على مدار الأيّام القليلة القادمة اعتمدت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزّة وفي مقدمتها (كتائب القسّام) الجناح المسلّح لحركة (حماس) وسرايا القدس الجناح المسلّح لحركة الجهاد الإسلامي على سلاح (قذائف الهاون) في عمليات قصف المستوطنات والبلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع أو ما يُعرف ب (غلاف غزّة). وصف سياسيون وعسكريون إسرائيليون سلاح (الهاون) بأنه الأكثر فتكا وتأثيرا، وأن الفصائل في غزّة باتت تعتمد عليه أكثر من استخدمها للصواريخ المحلّية الصنع. وذكرت صحيفة (يديعوت أحرنوت) الإسرائيلية مؤخّرا أن الحياة في محيط غزّة باتت مشلولة، وأن البلدات والمدن المحيطة بقطاع غزّة أخذت تفرغ من مستوطنيها في أعقاب سقوط قذائف (الهاون) التي تُطلق من القطاع باتجاهها. وبدأ الجيش الإسرائيلي العمل على خطّة لإجلاء أكثر من 400 عائلة من مستوطنات غلاف غزّة. وأشارت التقارير الإسرائيلية إلى أن تزايد عدد مستوطني هذه البلدات الذين طلبوا إجلاءهم في إطار حملة حكومية تنفّذها (السلطة الوطنية للطوارئ) جاء في أعقاب مقتل إسرائيلي جرّاء سقوط قذيفة (هاون) في البلدة التي يسكن فيها الجمعة الماضي. وأطلقت كتائب القسّام وسرايا القدس عشرات القذائف يوميا على البلدات والمدن الإسرائيلية المحاذية للقطاع. وأقرّ ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي بعجزهم عن وقف إطلاق قذائف (الهاون) من قطاع غزّة صوب البلدات والمدن الإسرائيلية، سواء من الجو أو عملية عسكرية برّية. ونقلت صحيفة (هآرتس) العبرية في وقت سابق لإطلاق النّار عن الضابط قوله إنه (في الوضع الأمني الحالي دائما سيكون هناك تساقط للصواريخ علينا)، وأنه (لا توجد للجيش قدرة على وقف إطلاقها بشكل مطلق)، وأضاف: (ليس لنا قدرة على وقفها لا من الجو ولا من خلال عملية عسكرية برّية، وفي وضع كهذا سيكون هناك دائما إطلاق صواريخ وقذائف بكمّية كهذه أو تلك)، وذكر أنهم يلاحظون أن (حماس) تطلق مؤخّرا قذائف (هاون) بالأساس وتقلّل من عدد الصواريخ التي تطلقها اتجاه المدن والبلدات الإسرائيلية، معتبرا أن (قذائف الهاون هي التهديد المركزي الذي يعيقهم ويصيبهم)، وقال إن (20 جنديا من بين ال 64 الذين قتلوا قضوا بقذائف هاون داخل العمق الإسرائيلي إضافة إلى عشرات الجرحى). وأدّت تلك القذائف خلال أيّام الحرب المستمرةّ على قطاع غزّة منذ السابع من جويلية الماضي إلى أضرار كبيرة في المستوطنات والآليات الإسرائيلية القريبة من الحدود وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف الإسرائيليين. وأثناء الاجتياح البرّي للحدود الشرقية من قطاع غزّة أربكت قذائف (الهاون) الجنود الإسرائيليين وأوقعت فيهم خسائر فادحة، حسب معلومات أكّدها قادة الجيش الإسرائيلي. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز صرّح أوّل أمس بأن أكثر ما يقلق الإسرائيليين القريبين من حدود قطاع غزّة قذائف (الهاون) وليس الصواريخ متوسّطة وطويلة المدى. وقال المحلّل السياسي في صحيفة (يديعوت أحرنوت) أليكس فيشمانس إن السلاح الفتّاك لدى الفصائل ليس الصواريخ، بل قذائف (الهاون) التي لا تتوفّر لها وسيلة إنذار مسبق. وأضاف فيشمان: (قذائف الهاون كانت ولا زالت نقطة الضعف في الدفاع عن الخطّ الأمامي الذي يشمل عشرات المستوطنات، في بعض الحالات انتهى الأمر بمعجزة ولم تقع إصابات). و(الهاون) عبارة عن قطعة مدفعية صغيرة ذات عيار قوي للضرب العمودي، من الأسلحة النّارية القديمة، بسيطة وقليلة التعقيد وهي تتوفّر بعيارات مختلفة وإن كان الشائع منها العيارات 60 مم، 80 مم و120 مم. ويتكوّن مدفع (الهاون) من أنبوب معدني (فولاذ) توجد في قاعدته إبرة أو مسمار إطلاق وتعتمد على التلقيم من الأمام وذلك بإلقاء قنبلة (الهاون) من فوهة المدفع لتنزل بفعل الجاذبية وطاقة وزنها ليرتطم المشعل الموجود في وحدة الذيل للقنبلة بمسمار الإطلاق أو الإبرة، والتي تشعل حشوة الإشعال المبدئية الموجودة في وحدة الذيل، والتي بدورها تشعل حشوة الدفع لتقذف القنبلة إلى الخارج. وكانت قذائف تستهدف المقاومة الفلسطينية يوميا المناطق الحدودية بعدد من قذائف (الهاون) من عيار 80 ملم و120 ملم