من المرتقب أن يتجدد موسم الأفراح والأعراس بعد وقت مستقطع فرضه شهر رمضان الكريم الذي دأبت فيه العائلات على العبادة والتحضير أيضا لموعد الفرح سواء للعروس أو العروسة وفق عادات وتقاليد لازالت قائمة من بينها اتباع عرف الولي الصالح سيدي معمر بن عالية بالشلف الذي يحظى مع مرور الأزمنة بأتباع يُعدون بآلاف بولايات الوسط الغربي خصوصا في مسألة تيسير المهور لتجنب ظاهرة العنوسة وحفظا على عفة الشباب من آفات العصر. ينطلق هذه الأيام موسمُ الفرح عبر مختلف أنحاء التراب الوطني وفق عادات وتقاليد كل منطقة لايمكن لأي شخص مهما ارتفعت مكانته أو درجته العلمية والاجتماعية أن يتخطى أثر الأجداد، حيث لا تزال عديد الأسر والعائلات ببعض الولايات الواقعة وسط غرب البلاد كالشلف وعين الدفلى وغيلزان وغيرها من المناطق التي استقرت عبر التراب الوطني متمسكة بعادات وتقاليد الوالي الصالح سيدي معمر بن عالية الذي يتواجد ضريحه بالمكان المسمى خمس نخلات شمال الشلف الذي اشترط على ذريته اتباع وصيته قبل وفاته ومنها عدم الغلاء في المهور اعتبارا أن المرأة ليست سلعة تباع وتشترى تيسيرا للشباب على الزواج والحد من ظاهرة العنوسة التي استشرت في الوسط المحلي، حيث كان يراهن على أن لايتعدى المهر الذي يدفع للعروسة (4 دورو) ومنه توارثت العائلات التي تتبع عرف سيدي معمر المدعو (بومكحلة) هذا العادة إلى غاية الآن وأي محاولة للتملص من هذه العادات يرى هؤلاء أن اللعنة ستصيبه سواء كان من أهل العروس أو العريس لأن دعوة سيدي أمعمر كالبندقية تصيب كل من يتمادى على وصاياه حسبه معتقدهم. ومن بين العادات التي لازالت قائمة يروي عبد القادر من الشلف فضلا على المهر الذي لايتجاوز 4 دورو (20 سنتيم حاليا) إحضار قنطار من مادة السميد وكبش وسبعة كلغ من مادة السمن لإعداد الطعام تدفع قبل أربعة أيام عن موعد الفرح، ولايمكن للخطيب المتقدم أن يشتري هدية لخطيبته مهما كان ثمنها أو قل وزنها إلى غاية أن تزف العروس بعد أسبوع من الزفاف، وفي تقدير محدثنا أن هذه الطريقة من بين الأمور التي وضعها الولي الصالح كشروط ميسرة للزواج وأضحت صالحة رغم مرور الحقب والسنوات لجيل اليوم رغم التطور والتحول المدهش لمظاهر الحياة داخل المجتمع، مردفا بالقول إن سيدي معمر بن العالية كان له بنات وقد زوجهن بصداق يسير، وتشير الروايات المتواترة جيلا عن جيل أنه كان سيقبل بتزويج ابنته برزمة من (السمار) وهو نبات بري يستعمل لطهي خبز الدار لولا خشيته على سمعة ابنته من تهكم الناس، يؤكد صديقه محمد، 41 سنة، من منطقة خمس نخلات بالقول رغم (الموضة) العروس تخرج من بيت أهلها بدون مساحيق أو مكياج ولاترتدي حليا ومجوهرات، تخرج بلباس أبيض ناصع في شكلها الطبيعي حافية القدمين، وعند وصولها إلى بيتها الزوجية تستقبل فوق بطانية صوف الخروف أو مايسمى محليا (هيدورة)، حيث تربط يديها ورجليها بالحناء ومن بين العادات المتأصلة وقد توارثتها عديد العائلات حتى غير المنتمية لهذا العرف أن الوفد المرافق للعروسة لايتناول الأكل المقدم للضيوف وليس بوسعهم استهلاك الماء أو المشروبات الغازية والقهوة إلا بعد سماع خبر مفرح عن ابنتهم بعد ليلة الدخلة لتنطلق الاحتفالات الرسمية والزغاريد المدوية من النساء والمرافقات للعروس لتصطحب بعد ذلك في موكب كبير إلى أقرب حمام يتم فيه قص الشعر لتتزين لزوجها وأخذ ما طاب لها من مستحضرات التجميل.