الحجاب التركي آخر صيحة للموضة في الجزائر مع انتشار ظاهرة (التتريك) التي عرفها المجتمع الجزائري في كل شيء أمام انفتاح السوق الداخلية على المقتنيات المستوردة من الخارج بكل أنواعها، من سلع ومنتجات ثقافية ترأستها الأفلام والمسلسلات التركية عرفت محلات الحجاب هي الأخرى تأثرا كبيرا يظهر من الانتشار الواسع للأزياء التركية التي أطاحت بالعبايات الخليجية التي عرفت بدورها في وقت من الأوقات انتشارا كبيرا في السوق الجزائرية. حسيبة موزاوي صارت محلات الحجاب التركي توفر للجزائريات أفضل فرصة للاختيار بين الأشكال والألوان والتصاميم التي تلبي كل الأذواق وتصلح لعدة مناسبات، بما في ذلك حفلات الاستقبال والسهرات والأفراح. ورغم أن أسعار هذه القطع تبقى مرتفعة نسبيا مقارنة بغيرها لكنها مع ذلك تلقى الإقبال والرواج. فسعر القطعة من هذه الثياب يتراوح ما بين 5000 إلى 30 ألف دينار، وعن سبب ارتفاع الأسعار يقول صاحب محل للأزياء التركية بشارع (ميسوني) إنها ثياب مستوردة وتدخل في تحديد أسعارها تكاليف استقدام السلعة والجمركة، تضاف إليها أخطار الطريق بالنظر لظروف الحرب في سوريا التي كانت تشكل قبل الآن خطا أساسيا لعبور التجار وأصحاب (الشنطة) الذين يأتون بمثل هذه السلع والذين يبقون إلى اليوم أكبر ممول للسوق الجزائرية بهذا النوع من الثياب، صاحب المحل لم يغفل دور الدراما التركية في ازدياد الطلب على مثل هذه القطع من الثياب والموديلات على اعتبار أن الثقافة البصرية أضحت واجهة أخرى أكثر أهمية في تسويق إرث الشعوب ونظرتهم للحياة. السلع التركية تهوس المحجّبات من هذا المنطلق اقتربنا من إحدى زبونات هذا المحل التي كانت تتفقد الموديلات وتناقش مع البائع الأسعار قالت إنها تجد في هذا النوع من الثياب ما يلبي ذوقها ويمنحها لمسة أناقة وأنوثة دون أن تخرج عن إطار الحشمة والضوابط الاجتماعية، موضحة أن الخمار التركي يعتمد على لف خمار الرأس المصنوع غالبا من الحرير بطريقة أنيقة مع الحرص على أن يكون لونه متماشيا مع الحذاء أو حقيبة اليد والدبابيس التي تستعمل في تثبيته، وفي بعض الأحيان تضاف إليه بعض الإكسسوارت مثل السلاسل التي تتدلى من الرقبة أو ساعات اليد والأساور أو (بروش) يثبت في مقدمة الثوب. وفي هذا الصدد تقول صاحبة محل بيع الخمارات في شارع (ميسوني) بالعاصمة إنها تتلقى يوميا عشرات الطلبات من قبل زبوناتها اللواتي تقدم لهن نصائح في طريقة لف الخمار وتكون عادة (الطريقة التركية هي الأكثر طلبا)، وعادة تقول صاحبة المحل إن النساء وخاصة طالبات الجامعة وموظفات المؤسسات العليا والإطارات يرغبن في الظهور بمظهر أنيق يطلبن نصائحها في تنسيق الألوان وقطع الثياب، لأن (طريقة الخمار التركي) تناسب أغلب النساء وجميع أحجام وأشكال الوجوه، فهو يجمع بين الالتزام الشرعي والحداثة التي لا مفر منها لأي امرأة عصرية اليوم. الحجاب كظاهرة اجتماعية عرف تطورات لا يمكن تجاهلها. منظور علم الاجتماع تربط الأستاذة والمحللة الاجتماعية الدكتورة (ف.زهرة) بين الحجاب كمظهر اجتماعي للمرأة وبين مختلف التغيرات التي عرفها المجتمع وسايرتها المرأة، فالحايك مثلا الذي كان في السابق اللباس الذي ترتديه النساء عند الخروج يفرض نفسه بقوة اضطرت لاحقا النساء إلى التخلي عنه مع التقدم الحاصل في حجم المكاسب التي حققتها النساء في مجال العمل والتعليم والتي صار معها الحايك وسيلة غير عملية ولا تساعد كثيرا المرأة في التحرك، وهي التي كان في السابق مجالها الاجتماعي محدود جدا في الدخول والخروج. وفي نفس السياق، ترجع المتحدثة مختلف أشكال الحجاب التي عرفها المجتمع الجزائري وحملتها المرأة إلى الاحتكاك الحاصل بين الثقافات القادمة إلينا سواء عن طريق التجارة أو الحج أو السياحة أو الإعلام، فالنموذج السعودي أو الإيراني في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات والذي رافق موجة ما عرف بالصحوة الإسلامية. كما نجد اليوم تضيف المتحدثة أن نموذج الحجاب التركي يعكس الاحتكاك الحاصل من خلال الاحتكاك بين الثقافة الجزائرية والثقافة التركية التي تسوق من خلال المسلسلات كنموذج ناجح للاستهلاك خاصة وأنه يقوم على رابط الدين المشترك، ومن طبع المرأة الجزائرية اجتماعية البحث عن مساحات التعايش بعيدا عن الصدامات الأمر الذي يجعل حاليا هذا النموذج يوفر لها فرصة الظهور بمظهر الأناقة والجمال التي تواكب العصر وفي نفس الوقت دون الخروج عن الحشمة أو الذوق الاجتماعي العام المتفق عليه، يعني أنه أفضل نموذج للتعايش الاجتماعي بين الأصالة والحداثة.