ما أعظم سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. فيها من المواقف والتعاليم ما تستقيم به حياتنا وتسعد به أرواحنا، ومن تلك الأخلاق النبوية خدمة الرجل لأهل بيته، فتعالوا نتعرف سويًا كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته. تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة). كذالك قالت: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم). إنَّ خدمة الرجل لأهله من أخلاق الأنبياء - عليهم السلام - وفي قصة سيدنا موسى - عليه السلام - ما يشير إلى ذلك؛ قال تعالى: {إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى}.. [طه : 10]. ومن يتتبَّع سيرة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يجده أعظم الخلق قضاء لحوائج أهله ولم تُغفله أعباء الرسالة وأمور الأمة عن رعاية أهله، فنجده -صلى الله عليه وآله وسلم- مع زوجاته؛ فعلى الرغم من انشغالاته الدائمة فإنه كان يخصف النعل ويحلب الشاة، ويقُمُّ البيت، ويكون في خدمة أهله، وهو رسول الله ونبي هذه الأمة عليه أفضل الصلوات والتسليم. وهذا يدل على إعانته لأهله، لا كما يتوهمه بعض الناس من أن ذلك نقصاً وعيباً أن يعين الرجل أهله في أعمال البيت، وهذا التعاون يولد الألفة والمحبة بين الزوج وزوجته. وكان أحد السلف الصالح يقول: (والله إني لأتقرب إلى الله بإخراج القمائم من بيتي، لأن النية تجعل العادة عبادة). لكننا نجد في هذه الأيام من الرجال من يستنكف أن يقوم على خدمة بيته وأهله، أو مساعدتهم في أعمال المنزل على الرغم من أن العناية بشأن الأهل من أسباب التوفيق الإلهي، وإذا قام به الزوج تقربًا إلى الله -تعالى- نال الثواب لاتباعه سنة وأخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل صار من خير الناس لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، وفي الحديث تنبيه على أعلى الناس رتبة في الخير وأحقهم بالاتصاف به هو من كان خير الناس لأهله فإن الأهل هم الأحق بالبِشر وحسن الخلق والإحسان وجلب النفع ودفع الضر، فإذا كان الرجل كذلك فهو خير الناس، وإن كان على العكس من ذلك فهو في الجانب الآخر من الشر. بل الأكثر من ذلك، نجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يساعد زوجاته في كل أمورهن، وها هو يحن على أزواجه ويعطف عليهن فكانت زوجته السيدة صفية رضي الله عنها معه في سفر، فإذا أرادت أن تركب البعير جلس عند البعير فوضع ركبته فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب. فعلى الأزواج أن يتعلموا من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أكمل الرجال وأفضلهم وخيرهم، وكيف كان يعامل أهله ويساعدهم في أمور المنزل وغيرها من الأمور.