مازالت قوافل شهداء قطاع غزة تتوالى تباعا وسط استمرار آلة الدمار الإسرائيلية في شن عملياتها الهمجية برا وبحرا وجوا في حصيلة تقارب العتبة النفسية بسقوط ألف شهيد والآلاف من الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء. وشهد قطاع غزة في اليوم السابع عشر من المحرقة الإسرائيلية قصفا جويا مكثفا على عدة محاور في مدينة غزة أدى إلى سقوط المزيد من الشهداء مما رفع الحصيلة إلى غاية أمس إلى أكثر من 906 شهداء إضافة إلى أكثر من 4080 جريحا. وقال مدير عام قسم الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية معاوية حسنين ان حصيلة الشهداء ارتفعت مع دخول اليوم السابع عشر لبدء الهجوم الإسرائيلي إلى 906 شهداء من بينهم 273 طفلا و93 امرأة و92 مسنا و12 من الطواقم الطبية و5 من الصحافيين في حين تجاوز عدد الجرحى 4100 واصفا جروح الغالبية منهم بأنها خطرة. ويتواصل ارتفاع عدد الشهداء بشكل متلاحق في ظل العثور على المزيد من الجثث في مناطق التوغل أو وفاة جرحى في حالة الخطر. وصعدت إسرائيل من غاراتها الجوية بعدما فشلت في اقتحام مدن غزة في محاولة لفتح الطريق أمام قواتها البرية للتوغل في المدينة عبر ثلاثة محاور من الشمال والجنوب والشرق بسبب المقاومة الشرسة التي أبداها المقاومون الفلسطينيون. فقد شنت الطائرات الحربية الصهيونية صباح أمس غارات جوية استهدفت كل من منطقة جباليا وبيت لاهيا في شمال قطاع غزة مما خلف سقوط 15 شهيدا، كما اقتحمت قوات الاحتلال منطقة الخزاعة بالقرب من خان يونس الى الجنوب منه حيث دمرت 35 منزلا. وقال الجيش الإسرائيلي انه قصف 12 هدفا فقط منذ ليلة الأحد إلى الاثنين وهو رقم ضئيل مقارنة بعدد الأهداف التي كانت تقصفها الطائرات الحربية الإسرائيلية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في ال27 ديسمبر من العام الماضي. وادعى الجيش الإسرائيلي ان طائراته الحربية استهدفت مواقع لتخزين الأسلحة في منازل المقاومين الفلسطينيين وأنفاق مخصصة لتهريب الأسلحة والعتاد العسكري وهو ما يفسر القصف الجوي المكثف على طول الشريط الحدودي بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية أعلنت مساء أول أمس أن الجيش الإسرائيلي بدء يزج بقوات الاحتياط في ميدان المعركة لدعم القوات النظامية في قطاع غزة في مؤشر إلى بدء المرحلة الثالثة من هذه الحرب والتي تنتقل فيها المعارك من المناطق المكشوفة إلى شوارع وأزقة المدن. وهي المرحلة التي كان وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك قد وصفها بالصعبة باعتبار أنها ستلحق خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي واعتبرت جهات أخرى أن إدارة الاحتلال ترددت في بدء هذه المرحلة بالنظر إلى المخاطر التي تحملها. ويبدو أن إدارة الاحتلال قد اضطرت إلى إقحام قوات الاحتياط بعدما عجزت قواتها النظامية على تحقيق الأهداف التي سطرتها في حربها على قطاع غزة على الأقل فيما يتعلق بوقف إطلاق الصواريخ على المستوطنات اليهودية. فقد واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية التصدي لقوات الاحتلال من خلال الاشتباك مع الوحدات البرية وقنص جنودها ونصب الكمائن إضافة إلى مواصلة إطلاقها للصواريخ باتجاه المستوطنات الصهيونية. وأعلنت المقاومة الفلسطينية أمس عن قصفها للمواقع والمستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة بالصواريخ والقذائف رغم التحليق المروحي المكثف وسيطرة الجيش الإسرائيلي على محاور قطاع غزة الأربعة برا وبحرا وجوا. وقالت كتائب شهداء عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس أنها أطلقت صاروخ غراد باتجاه مستوطنة "كريات غات" واستهداف موقع المدفعية الإسرائيلية شرق مخيم البريج وسط القطاع بصاروخ قسام كما أعلنت عن تفجير عبوة أرضية في طريق آلية إسرائيلية على جبل الكاشف شرق مخيم جباليا. كما تبنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قصف مستوطنة "نير عوز" بصاروخين من طراز "قدس". من جانبها أعلنت كتائب نسور فلسطين وسرايا القدس عن قصف تجمع لقوات الاحتلال شرق عبسان بثلاث قذائف هاون وردت قوات الاحتلال بإطلاق قذائف مدفعيتها باتجاه المقاومين لم تسفر عن حدوث أي إصابات. وقصفت الكتائب تجمعا آخر لقوات الاحتلال بمستوطنة نتساريم بثلاث قذائف هاون عيار 120 فيما أطلقت كتائب حزب الله في فلسطين ثمانية صواريخ من طراز الرضوان باتجاه عسقلان وسديروت والنقب الغربي ونحال عوز. وفي الوقت الذي قررت فيه إسرائيل الزج بقوات الاحتياط في هذه الحرب ألغيت فيه زيارة لرئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد التي كانت مقررة أمس إلى القاهرة لإجراء مباحثات مع السلطات المصرية حول احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مؤشر إلى آن الحرب الإسرائيلية ستتواصل على الأقل في الأيام القليلة المقبلة. يأتي ذلك في الوقت الذي اتهمت فيه منظمة هيومن رايتس ووتش الجيش الإسرائيلي باستخدام قنابل فوسفورية ولفتت الأنظار إلى مضاعفات الحروق البالغة التي تسببها هذه المتفجرات المحظور استعمالُها بالمناطق المأهولة.