بوطبيلة: السرعة المفرطة سلوك يضاهي القتل العمدي تفاقمت ظاهرة حوادث المرور في العالم عموما وبشكل خطير في الجزائر، حيث خلّفت خسائر مادية تثقل كاهل الدول اقتصاديا، علما بأن المنظمة العالمية للصحّة والبنك الدولي أكّدت أن حوادث المرور هي السبب الثاني للوفاة في العالم، خاصّة بالنّسبة للفئة العمرية من 05 إلى 29 سنة، كما تشكّل السبب الرئيسي للفئة العمرية من 30 إلى 44 سنة، والجزائر كغيرها من البلدان تتكبّد الكثير من الضحايا في طرقها، حيث أضحى الإعلام يطلق عليها اسم (إرهاب الطرقات)، ومن هنا بات هذا التفاقم في حوادث المرور يرعب لأرقامه المهولة. تواصل مجازر الطرقات حصد ضحاياها في الجزائر رغم المجهودات الجبّارة التي بذلتها الدولة في مختلف القطاعات، لا سيّما في مجال توفير السلامة عبر الطرق مثل إنجاز مشروع الطريق السيّار الرابط بين شرق البلاد وغربها وتوسيع معظم الطرق الوطنية والازدواجية وصيانة وتهيئة أجزاء كبيرة من شبكة الطرق الوطنية والولائية وتوسيع تطوير شبكة النقل بالسكك الحديدية وتنويع أنماط النقل الحضري. 3500 معاق سنويا أكّدت فلورا بوبرغوت، رئيسة جمعية البركة (الجمعية الوطنية لمساندة ضحايا حوادث المرور)، أمس في تصريح خصّت به (أخبار اليوم) أن جمعية البركة لديها دور فعّال كعضو في المجتمع المدني، معتبرة أن اليوم العالمي لضحايا حوادث المرور، والذي صادف يوم أمس هو دفعة لنشر التوعية والتحسيسي من التقليل من مسبّبات حوادث المرور التي تؤدّي إلى الموت، وقالت إن السبب الرئيسي فيها هي السرعة المفرطة، حيث ذكرت أن هناك ما يقارب ال 3500 معاق (جديد) سنويا في الجزائر نتيجة (مجازر الطرقات). وأضافت رئيسة جمعية البركة في سياق حديثها أن هذه المناسبة التي أحيتها الجمعية في قصر المعارض بالصنوبر البحري (صافاكس) أعطي لها شعار (من الذكرى العالمية إلى النشاط العالمي) بمناسبة إحياء ذكرى ضحايا حوادث المرور، مشدّدة على ضرورة التحرّك من أجل الكفّ من هذه الحوادث المميتة، قائلة: (لابد لكلّ شخص أن يحترم القانون ولا يكون فوق القانون، مع وجوب محاسبة المتسبيبين في الحوادث من خلال خرق قوانين المرور أيّا كانت). وقالت فلورا إن هذا اليوم من تنظيم هيئة الأمم المتّحدة للسنة الثالثة على التوالي للبلدان المنخرطة، ومن بين المشاركين في إحياء اليوم العالمي لضحايا حوادث المرور الدرك الوطني، الأمن الوطني، الحماية المدنية وغيرهم من المجتمع المدني والهيئات التي لها علاقة بالموضوع من بعيد أو من قريب. زواوي: لابد من دقّ ناقوس الخطر قال زواوي رابح، رئيس مكتب الإعلام والعلاقات العامّة بمديرية الأمن العمومي، إنه وجب دقّ ناقوس الخطر لمواجهة هذه الظاهرة التي تكلّف الكثير، سواء تعلّق الأمر بعدد الحوادث أو عدد القتلى والجرحى، يعني وجود إعاقات كذلك، على حدّ تعبير زواوي، مضيفا أن هذه الحوادث لها تأثيرا على الاقتصاد العمومي من خلال النزيف الاقتصادي التي تتكبّده، والذي كان من الأفضل استغلاله في البناء والتشييد. وعن الوقاية من هذه الظاهرة والسبل التي يتوجّب اتّخاذها أكّد رئيس مكتب الإعلام بالأمن العمومي أنه يأتي في مقدّمة هذه الإجراءات والتدابير احترام قوانين المرور والنظر إلى هذه القوانين على أساس (أنها تنظّم سلوكاتنا وعلاقاتنا في المجتمع). وعن قراءة الإحصائيات الأخيرة على المستوى الوطني في المناطق الحضرية اختصاص الأمن الوطني قال زواوي إنه في شهر سبتمبر الماضي سجّلت مديرية الأمن العمومي 1481 حادث مرور خلّف 1750 جريح و63 حالة وفاة على المستوى الوطني، مضيفا أنه (مقارنة مع نفس الفترة في السنة الفارطة نلاحظ انخفاضا في عدد الحوادث ب 64 حادثا مروريا، إلى جانب انخفاض ب 77 في عدد الجرحى، بالإضافة إلى انخفاض في عدد الوفيات ب 03 وفيات، أي ما يقدّر بناقص 4.54 بالمائة)، هذا على المستوى الوطني اختصاص الأمن الوطني. وأكّد زواوي رابح أن من أسباب حوادث المرور هو العنصر البشري الذي يتصدّر أسباب الحوادث، حسب قوله، ثمّ المركبة ثمّ الطريق ثمّ المحيط. وعن الإجراءات الوقائية التي قامت بها مصالح الشرطة قال المتحدّث إن هذه الأخيرة تركّز على الجانب الوقائي بالدرجة الأولى، لكن دون إهمال الجانب الردعي في المخالفات، خاصّة الجنح الخطيرة، حيث تمّ تسجيل على المستوى الوطني في سبتمبر 2014 6017 جنحة مرور، ما يتعلّق بمخالفة التنسيق 1739 حالة، أمّا عن حالات التوقيف فقال إنه تمّ تسجيل 214 حالة، بالإضافة إلى الغرامات الجزافية بأصنافها الأربعة تمّ تسجيل 64 ألف و478 حالة، وتبقى الوقاية هي الإجراء الأوّل الذي يجب اتّخاذه، على حد تعبير زواوي، لتأتي بعدها الإجراءات الميدانية. ومن جانب آخر، حثّ رئيس مكتب الإعلام والعلاقات العامّة بمديرية الأمن العمومي على ضرورة التركيز على الأسباب الخفية المسبّبة لحوادث المرور. وعن السرعة المفرطة، والتي تؤدّي إلى حوادث المرور قال المتحدّث إنه يجب معرفة سبب سرعة المواطنين، وهذا يكون بتظافر الجهود. الرائد رحموني: كلفة الحوادث باهظة جدّا كشف رحموني خالد، رائد بمركز الإعلام والتنسيق المروري ببوشاوي، أنه خلال العشرة الأشهر الفارطة تمّ تسجيل أكثر من 3700 قتيل سنويا و5800 جريح وأكثر من 3000 معاق جرّاء حوادث المرور، مشيرا إلى أنه كلّ ثلاث ساعات تحصد روحا جزائريا، حيث قال إنه تمّ تسجيل 21194 حادث وهناك انخفاض بنسبة 11.34 بالمائة في عدد القتلى 3228 قتيل وارتفاع في عدد القتلي 229، أي ما يعادل 7.09 بالمائة، أمّا النسبة الأكثر عرضة لحوادث المرور فقال هي من 18 سنة إلى 25 سنة، وفئة الشباب الغالبة من 18 سنة إلى 34 سنة تكلّف الدولة أكثر من 100 مليار دينار جزائري في السنة وكلّ قتيل يكلّف 5 ملايين دينار سنويا، الكلفة المتوسّطة لكلّ معاق هي 75 مليون سنتيم بمعدل 4 آلاف دينار جزائري في كلّ يوم. واعتبر الرائد أن هذه القيمة هي معدل إنجاز 22 مستشفى ب 240 سرير، وكلفة إنجاز 812 عيادة متعدّدة الخدمات يعني، قائلا: (الكلفة باهظة جدّا). وأردف الرائد في تصريحه أن هناك دعائم قانونية طالبت بها المديرية العامّة للأمن الوطني، والتي عرفت الطلب عليها في العديد من المرّات هي البطاقة الوطنية للتسجيل أو البطاقات الرمادية، مركّزا على ثلاث نقاط أساسية البطاقات القانونية والإسراع في صدور القانون في رخص السياقة، لأن هناك مواطنين لديهم أكثر من رخص سياقة والثالثة البطاقة الوطنية للمخالفات المروردية في حال ارتكاب المخالفات أو المرتكبين للجنح حتى تكون هناك نظرة دقيقة ويتحمّل كلّ شخص مسؤوليته. لا تقتلوا أنفسكم.. أشار الشيخ سفيان بوطبيلة، إمام خطيب ببلدية برج الكيفان، إلى أن سبب السرعة وعدم التحكّم في السيّارة وبذلك وقوع حوادث المرور يرجع إلى تركيز الشباب في الاستماع إلى الأغاني التي تجعل من الإنسان خفيف اليدين والرجلين ويفقد السيطرة على مقود السيّارة، إلى جانب معاكسة البنات التي قال عنها إنها أصبحت موضة الشباب أصحاب السيّارات في الآونة الأخيرة، وفي سياق حديثه أكّد أن السيّارة إن كانت نعمة فقد غدت نقمة بسبب سوء استعمالها. وأوضح الإمام الخطيب في تصريح له ل (أخبار اليوم) أن السرعة المفرطة سلوك يضاهي القتل العمدي، مشدّدا على ضرورة أن يتحمّل كلّ شخص يقود السيّارات مسؤوليته إزاء ذلك، وأن يكون إنسان عادلا ذا وعي من خلال استعماله للسيّارة في الطرقات، مشيرا إلى أن شباب اليوم لا يقومون بذكر اللّه عند استعمال السيّارة وقراءة أحاديث السفر وتخلّيهم عن الذكر الحكيم. وفي سياق حديثه، قال بوطبيلة سفيان إنه لابد للسائق أن يعلم بأن من يركب معه أمانة في عنقه وسيحاسب عليها يوم القيامة لامحالة، وعليه إعادة الأمانة إلى أهلها، مشيرا في ذلك إلى الأعراس (والمناورات) كما أسماها التي يقوم بها أصحاب العرس، والتي تؤدّي في الغالب إلى الموت المحتّم، على حد تعبيره، وعن المخالفين لقوانين المرور قال إن المخالف آثم ويستحقّ أقصى العقوبة.