في الوقت الذي تذهب فيه أغلب العائلات الجزائرية إلى تعسير خطوة الزواج بفرض التكليف الكبيرة على الشاب والتي قد تعجزه عن الإقدام على الخطوة راحت ولايات أخرى إلى تيسير الرباط المقدس لما رأت من منافع في تسهيل تلك الخطوة وإنقاذ الآلاف من الشبان والشابات من التأخر في سن الزواج على غرار ولاية الشلف بالغرب الجزائري التي عرفت بعادات وتقاليد مورست منذ أمد بعيد وتوارثت جيلا بعد جيل. تعرف ولاية الشلف الكثير من الأولياء الصالحين وانتشار عادات وتقاليد في كل منطقة من مناطقها الداخلية، وأهم ميزة لدى سكان هذه الولاية مكانة الأولياء الصالحين في قلوبهم بالخصوص الوالي المشهور وهو (سيدي أمعمر بومكحلة) المعروف في تيسير الزواج للفقراء والمعوزين بهذه الولاية، وبالأخص في منطقة تنس التي تبعد بحوالي 53 كلم عن عاصمة الولاية. الزواج في مدينة الشلف على طريقة سيدي أمعمر لا يكلف مثقال دينار، المهم هو إكمال نصف الدين، فحتى عرف المهيبة كعرف مبتدع زاد من التكاليف تنازلت عنه العائلات الشلفية التي لا تؤمن بتلك الهدايا وترى فيها تكاليف للعريس، فمنذ خطبة الفتاة لا تعود عائلة العريس إلا لزف العروس ولا حاجة للعائلات الشلفية بعرف المهيبة التي تراه مكلفا ومضيعة للوقت ليس إلا. وهي كلها أمور تساير مبادى الوالي الصالح سيدي امعمر الذي شاع عنه تسهيل وتيسير الزواج على المعوزين من أبناء المنطقة، فمهر المرأة في عرف سيدي امعمر عبارة عن قطعة من الذهب لا غير، ففي هذا العرف يتوجب على الخطيب أن يشتري الهدايا لخطيبته غير أنه لا يسلمها لها بل يحتفظ بها إلى غاية يوم الزفاف، لكن سكان تنس أكدوا أن هذه العادة بدأت تتراجع في أيامنا وعكفت بعض الأسر بالمنطقة على التمسك بها بالنظر إلى إيجابياتها، عادات أخرى تعرف بها ولاية الشلف وتكون خاصة بالعروس التي ترتدي ملابس خاصة بالزفاف، وهي (القمجة) المكونة من قطع من القماش مربوطة ببعضها البعض ويشترط أيضا أن تتولى عجوز بإلباسها إياها، بينما يقوم أهل العريس بإرسال العشاء وكمية من الدقيق والكبش والخضر والفواكه إلى أهل العروس وذلك قبل أربعة أيام من الزفاف، ليأتي يوم الزفاف وهو حسب عرف سيدي امعمر يوم الأربعاء، حيث ترتدي العروس في هذا اليوم (القمجة) غير (مخيطة)، تضم قطعها بعضا إلى بعض بخيط من الصوف ويشترط أن يهدى هذا اللباس إلى العروس من قبل أحد الأقارب وأن يكون من أتباع طريقة سيدي معمر، أما الحزام الذي يشد به على وسط المرأة ف (يسبّع) سبع مرات حولها بالإضافة إلى قراءة بعض القراءات والتعاويذ. كما يمنع على العروس في هذا العرف أن تتجمل وأن تضع بعض المساحيق أو شيئا من مواد التجميل، ويمنع عليها أيضا وضع الخاتم أو الحلي والمجوهرات، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الملابس الزائدة من الأزرار والملفوفة حول صدرها تلحق بكيس توضع به كميات من حلوى اللوز والسكر حيث توزعها العروس إلى الضيوف الذين ينتظرون خروجها من البيت بشغف ويتسارعون لالتقاط الحلوى. وقبل أن تخرج العروس من بيت أهلها يؤتى بجلد خروف ويوضع على الأرض بشكل مقلوب توضع فوقه قصعة أو ما تسمى عند البعض (الجفنة) تجلس فوقها العروس لكي تربط لها الحنة من طرف النساء في يديها ورجليها ويشترط أن تخرج من بيت والدها إلى بيت زوجها حافية القدمين، وبالموازاة مع ذلك يتم إشعال الشموع ويتوجه موكب السيارات الفخمة ومن أحدث طراز وتكون في غالب الأحيان إما سيارة مرسيدس أو (التوارف) لأخذ العروس إلى بيت عريسها وسط زغاريد النسوة والأغاني وفرقة الزرنة، بالإضافة إلى آلات التصوير وكاميرات الفيديو لتصوير هذا اليوم السعيد.