائري خلق حذرا ورهبة لدى الشباب من مسألة الزواج.