خلال العقد من الزمن الذي لعبه الأرجنتيني ميليتو في أوروبا سجل ميليتو 196 هدفاً في 386 مباراة في فرق جنوى وإنتر ميلان وسرقسطة. كما فاز بسبعة ألقاب، أهمها دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية في عام 2010 الإستثنائي الذي ختمه بمشاركته الوحيدة في كأس العالم عن موقع "الفيفا" في سن ال35، ترك المهاجم خلفه الطمأنينة والنجاح للعودة إلى نادي راسينج كلوب الذي ترعرع فيه وشهد تألقه في آخر بطولة فاز بها عام 2001. وقد تحدث لموقع "الفيفا" عن أسباب وتفاصيل عودته، بالإضافة إلى العديد من القضايا الكروية الأخرى. قبل 10 أو 15 عاماً، كانت عودة اللاعبين الأرجنتينيين أمراً مألوفاً، بينما الآن هناك العديد من اللاعبين الذين يفضلون إنهاء مشوارهم في أوروبا والبقاء هناك. ما سبب هذه الظاهرة؟ من الصعب شرح ذلك، أعتقد أنه يجب احترام قرارات الجميع. أنا سأتكلم عن نفسي وأقول لك إنني لا أستطيع أن أشرح لك لماذا لا يعود الآخرون إلى البلاد. البقاء في أوروبا هو قرار محترم بقدر ما هو العودة إلى الديار. في هذا السياق، كيف تشرح عودتك؟ في حالتي، كنت أفكر دائماً في العودة يوماً ما، وإذا سارت الأمور بشكل جيد، أود الإعتزال بنفس القميص الذي شهد ولادتي الكروية. ولكن هذا أمر شخصي. أنا سعيد لأنه قرار اتخذته من خالص قلبي ولا أعتقد بأنني سأندم عليه. بالنسبة لأولئك الذين لا يتابعون كرة القدم الأرجنتينية المرتبطة تاريخياً بفريقي ريفر وبوكا، من هو راسينج وكيف تعرّفه؟ من الصعب وصف الأمر لأنه شيء عليك عيشه لفهمه. نشأت هنا وقضيت ساعات كثيرة في النادي وأعرفه مثل معرفتي ببيتي. عندما كان يسألونني في أوروبا عن نادي راسينج كنت أقول لهم إن ميزته الرئيسية هي شغف جمهوره. إنه ناد كبير لديه تاريخ عظيم، ولكن وراءه جمهور استثنائي يعاني كثيراً، ولكنه يستمتع أكثر بإنجازاته. ألا تكترث أن تضع مكانتك الرفيعة لدى جماهير النادي موضع اختبار؟ لأنك بالإضافة إلى اللعب شاركت في جوانب كروية أخرى في النادي. لا على الإطلاق. أنا مقتنع بالأمر لأن الكثيرون قالوا لي "هل ستعود إلى راسينغ؟ كنت محظوظاً لتتويجك باللقب، ولكن الأمور صعبة في الارجنتين. ابقى في أوروبا واعتزل هنا." لقد قررت العودة رغم كل هذا لأنني عدت بعقلية إيجابية من أجل تحقيق حلم وأنا مقتنع بذلك تمام الإقتناع. بعد مغادرتك انتر ميلان، قلت "أنا ما زلت حياً وأريد أن ألعب أدوار أساسية مرة أخرى." كيف أثّر غياب ذلك الدور الوازن في قرارك؟ من الواضح أن إمكانية الحصول على الإستمرارية التي افتقدتها العام الماضي في انتر ميلان بسبب إصابة صعبة (تمزق في أربطة الركبة اليسرى) كان له تأثير كبير. ولكنني دائماً ما فكرت في العودة في حالة جيدة لتقديم شيء للنادي. لقد كان لفكرة المجيء إلى هنا واللعب والإحساس بالطمأنينة تأثير كبير. ما مدى صعوبة التعايش مع هذا الوضع في ظل غياب الإستمرارية؟ خصوصاً في مركز مثل مركزك الذي يعتمد فيه النجاح بشكل مباشر على الأهداف. هناك بعض اللاعبين، حتى في ظل غياب إمكانية اللعب، يستكينون لأنهم مرتاحون في المكان الذي يتواجدون فيه. كنت أعيش وعائلتي حياة سعيدة في ميلان وكانت جميع الظروف مهيأة للإستمرار، ولكني اتخذت قراري هذا وحظيت بمساندة زوجتي وأطفالي. يجب احترام جميع القرارات. ما هي أفضل لحظة عشتها في أوروبا؟ من الصعب اختيار لحظة واحدة فقط. سيكون من السهل والإجحاف أيضاً اختيار عام 2010 عندما صنعنا التاريخ مع انتر ميلان ، حيث لم يسبق لأي فريق إيطالي أن فاز بالثلاثية، كما فزنا بدوري أبطال أوروبا بعد 45 عاماً. إنها لحظات فريدة من نوعها ستبقى راسخة في الأذهان، ولكنني عشت أيضاً لحظات جميلة في جنوى، خصوصاً بعد عودتي من سرقسطة، حيث تعايشت مع أخي غابرييل، رغم أننا لم نكن نلعب معاً. من خلال معرفتك بكرة القدم الإيطالية، كيف تفسر عجز الأزوري عن تخطي مرحلة المجموعات في آخر نسختين من كأس العالم ؟ إنه سؤال صعب! لأن ايطاليا، خصوصاً في كأس العالم الأخيرة، كان لديها فريق رائع يضم لاعبين ممتازين، لا سيما في وسط الميدان: موتا وفيراتي وماركيزيو وبيرلو ودي روسي. كل واحد أفضل من الآخر وكلهم لديهم مستوى فني أعلى من المعدل. ولكنه مع ذلك يبقى فريقاً محترماً. بمناسبة الحديث عن كأس العالم، لنتحدث عن مسيرتك مع المنتخب الأرجنتيني. هل تشعر بأنك لم تحصل على فرص كافية أو أن الحظ لم يقف إلى جانبك؟ القليل من كلا الأمرين (ضاحكاً). من الصعب القول "كنت أستحق فرص أكثر"، خصوصاً عندما تنظر إلى جودة المهاجمين الأرجنتينيين. بغض النظر عن استدعائي في الكثير من المناسبات، ربما أشعر ببعض المرارة لأنني لم ألعب أكثر مما لعبته. يحاول المرء دائماً تقديم الإضافة قدر المستطاع. تحدثنا عن مسألة الحظ بسبب تلك المباراة ضد اليونان في جنوب أفريقيا 2010 عندما لعبت أساسياً ودخل مكانك مارتين باليرمو الذي تصادف مع كرة طائشة وسجل من أول كرة لمسها ليحتل الصفحات الأولى في كل الصحف الأرجنتينية. (يضحك) يلعب الحظ دوراً هاماً في جوانب كثيرة! آمل أن لا يزعج هذا الكلام أحداً، ولكنني لم أكن محظوظاً جداً في علاقتي مع المدربين. كل مدرب يفضل مهاجماً عن الآخر، وهذا أمر منطقي. أشعر أن بييلسا كان يحبني، ولكن عندما كان يستدعيني، لم أكن في مستوى المنتخب في ذلك الوقت، ولم أكن محظوظاً بما فيه الكفاية لكي "يقع في حبي" مدرب آخر يكون أمامه مهاجمان ويقول "مهاجمي المفضل هو ميليتو." من بين جميع اللاعبين الذين لعبت معهم، هل كان ميسي أفضلهم؟ نعم. ليونيل هو بلا شك الأفضل في العالم. إنه لشرف كبير اللعب إلى جانبه في المباريات والتدريبات. حالياً، من هو لاعبك المفضل في مركزك؟ أحب فالكاو كثيراً، إنه لاعب استثنائي، وديغو كوستا أيضاً الذي تحسن أدائه كثيراً. صحيح أنك عدت حديثاً إلى راسينج، ولكنك الآن في سن ال35، ألم تفكر في تاريخ محدد للإعتزال؟ لا (دون تردد). أحاول الإستمتاع بحياتي اليومية. من الناحية البيولوجية، أعرف أنه ليس أمامي الكثير من الوقت، ولكنني أحاول الإستمتاع بما تبقى لأنني عشت لحظات عصيبة بسبب الإصابة التي جعلتني أنظر إلى الأمور بشكل مختلف. وقد قال لي أخي غابريال الذي عانى من نفس الإصابة "استمتع لأنك ستدرك كل ما عانيته." هذا ما أحاول القيام به. هل سيعجبك تشكيل ثنائي مع غابريال، بغض النظر عن أنه متعصب لنادي إنديبندينتي، المنافس التقليدي لراسينغ؟ من الصعب حدوث ذلك! (يضحك). بغض النظر عن أننا أصدقاء وأشقاء أيضاً، لا أعرف ماذا سأفعله بعد الإعتزال، لأن كل واحد منا يقف على جانب مختلف هنا في أفيانيدا. في الختام، ماذا ستقول للاعب طلب منك أن تنصحه بشأن إمكانية العودة إلى الديار من عدمها؟ هذا أمر شخصي جداً. أنا خالفت رأي الأغلبية التي كانت تتهمني بالجنون. ولكنني كنت دائماً عاقلاً وأفعل ما يمليه قلبي.