الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن مما لا يختلف فيه مختلفان، ولا يتناطح فيه اثنان، أنه أظلنا زمن الأزمات، ووقت المشاكل والمدلهمات، فتنوّعت واختلفت، صغرت وكبرت: أزمات اجتماعية، وأخرى اقتصادية.. وإن من أكبرها وأعظمها: أزمة حيَّرت الصغير قبل الكبير، وأرَّقت الأمير والوزير: أزمة السكن. فأصبح الواحد يصبح ويمسي ويقضي أيامه وأحلامه يأمل بناء بيت يجمع شمله، ويلم أهله. وإن كانت هذه القضية تحتاج إلى دارسين ومخططين ومهندسين، فإنا نسأل الله لنا ولهم التوفيق والسداد لرفع هذه الأزمة على هذه الأمة فتسعد البلاد والعباد. وذلك لأن من أسباب السعادة في هذه الدنيا المسكن الواسع، وفي المقابل من أسباب الشقاء المسكن الضيق. قال النبي صلى الله عليه وسلم أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء. وأربع من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق صحيح الجامع (887). لكن أخي الحبيب هل فكّرت في بيت ولكن هناك، وليس هنا؟ نعم هناك حيث منزلك الأوّل والأعظم والأجل.. ومآلك في الأخير! فحي على جنات عدن فإنها * منازلك الأولى وفيها المخيم ولكننا سبى العدوفهل ترى * نعود إلى أوطاننا ونسلم فإنَّ من أسباب زوال الهموم، وذهاب الغموم، ورحيل الأحزان، وتمزيق حبائل الأشجان، تذكّر الجنان، وما فيها من النّعيم والرضوان، ورؤية الرّحيم الرّحمن. فهذه آسيا بنت مزاحم رضي الله عنها زوج الطّاغية فرعون لما أعلنت إيمانها وإسلامها، توعدها الطاغية بتعذيبها وقتلها.. فالتجأت إلى ربها متضرعة مبتهلة فقالت:: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم:10]. وإنّ كتاب الله سبحانه، وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم زاخرة بذكر الجنة ونعيمها لأنها الحياة الحقيقية والأبدية. أمّا الحياة الدنيويّة فإنّما هي سفر من الأسفار، ورحلة إلى دار القرار. إنّ الجنّة ونعيمها لا يخطر على بال، ولا يتصوره خيال، قال صلى الله عليه وسلم: قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ رواه البخاري(3244)، وسلم (7310). وأما بناؤها فقد قال صلى الله عليه وسلم: الجنة بناؤها: لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس، ويخلد لا يموت، لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم صحيح الجامع (3116). لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأفعال والأقوال التي هي سبب في نيل ثواب عظيم وجزاء كريم وهو: بيت في الجنة. فها هو سردها بعد ما جمعتها ورتبتها، وفقنا الله وإياكم للعمل بها: 1 / من بنى مسجدا لله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة صحيح الجامع (6128). كمفحص قطاة : القطا طائر معروف أقل من الحمامة، وأكبر من العصفور، ومعنى ذلك مَوْضِعهَا الَّذِي تُخَيِّم فِيهِ وَتَبِيض. 2 / من سد فرجة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سد فرجة بنى الله له بيتا في الجنة، ورفعه بها درجة السلسلة الصحيحة (1892). من سد فرجة : فيه الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج. 3/ صلاة الضحى وأربع قبل الظهر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى الضحى أربعا وقبل الأولى أربعا بني له بيت في الجنة صحيح الجامع (6340). 4 / من ثابر على اثنتي عشرة ركعة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيت في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعده، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر صحيح الجامع (6362). 5 /من قرأ سورة الإخلاص 10 مرات: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ _ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ _ عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة صحيح الجامع (6362). 6 / من مات له ولد فحمد واسترجع: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسمّوه بيت الحمد صحيح الجامع (795). 7 / دعاء دخول السوق: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة وبنى له بيتا في الجنة صحيح الجامع (6231). رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وجعلنا من أولي الألباب الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * أبوعبد العزيز منير الجزائري هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته