يلجأ بعض الشباب والفتيات إلى طرق عديدة للتعارف ومحاولة تكوين صداقات، ومن تلك الطّرق "التّحادث عبر الإنترنت". ويقول الشباب المُدمن على هذه الطريقة بأنّهم يبحثون عن نصفهم الآخر! لكن لهذه الظّاهرة عواقب أخرى تتخفّى وراء نيّة إقامة صداقة وعلاقات، حيثٌ تجري هذه الدّردشة لساعات طويلة بعيدا عن أعين الأولياء، والأسوأ هو دخول الكثير من الشباب دائرة "الإدمان" عليها، غير أنّ اللافت للانتباه أنّ الدّردشة لم تبق حكرا على الشباب فحسب بل طالت الأطفال والكهول أيضا! فهل كان لجوء هذه الفئات إلى الدّردشة هروبا من الواقع للتعبير عن مكبوتات نفسية؟ أم أنّه التّأثّر بالغزو الثقافي الغربي؟ نادية سليماني كلّ من يقصد قاعات الإنترنت نهارا أو ليلا يجدها قد امتلأت عن آخرها بفئات عُمريّة مختلفة، منها من جاء للبحث والاستطلاع، أما السّواد الأعظم فيأتون للدّردشة مع أشخاص من مختلف دول العالم، مبرّرين ذلك بحجج واهية، كربط صداقات مع الأجانب أو حتّى البحث عن شريك للحياة. وتستمرّ المحادثات لساعات طويلة مع ما تستنزفه من جيوب ضحاياها، فالسّاعة الواحدة ب60 دينارا. البحث عن فرصة للهروب ....وعن زوج عربي! يقول" كريم" صاحب قاعة للإنترنت بباش جراح:" يداوم بعض الشباب على الاتصال بالأجانب ولساعات مُتأخّرة من الليل ولا يهتمّون بالتكاليف، فلكلّ واحد هدف مُعيّن، فالشابّات يبحثن عن زوج ويا حبّذا لو كان من الدول العربيّة، والشباب يبحثون عن فتاة أجنبيّة ربما تكون جسرا يوصلهم للضفة الأخرى هربا من مشاكلهم. لكنّ الأدهى والأمر حضور بعض النساء المتزوّجات والكهول وحتى الأطفال للدردشة عبر الإنترنت. وقد يعود سبب انتشار هذه الظاهرة لنجاح بعض العلاقات التي تكوّنت بهذه الطريقة، إلا أنها تعدّ على أصابع اليد الواحدة. صور الفتيات في الإنترنت "راضية" مُدمنة على الدّردشة الإلكترونيّة وتقضي أكثر من ثلاث ساعات في قاعة الإنترنت، وقد تعرّفت على رجال من مختلف الدول، من سوريا والنرويج والسعوديّة وهي تقول أنها تتبادل معهم الأفكار فقط! و"لطفي" هو الأخر يقضي ساعات طويلة في الحديث مع فتاة فرنسيّة ويحضّران لمشروع زواج قريب رغم أنها مسيحيّة! وهذا استثناء فقط، فنادرا ما تنجح هذه العلاقات بين اثنين. لأن الدردشة الإلكترونية تشكل خطورة بالغة على الأفراد فهي مبنيّة على علاقات وهميّة قائمة على الخداع والكذب والاحتيال، إذ يحاول كلّ طرف أن يَظهر للأخر بمظهر الملاك! وبصورة ملائمة لا تعكس حقيقته. ويسترسل البعض ويتمادون في الحديث فيخرجون عن الموضوع ويدخلون في أحاديث ومتاهات غير أخلاقيّة يُدمن عليها بعض ضعاف النفوس ولكم أن تتخيلوا كيفية استمرارها!، تقول" نورة":" في يوم كنت أتصفح الإنترنت فإذا بي ألجُ موقعا دينيّا يهدف لربط علاقات زواج فسجّلت اسمي ومعلوماتي الشخصيّة وبعد أيّام اتصل بي رجل سعودي وطلب مني إقامة علاقة قبل الزواج للتعرّف على بعضنا أكثر! فشتمته". وحتى بعض المتزوجات يلجأن للترويح عن النفس بالدردشة الإلكترونية والتي ستؤدي حتما لخراب بيوتهن إذا علم أزواجهن. والأسوأ في الأمر بعث بعض الفتيات لصورهن عبر الأنترنت لأولئك الأصدقاء مع ما فيه من خطر وتهديد لهن في المستقبل بعدما انتشرت عصابات الشواذ والمنحرفين على الإنترنت، والذين يلجأون عبرها لاصطياد ضحاياهم عن طريق الاتصال بهم وإغرائهم وتسهيل إجراءات دخولهم لبعض الدول الأجنبيّة، وادعائهم بأنهم شخصيّات مرموقة. وأشخاص آخرون يستغلون صور الفتيات المنشورة في الإنترنت لأغراض دنيئة كإدخالها في شاشة الهاتف النقال وتوزيعها على الأصدقاء. وحتى الأطفال دخلوا هذا العالم المليء بالمخاطر، فالطفل ابتداء من سن الثامنة يباشر بنفسه الاهتمام بكل ما هو جديد وبالتعامل مع الإنترنت، فيلجُ عالم التعارف مع أشخاص من أنحاء العالم. لذا يبقى دور الأهل والمدرسة أهم في هذه المرحلة الدقيقة والتي يجب فيها توجيه الطفل على الاستعمال الصحيح للانترنيت فلا يدخل المواقع غير الأخلاقية والتي تعتبره هدفا سهلا، والأهم عدم إعطاء الثقة للأشخاص الذين يتعرف عليهم من خلال مواقع التحدث. الاجتماعيون يحذرون: الدردشة دليل فقدان الثقة بالآخرين حسب المختصة الاجتماعية دليلة بلكبير، فإن العلاقات المبنية في الإنترنت هي علاقات نسبيّة ومُتغيرة وليس من السّهل الحكم عليها بالنجاح أو الفشل. وإذا خرجت عن الأطر الأخلاقية من احترام وثقة، فمن المستحيل أن يتحقق الاتفاق. ويلجأ إليها الشباب عند إحساسهم بعدم القدرة على مواجهة أنفسهم وافتقادهم الثقة بالآخرين خاصة المقرّبين، والفراغ والبطالة من أهمّ الأسباب التي تؤدي إلى إليها والتي ستنشئ أجيالا تخاف المواجهة مستقبلا. الدراسات النفسية تؤكد أن علاقات الإنترنت فاشلة: وفي دراسات نفسية أُقيمت مؤخّرا خلُص أنّ العلاقات التي تنشأ بهذا الشكل لا يُكتب لها النجاح والاستمرار غالبا، لأنّها تنمو في مناخ سيّئ ، وسببها الفراغ الثقافي والدّيني لدى الطرفين، فيبحث المُتصل عن أشخاص للاستماع إليه والبوح بأسراره وذلك محاولة لإفراغ شُحنات نفسيّة مكبوتة، وإشباع رغبات جنسيّة تُعتبر الهمّ الأكبر لشباب اليوم.