حذر بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر من خطر العودة إلى ظاهرة "معاداة الكنيسة" العنيفة في أوروبا، والتي كانت سائدة في ثلاثينات القرن الماضي، داعيا القارة العجوز في الوقت ذاته إلى "استنهاض جديد لجذورها المسيحية". جاء ذلك خلال زيارة قام بها بابا الفاتيكان السبت إلى مدينة سانتياغو دي كومبوستيلا شمال غرب إسبانيا، وهي المزار الكاثوليكي التقليدي منذ القرون الوسطى حيث كان ينتظره 7 آلاف شخص في ساحة أمام كاتدرائية المدينة. وقال بابا الفاتيكان، الذي كان في استقباله ولي العهد الإسباني الأمير فيليبي نجل الملك خوان كارلوس وقرينته الأميرة ليتيسيا، محذرا "أخشى من بروز ظاهرة معاداة الكنيسة من جانب حركات علمانية عدائية". واستذكر البابا لدى نزوله من سلم الطائرة، التيارات القوية التي ولدت في إسبانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي، عشية الحرب الأهلية أبان عهد الحاكم الإسباني فرانكو، والتي دعت إلى العلمانية ومعاداة الكنيسة، وأثرت في أوروبا في ذلك الوقت. واستشهد بنديكت بعبارات قالها البابا يوحنا بولس الثاني في إسبانيا عام 1982، عندما دعا "القارة العجوز إلى إعطاء زخم جديد واستنهاض قوي لأصولها المسيحية". واعترف البابا بوجود مواجهة "قوية جدا بين الإيمان والعلمانية" في أوروبا، وفي إسبانيا بوجه خاص، ذلك البلد الذي تتراجع فيه التقاليد الكاثوليكية، مشيرا إلى أن "الحل هو في التقاء الإيمان والعلمانية كبديل لتلك المواجهة".. وذلك بحسب موقع بي بي سي. ودعا بابا الفاتيكان، إسبانيا وأوروبا إلى "تشييد حاضرهما والتطلع إلى المستقبل انطلاقا من حقيقة الإنسان الأصيلة". ورأى البابا أن الأفكار التي يدافع عنها الملحدون والمناهضون للكنيسة في أوروبا هي "محاولة لتشويه الإيمان الحقيقي". وأضاف أنه يجب على أسبانيا وبقية أوروبا أن "لا يهتما فقط بحاجات البشر المادية، بل أيضا بحاجاتهم الأخلاقية والاجتماعية والعقائدية والدينية". غضب كنسي من إسبانيا ولم يشر بابا الفاتيكان، خلال تصريحاته، إلى القوانين التي أبرمتها الحكومة الاشتراكية في إسبانيا خلال الفترة الأخيرة، حيث تبنت قانونا يضفي الشرعية على "زواج" مثليي الجنس، وتم بمقتضاه الاحتفال رسميا ب"زواج" 20 ألفا من الشواذ، بالإضافة إلى تشريع آخر يوسع الإطار القانوني للإجهاض وذلك في فبراير 2010. ووفقا لمصادر مقربة من الكنيسة، فإن هذين القانونين أثارا غضب الكنيسة الكاثوليكية، نتيجة لتراجع الممارسة الدينية في إسبانيا التي بدت أكثر بلدان أوروبا تقدمية في هذا المجال، بحسب قولهم، على الرغم من أن 73 % من الإسبان يقولون بأنهم بينهم كاثوليك. وخلال زيارته، سار بابا الفاتيكان على متن سيارته تحيط به الحشود، مرحبين بقدومه إلى مدينة سانتياغو دي كومبوستيلا وكاتدرائيتها، حيث صلى هناك وأقام قداس في ساحة أوبرادويرو والتي أمضى فيها آلاف الزوار ليلتهم على ضوء الشموع.