في ذكرى مرور 100 عام على بدء الحرب العالمية الأولى و75 سنة على الثانية تبدو الثالثة على الأبواب، مصغّرة هذا الشهر على الأرجح ومحصورة الساحات في العراق وسوريا، وقد تمتدّ شرارات منها إلى مشاعات قرى في لبنان، منها (عرسال) الشهيرة وإلى مواقع (داعشية) الهوى قرب مدينة طرابلس بالشمال اللّبناني. القتال يُنتظر أن ينشب بين قوات 40 دولة، ومعظمه بغارات جوية تبدأ من أربيل بشمال العراق، على حد ما أوردت الوكالات يوم الخميس عن وزارة الدفاع الأمريكية، وبين حشد من (الدواعش) موزّع في بلاد الشام، ويميل الخبراء إلى أن أفراده من 87 جنسية، بينها جميع الدول العربية بلا استثناء، فيما قدّرت (سي.آي.إيه) يوم الخميس عددهم بين 20 إلى 31500 مقاتل. تقديرات وكالة الاستخبارات الأمريكية استندت إلى (دراسة) جديدة لتقارير من مصادرها تمّ إعدادها بين ماي وأوت الماضيين، وزادت بأضعاف عن تقارير سابقة ذكرت بأنهم 10 آلاف، على حد من نقلت الوكالات مما قاله المتحدث باسمها راين تراباني، مضيفا أن سبب الزيادة هو (تجنيد أكثر زخماً منذ جوان الماضي بعد الانتصارات الميدانية وإعلان دولة الخلافة) في منطقة مترامية من حدود سوريا والعراق. ولا يشمل الحشد القتالي من التحالف الأساسي إلاّ 10 دول هي: الولايات المتّحدة وبريطانياوفرنساوألمانيا وكندا وأستراليا وتركيا وإيطاليا وبولونيا والدانمارك، فيما انضمت 30 دولة أخرى كشريك، منها 10 عربية تعهدت بمحاربة داعش في ختام اجتماع إقليمي عقد في جدة بحضور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وهي: السعودية والبحرين والإمارات والعراق وقطر والكويت وعمان ومصر والأردن ولبنان، واستثنوا إيران وسوريا. في سوريا 50 ألف داعشي و30 ألفا في العراق ولا أحد يعرف تماما كم مقاتل في (داعش) المجهول أيضا عدد أجانبه في سوريا والعراق حاليا، فمدير (المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب) ماثيو أولسن ذكر قبل شهر أن في المركز إحصائيات تشير إلى أكثر من 12 ألف أجنبي انضمّوا إلى الحرب الدائرة في سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية، منهم 100 يحملون الجنسية الأمريكية، بالإضافة إلى 1000 ينتمون إلى دول أوروبية، ومعظم هؤلاء انضم إلى الصفوف (الداعشية) فيما بعد. أمّا موقع (ديلي بيست) الأمريكي فنشر قبل أسبوع أن العدد الأكبر من أجانب التنظيم ليس من دول ذات أغلبية مسلمة، وأن عناصره يبلغون 20 إلى 25 ألف مقاتل، منهم 700 من فرنسا، حيث عدد المسلمين 5 ملايين، و500 من بريطانيا التي تضم مليونين و700 ألف مسلم، كما فيه 350 من ألمانيا، حيث المسلمون 5 ملايين أيضا، بينما إندونيسيا المعتبرة أكبر دولة مسلمة بالسكان البالغين 200 مليون، لم يغادر منها إلى (داعش) إلاّ 30 فقط، وفقط 20 التحقوا بالتنظيم من الهند البالغ عدد مسلميها 120 مليون. يكتبون أيضا أن (داعش) لم يكن لديه حتى يونيو الماضي (إلا 4 آلاف مقاتل فقط في صفوفه في العراق)، وفق تقرير لجيسيكا لويس، مديرة البحوث بمعهد دراسات الحرب الأمريكي، واطّلعت عليه (العربية.نت) بصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية بعنوان (The Terrorist Army Marching on Baghdad)، لكن رامي عبد الرحمن، مدير فرع (المرصد السوري لحقوق الإنسان) بلندن ذكر في 19 أوت الماضي أن (داعش) لديه 50 ألف مقاتل في سوريا، و30 ألفا بالعراق، بينهم 1000 شيشاني. وهناك تقرير صدر عن (مجوعة سوفان) الناشطة في البحث الاستخباراتي من مقرّها بنيويورك ذكر قبل شهرين أن 12 ألف أجنبي جاؤوا من 81 دولة على مراحل والتحقوا بالقتال في سوريا، منهم 3 آلاف أوروبي، ممن قد يكون (داعش) جذب إليه منهم العدد الكثير، فيما أكّدت تقارير أخرى أن مقاتلي (داعش) الأجانب هم من 93 جنسية. داعش ليس لعبة فيديو حربية على الإطلاق أكثر ما زوّد (داعش) بالمقاتلين باتّفاق الجميع هي روسيا التي التحق 800 من مواطنيها بالتنظيم طبقا لأرقام نشرتها صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية هذا الأسبوع، فيما احتلّت تونس المرتبة الأولى عربيا بتصديرها أكثر من 3000 إلى (داعش) الذي تضمّ صفوفه 51 إسبانيا و100 أمريكي و500 بريطاني، فيما ذكر وزير الداخلية الألماني توماس دى ميزيير أن 400 من بلاده التحقوا منذ 2011 بالتنظيم، عاد منهم 100 فقط إلى ألمانيا، وقدّر الأوروبيين في (داعش) بأكثر من 2000 هم الآن في سوريا والعراق. و(داعش) ليس لعبة (فيديو) حربية على الإطلاق، بل تنظيم يملك دولارات بالملايير ودبابات وصواريخ ومصفّحات وسيّارات رباعية الدفع وبعض الطائرات، مع أسلحة متنوّعة (غنمها) في غزوات مفاجئة على مواقع الجيشين السوري والعراقي، خصوصا في الموصل. وسبق أن حارب (الدواعشة) الجيشين الأمريكي والبريطاني ومليشيات متنوعة في العراق، وهم يقاتلون حاليا ضد الجيش العراقي وقوات الصحوة والبيشمركة، كما ومليشيات شيعية، منها (عصائب أهل الحقّ) و(جيش المهدي) و(حزب اللّه) العراقي ونظيره اللّبناني، والجيش السوري و(الجيش الحرّ) و(جبهة النصرة) وجبهات وكتائب إسلامية أخرى حتى أصبح محترفا وقادرا على إحداث الأذى الكبير، محلّيا في العراق وسوريا، وربما دوليا بأعمال إرهابية في دول الغرب، وهو أكثر ما تخشاه. تباين في مواقف دول العالم تباينت مواقف عدد من الدول إزاء إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الأربعاء، عزمه توسيع الضربات الجوية ضد أهداف (تنظيم الدولة) لتشمل مواقعه في سوريا. إذ رفضت روسيا شن ضربات ضد (المقاتلين الإسلاميين) دون موافقة (الحكومة الشرعية) وتفويض من مجلس الأمن، فيما استبعدت بريطانيا المشاركة في الضربات ووقفت الصين موقف المتحفّظ وشكّكت إيران في قدرة التحالف الدولي في دحر (الإرهاب)، أمّا النّظام السوري فحذر من أيّ عمل عسكري دون إذنه. فيما استبعدت بريطانيا الانضمام الهجمات الجوية الأمريكية ضد (تنظيم الدولة) في سوريا، وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في تصريحات صحفية (أعضاء البرلمان ضد القيام بعمل عسكري في سوريا، ولن يعاد النظر في هذا القرار). واتّخذت الصين موقفا متحفّظا من الخطة الأمريكية، إذ قالت إن العالم يجب أن يحارب الإرهاب لكن سيادة الدول يجب أن تحترم. وعبّرت الصين مرارا عن قلقها من تصاعد أعمال العنف في العراق وتقدّم تنظيم الدولة، لكنها تعارض أيضا أيّ عمل عسكري خارجي في سوريا. أمّا النّظام السوري فحذر على لسان وزير المصالحة الوطنية علي حيدر من أيّ تدخّل أجنبي في أراضيه، معتبرا أن ذلك سيكون (اعتداء على سوريا) ما لم توافق عليه دمشق. إيران تعتبر التحالف شديد الغموض في طهران، قالت المتحدّثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم إن التحالف الدولي الذي يتشكل لمحاربة تنظيم الدولة (يكتنفه الغموض). وأضافت في تصريحات صحفية أن هناك كثيرا من الشكوك حول (جدّية وصدق) أعضاء التحالف في محاربة الأسباب الحقيقية وراء ما أسمته الإرهاب. المتحدّثة التي لم تشر إلى خطاب الرئيس الأمريكي حول خطته لمحاربة التنظيم قولها إن بعض أعضاء التحالف الدولي (يدعّمون ماليا وعسكريا الإرهابيين في العراق وسوريا). وتعمل الولايات المتّحدة على تشكيل تحالف دولي لمواجهة (تنظيم الدولة) الذي تعتبره واشنطن أكبر تهديد لها ويضمّ مقاتلين عربا وغربيين.