من المناظر التي نأسف لحدوثها في مجتمعنا، وتسبب لنا شعورا مريرا بالألم والحسرة، رؤية بعض المعاقين حركيا المتنقلين عبر كراسيهم المتحركة، وهم يكافحون لأجل الصعود إلى حافلة، أو سيارة أجرة، أو غيرها من وسائل النقل الأخرى، لأن ذلك يتطلب منهم كثيرا من الجهد، والوقت، والاعتماد على الآخرين، وعلى رأي العجائز في الجزائر بأنه لا زال هنالك "ناس الخير" فان هؤلاء المعاقين غالبا ما يعتمدون على بعض الشبان من المارة، أو أصحاب الحافلة، أو حتى الذين يكونون منتظرين أو متجمعين، لان كثيرا من المعاقين ينزلون إلى الشارع بمفردهم، ويفضلون قضاء مصالحهم بأنفسهم، أو أنهم قد لا يجدون مرافقين دائمين لهم من العائلة والأقارب، في وقت أضحى الجميع فيه مشغولا بالبحث عن مصالحه وقضاء حوائجه، هذا بالإضافة إلى انه ليست هنالك وسائل نقل خاصة بهذه الفئة، أو معدة خصيصا لتسهيل عمليات تنقلاتها وتحركاتها في جميع الاتجاهات، وإلى مختلف المناطق، فعلى الرغم من خصوصية حالاتهم، وصعوبة تأقلمهم مع وسائل النقل والطرقات والممرات الخاصة بالأشخاص العاديين، ولأن الأمر إلى غاية اليوم محكومٌ بضمائر الناس، ورغبتهم في فعل الخير ومساعدة هؤلاء الأشخاص العاجزين حركياً، وعن الاعتماد على أنفسهم بصفة كلية، يبقى المعاقون حركيا، في الجزائر بانتظار التفاتة جدية لتجسيد مختلف المشاريع الخاصة بهم من المباني والطرقات ووسائل النقل الموجهة إليهم شخصيا دون غيرهم، تراعى فيها احتياجاتهم وعجزهم وتساعدهم على عيش حياتهم وقضاء مختلف مصالحهم دون الحاجة إلى الاعتماد على الآخرين ولا إزعاجهم، والتخلص من شعور أنهم عالة على الناس سواء كانوا من المقربين أم من الغرباء. وفي هذا الإطار تابع كثير من المواطنين، سيدة معاقة حركيا، كانت على كرسيها المتحرك، يدفعها طفل في العاشرة من العمر تقريبا، وعندما وصلت إلى الحافلة التي تريدها عجزت عن الصعود وعجز الطفل عن مساعدتها في الوقوف مما دفعها إلى الاستنجاد بقابض الحافلة الذي قام بحملها بين ذراعيه ووضعها في الكرسي الأمامي للحافلة، بالإضافة إلى قيامه بطي كرسيها المتحرك ووضعه بقربها إلى جانب حقيبتها، ومثلما هو واضح فإنها ستحتاج إليه دون شك، عند نزولها من الحافلة، لأنه سيكون مضطرا إلى حملها ووضعها على كرسيها، ولعلها قد تقضي يومها كله وهي تستعين بعدد من الأشخاص، حتى وان كانوا يفعلون ذلك بطيب خاطر ورغبة في نيل الأجر والثواب، وهو أمر نحمد الله كثيرا على استمرار وجوده في بلادنا، إلا أن ذلك يطرح بدوره إشكالية انعدام وسائل نقل خاصة بالأشخاص المعاقين، لأن العينة السابقة الذكر ليست الوحيدة، وهنالك الكثيرون غيرها، ممن يتخبطون في نفس المشكل بصفة يومية تقريبا، دون أن ننسى من هم محرومون من الدخول والخروج ورؤية العالم الخارجي لهذا السبب بالذات، اللهم إلا من كانوا يملكون عربات أو دراجات نارية خاصة بالمعاقين. نفس المشهد صادفناه سابقا، وهو يتعلق بشخص طاعن في السن، أتى به احد الشبان إلى محطة القبة، حيث كان الشيخ المعاق قاصداً الحافلة المتجهة إلى ساحة الشهداء، وعندما أوصله إلى هناك طلب من القابض والسائق وبعض الشبان مساعدته على وضعه داخل الحافلة، ووضع كرسيه بجانبه، ثم أدرك الجميع أن الشاب مجرد فاعل خير فقط قام بنقله إلى المحطة المذكورة، وأوصى به القابض كي ينزله في محطة رويسو، وبعد وصوله إلى هناك، تكفل بعض الركاب بإنزاله ووضعه على كرسيه المتحرك، ثم احتار الجميع في من سيقوم بدفعه إلى الوجهة التي يريدها إلى أن تطوع احدهم لذلك، وهو ما يطرح إشكالية أخرى تتعلق بأهالي واسر هؤلاء المعاقين الذين يبدو جليا أن لهم عائلات وأقارب يتركونهم يتجولون بمفردهم في الشوارع والطرقات مع أن حالتهم الصحية لا تسمح لهم بذلك مطلقا. ويبقى المطلب الأساسي انه من الضروري إيجاد وسائل خاصة بالأشخاص المعاقين، وهو مطلب ترفع مختلف الجمعيات الخاصة بالأشخاص المعاقين وسبل مساعدتهم والتكفل بهم في كل مناسبة، كي يتسنى لهم القيام بمختلف احتياجاتهم، أو تجهيز وسائل النقل العامة لتناسب المعاقين حركيا.