فلسطين كانت الضحية الأولى للذلّ العربي خلال سنة 1435، فلقد استفاقت غزّة الجريحة على حرب صهيونية مدمّرة هدفت إلى إبادة الحجر قبل الإنسان، حرب كانت الأسوأ في تاريخ فلسطين وبصمة عار في حبين الأمّة، والخسائر البشرية التي لا تعدّ ولا تحصى لا تقارن بحجم الخيانة التي تعرّض لها الفلسطنيون خلال هذه السنة التي ستظلّ ذكراها عالقة في مخيّلة الأجيال القادمة. المشكل أن الخيانة لم تقف فقط عند السكوت على أبشع عدوان وإنما لا زالت الضمائر نائمة وخارح مجال الخدمة، فلا حياة لمن تنادي حتى اليوم ونحن نعيش هذه الأيّام العصيبة، أين يسعى بنو صهيون جاهدين لتقسيم الأقصى. وزير شؤون القدس يحذّر من حرب دينية حذّر عدنان الحسيني، وزير شؤون القدس، من مغبّة إقدام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) على بحث تقسيم المسجد الأقصى في القدس الشرقية، معتبرا أنه سيكون من شأن ذلك (إشعال حرب دينية دون الأخذ بالعواقب التي ستطال الجميع). ودعا الحسيني في تصريح مكتوب إلى (مواصلة العمل والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف انتهاكاتها للأرض والإنسان والمقدّسات في دولة فلسطين وعلى وجه الخصوص المسجد الأقصى المبارك الذي بات يتعرّض لانتهاكات سافرة بشكل يومي)، على حدّ قوله، وحذّر من (رفع وتيرة استهداف المسجد الأقصى وتسريع خطوات سياسة التقسيم الزمني التي تعمل إسرائيل على تكريسها بشكل يومي تمهيدا لتقسيمه مكانيا)، موضّحا (خطورة المداولات التي تجري في الكنيست الإسرائيلي لسَنّ قانون تقسيمه، ما سيقود إلى إشعال حرب دينية دون الأخذ بالعواقب التي ستطال الجميع). وقالت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث (غير الحكومية)، (يعتزم الكنيست الإسرائيلي طرح مشروع قانون تقاسم المسجد الأقصى المبارك زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود للتصويت الشهر المقبل)، وأضافت على موقعها الالكتروني أن (القانون عند صدوره يسمح بعدما استكملت لجنة الداخلية البرلمانية الإسرائيلية بلورته مؤخّرا بصلاة اليهود في الأقصى عبر مقترح مساواة الحقّ في العبادة لليهود والمسلمين في المسجد وتخصيص مكان ومواعيد محددة لصلواتهم وأداء شعائرهم وطقوسهم التلمودية). وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهّد مؤخّرا بعدم تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، ومؤخّرا زادت الجماعات الإسرائيلية من اقتحاماتها للمسجد الأقصى بحماية من قِبل الشرطة الإسرائيلية. ويشكو الفلسطينيون من تكرار قيام الشرطة الإسرائيلية بتقييد دخول المصلّين الرجال الذين تقلّ أعمارهم عن 50 عاما والنّساء إلى المسجد الأقصى. وأدّت الإجراءات الإسرائيلية إلى اشتباكات وقعت في ساحات المسجد وفي أحياء القدس بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين الفلسطينيين. أوروبا تستفيق أخيرا في المقابل، يبرز بريق أمل ولو كان ضئيلا في سماء فلسطين الحبيبة، فلقد استفاقت بعض الدول العربية ولو متأخّرة لتعبّر عن سخطها للأساليب الدنيئة التي تتعامل بها دول الاحتلال، خاصّة فيما يتعلّق باغتصاب الأراضي من الفلسطنيين وإقامة مستوطنات جديدة غير شرعية، حيث قالت صحيفة إسرائيلية إن الاتحاد الأوروبي حدّد خمسة خطوط (حمراء) تحذّر إسرائيل من الاستمرار في نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية. وحسب ما نقلته صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية عمّا قالت إنها وثيقة أوروبية من المرتقب تسليمها للحكومة الإسرائيلية خلال الأيّام المقبلة فإن الخطوط الحمراء تشمل أوّلا بناء مستوطنة (جفعات همتوس) على أراضي بلدة بيت صفافا، جنوبي القدس الشرقية، على اعتبار أن البناء في هذه المنطقة (سيقوّض إمكانية دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا تكون فيها القدس عاصمة للدولتين). أمّا الخطّ الأحمر الثاني فهو تنفيذ المشروع الاستيطاني (E1) الذي يربط مستوطنة (معاليه أدوميم)، شرق القدس المحتلّة، مع القدس الغربية، باعتبار أنه (من شأن البناء في هذه المنطقة تقويض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا). وحدّدت الوثيقة البناء في مستوطنة (هار حوما) على أراضي جبل أبو غنيم، جنوبي القدس المحتلّة، باعتباره الخطّ الأحمر الثالث، في حين أن الخطّ الأحمر الرابع هو خطط إسرائيل لنقل 12 ألف بدويا بغير إرادتهم من مناطق إقامتهم في القدس إلى بلدة جديدة في غور الأردن، شرقي الضفة الغربية. أمّا الخطّ الأحمر الخامس فهو تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى في القدس المحتلّة. وقالت هآرتس: (بعد سلسلة من المداولات جرت في مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بين سفراء الدول ال 28 الأعضاء في الاتحاد، حول الردّ الأوروبي، نهاية الأسبوع الماضي، فقد تقرّر نقل رسالة حادّة إلى إسرائيل باسم جميع دول الاتحاد، تركز على الإجراءات الإسرائيلية)، وأضافت (سيقوم سفير الاتحاد الأوروبي في إسرائيل لارس أندرسن بنقل الرسالة إلى إسرائيل، حيث من المتوقّع أن يلتقي في غضون الأيّام القليلة المقبلة مع مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية نيسيم بن شطريت ومستشار الأمن القومي في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يوسي كوهين لاقتراح مفاوضات حول القضايا التي تثير قلق الاتحاد). وجاء في الوثيقة أن (الاتحاد الأوروبي يحذّر الحكومة الإسرائيلية من المُضي قُدما في هذه الخطة بإصدار مناقصات وبناء). ولم تحدّد الوثيقة العقوبات التي سيتّخذها الاتحاد في حال تجاوزت إسرائيل هذه الخطوط الحمراء. في ذات السياق، قال دبلوماسيون أوروبيون إن مسؤولين من الاتحاد الأوروبي يبحثون سبلا جديدة للضغط على إسرائيل لوقف بناء مستوطنات على أراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها مع تصاعد مشاعر الاستياء من برنامج البناء الاستيطاني. والمناقشات في مرحلة مبكّرة، لكن المسؤولين يقولون إن الاتحاد الأوروبي ربما يبحث منع مستوطنين يهود أدينوا بارتكاب جرائم من زيارة الاتحاد الأوروبي وقد يدرس التفاصيل الدقيقة لاتّفاقية للتجارة الحرة وإن كان لا يوجد حديث عن عقوبات. وأدّت سلسلة خطوات من جانب إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، من بينها مصادرة 1000 فدان من الأرض بالقرب من مدينة بيت لحم الفلسطينية وخطط لبناء 2600 منزل للمستوطنين بالقرب من القدس إلى إغضاب الاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة والأمم المتّحدة، وهو ما أثار نداءات للردّ. ودأبت إسرائيل على قول إن مستوطناتها مشروعة، وقال مسؤول في الحكومة الإسرائيلية ل (رويترز) يوم الثلاثاء إنه من الأفضل لأوروبا أن تضغط على الفلسطينيين للوفاء باِلتزاماتهم والاعتراف بشرعية إسرائيل.