عاشت اليمن، أول أمس الخميس، يوما داميا هزّ أرجاء واسعة من أراضيه، من حضرموت شرقا، إلى العاصمة صنعاء، وسطا، كانت محصلتها 66 قتيلا ونحو 88 مصابا على الأقل، وهو يوم توقع محلل سياسي يمني أن يكون تدشينا لمرحلة صراعات طويلة الأمد. فبعد ساعات من سقوط 19 جنديا وإصابة 13 بعملية انتحارية نفذها تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت، الخميس، كانت العاصمة صنعاء على موعد في اليوم ذاته مع أعنف هجوم دموي تشهده خلال العام الجاري، حيث استهدف تفجير انتحاري بحزام ناسف متظاهرين من جماعة أنصار الله (الحوثي) في ميدان التحرير؛ ما أسفر عن مقتل 47 شخصا وجرح 75، وفق بيانات حكومية. وسادت حالة غليان في الشارع اليمني على المستويين الرسمي والشعبي الذين نددوا بالحادثتين. حادثتان تمثلان حسب حديث الكاتب والمحلل السياسي، حسن العديني، "جولة أولى لمرحلة صراع قد تمتد إلى عقد من الزمن على أحسن الأحوال، وكل الشواهد تؤكد ذلك". الرئاسة اليمنية والحكومة سارعتا بإصدار بيان يدين الحادثتين المنفصلتين في المكان والمتشابهتين في الزمان ووسائل التنفيذ. وعلى الرغم من أن الحادثتين تحملان بصمات القاعدة، خاصة عملية الحزام الناسف بالعاصمة، إلا أن جماعة الحوثي المسلحة اتهمت "أطرافاً خارجية"، لم تسمها، بالوقوف وراء العملية. الأحزاب والتنظيمات اليمنية بدورها أدانت الهجومين ووصفتهما ب" المجزرتين الوحشيتين"، فيما لاقى هجوم صنعاء إدانات متوالية على المستوى الدولي شملت الولاياتالمتحدة التي وصفته ب "الاعتداء الدنيء"، معتبرة أن هذه الأعمال "تهدف إلى تقويض الاستقرار في اليمن". كما نددت بريطانيا وفرنسا بتفجير صنعاء، وانضمت إيران إلى طابور الدول المنددة بالتفجير، وأعلنت على لسان المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، "التعاطف مع ذوي ضحايا العمل الإرهابي". مجلس التعاون الخليجي أيضا أدان الهجومين، وأكد أمينه العام عبد اللطيف بن راشد الزياني في اتصال هاتفي مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، استمرار المجلس في دعمه لليمن من أجل استكمال ما تبقى من استحقاقات المرحلة الانتقالية، التي رسمت بعض ملامحها المبادرة الخليجية عام 2011. لكن ما طرأ على المرحلة الانتقالية، وعلى الخارطة السياسية والميدانية في اليمن أن الحوثيين أحكموا قبضتهم الأمنية على العاصمة صنعاء منذ 21 من سبتمبر الماضي، وصباح أول أمس الخميس نادت الجماعة إلى "حشد جماهيري" في ميدان التحرير في قلب العاصمة رفضا لما وصفته ب" الوصاية الخارجية" على اليمن. تلك الوصاية برأي زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، تمثلت في فرض أسماء معينة لرئاسة الحكومة، بترشيح أحمد عوض بن مبارك الذي كان صدر قرار رئاسي بتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، قبل أن يتم التراجع عن القرار فجر الخميس، بعد تهديد جماعة الحوثي بالتصعيد والتظاهر في ميدان السبعين القريب من دار الرئاسة اليمنية. وبرأي العديني "ليس هناك حل للأزمة، ولا وجود لحل مرئي، الحوثي سيفرض مرشحه لرئاسة الحكومة دون موافقة بقية الأحزاب السياسية، لكنه سيبحث بعدها عن مبرر جديد لتفجير الصراع".