يخيم جو من التوتر الشديد اليوم الأحد على مدينة القدسالمحتلة التي حولتها السلطات الإسرائيلية إلى ما يشبه ثكنة عسكرية في ذكرى سلب المدينة في وقت أفادت فيه أنباء باقتحام عشرات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى في خطوة حذرت عدة أوساط سياسية فلسطينية من خطورتها. وأعلن أعضاء من الكنيست وعلى رأسهم رئيس الائتلاف الحكومي زئيف إليكن اليوم الأحد نيتهم اقتحام المسجد الأقصى المبارك في مسيرة كبيرة وذلك ضمن احتفالات الاحتلال بما يسمى "ذكرى ضم القدس". واقتحم عشرات المستوطنين الإسرائيليين صباح اليوم باحات المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدسالمحتلة بحماية شرطة الاحتلال . وقالت مؤسسة (الأقصى للوقف والتراث) الفلسطينية في بيان ان "هؤلاء المتطرفين قاموا باقتحام المسجد الأقصى والتجول في ساحاته المختلفة وسط حراسة مشددة من قبل قوات الاحتلال ووسط تضييق على المصلين المسلمين". وذكرت تقارير إعلامية أن قوات الاحتلال حولت القدس القديمة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية في ظل حصارها المكثف لتأمين السلامة والحماية لقطعان اليهود المتطرفين الذين سينتظمون في مسيرات بهذه المناسبة التي تصادف ذكرى احتلال الجزء الشرقي من القدس وضمها للجزء الغربي والإعلان عنها عاصمة لدولة الاحتلال ولليهود في العالم. واستغل المئات من عناصر اليمين والمستوطنين هذه المناسبة للتحريض ضد العرب والدعوة لطردهم من المدينة. وترافق الإعلان عن هذه المسيرة مع دعوة وجهتها سلطات الاحتلال تطالب التجار الفلسطينيين في المدينة بإغلاق محلاتهم التجارية بزعم منع الاحتكاك مع المستوطنين الذين سيتوجهون إلى حائط البراق الذي يسميه هؤلاء "حائط المبكى". يجري ذلك في الوقت الذي كشفت فيه مصادر إعلامية الإسرائيلية اليوم أن 78 بالمائة من فلسطينيالقدسالشرقية يعيشون دون خط الفقر بسبب إغلاق الآلاف من المصالح والمحلات التجارية الفلسطينية خلال الأعوام العشر الأخيرة كما أن المنطقة الصناعية الوحيدة في وادي الجوز مهددة بالإغلاق. وقالت صحيفة "هاآرتس" انه و منذ عام 1967 صودرت ثلث أراضي الفلسطينيين في القدس وبنيت عليها آلاف الشقق للسكان اليهود كما خضعت 35بالمئة من المساحات للتخطيط وأدرجت تحت تعريف "مساحات طبيعية مفتوحة" ولا يسمح بالبناء عليها مضيفة ان عدد السكان في القدسالشرقية يبلغ 360 الف فلسطيني. واعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات اليوم أن كافة الإجراءات التي قامت بها إسرائيل منذ احتلال القدس وضمها واعتبارها عاصمة موحدة لها عام 1967 "باطلة" بموجب القوانين الدولية. واعتبر أن هذه الممارسات الإسرائيلية "هي بمثابة جرائم حرب وفقا لميثاق جنيف الرابع سواء هدم البيوت وتهجير السكان عدا عن ممارسة التطهير العرقي وسرقة الأراضي "وحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن مخاطر هذه الإجراءات. ويريد الفلسطينيون إعلان القدسالشرقية عاصمة لدولتهم فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها. وعن مسيرات المستوطنين اليوم بالقدسالمحتلة واقتحام بعضهم لباحات المسجد الأقصى قال مفتي القدس الشيخ محمد حسين أن هذه الاستفزازات والتهديدات تمس بسلامة المواطنين وممتلكاتهم والمسجد الأقصى . وحمل المفتي سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية ما يحدث لإطلاقها العنان لهؤلاء المتطرفين واستجابتها لمطالبهم على حساب حقوق الفلسطينيين وأمنهم وسلامتهم ومشاعرهم. وأكد على أن "القدس بحاجة ماسة إلى وقفة عربية وإسلامية ودولية في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية" مشيرا إلى "أنها عندما تستباح بهذا الشكل فان هذا الأمر يعكس وجه الاحتلال الحقيقي ووجه الغطرسة الحقيقية له". كما اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم أن ما تتعرض له مدينة القدسالمحتلة والمسجد الأقصى المبارك من اقتحامات من قبل المستوطنين بحراسة جيش الاحتلال حرب وعدوان ديني على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته. وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم أن "هذا يستدعي إشعال الانتفاضة الثالثة بكل قوة وتكون ثورة حقيقية في وجه المحتل تحرر الشعب والأرض والمقدسات". من جهتها حذرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في فلسطين من أن الوضع في مدينة القدس الشريف قد أصبح خطيرا جدا وأن الاحتلال ماض في خططه التهويدية لمدينة القدس والمسجد الأقصى . وأشارت إلى أن الاحتلال مستمر في ممارساته الإستيطانية لتغيير معالم القدس الإسلامية العربية والديمغرافية بما يتعرض له ابناء القدسالفلسطينيون من ضغوطات وسحب للهويات وهدم للمنازل سعيا من الاحتلال لتنفيذ خططه التهجيرية وإفراغ مدينة القدس من الفلسطينيين. كما دعت من جانبها إلى هبة تضامنية عربية وإسلامية شعبية تستمر فعالياتها وتتصاعد حتى تجبر الإحتلال على وقف ممارساته التهويدية للقدس الشريف. للإشارة، فقد اغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم مداخل بلدة بيت أمر شمال الخليل بالضفة الغربية بمكعبات إسمنتية وسواتر ترابية . وقال الناطق الإعلامي باسم اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان محمد عوض في تصريحات اليوم ان "قوات الاحتلال شرعت بإغلاق جميع مداخل البلدة الفرعية التي تصل البلدة بشارع ( الخليل - القدس ) بمكعبات إسمنتية وسواتر ترابية بحجة قيام المستوطنين من مستوطنة " كريات أربع " بمسيرة سنوية من المستوطنة وحتى مدينة القدسالمحتلة عبر طريق الخليل - القدس المحاذية لبلدة بيت أمر . وأضاف أن قوات الاحتلال أجبرت أصحاب المحال التجارية الواقعة على هذا الشارع على إغلاق محالهم وعدم فتحها خلال وقت المسيرة التي لم يحدد موعدها.